في رابع شتنبر المقبل سيكون المغاربة على موعد مع الانتخابات الجماعية، وهي أول انتخابات ستجرى بعد إقرار دستور يوليوز 2011، وهو الدستور الذي اعتبر ولأول مرة الرياضة حقا دستوريا. في خضم الصراع الدائر بين الأحزاب السياسية لا أحد تساءل عن موقع الرياضة لدى الأحزاب، فبرامج معظم الأحزاب لا تتحدث عن الرياضة، لكن المثير للانتباه أنه عندما يتعلق الأمر بإنجازات تحققها الرياضة المغربية فإن الجميع يتسابق لالتقاط الصور، كما أنه عندما يتعلق الأمر بإخفاقات مدوية فإنهم جميعا، أغلبية ومعارضة يتسابقون لتصدر المشهد في البرلمان، وطرح أسئلة حول الإخفاق ومسبباته، ثم بعدها يستسلم الجميع للنوم في انتظار خيبة أخرى، هذا فضلا عن التسابق الحثيث لاستغلال الرياضة وبشكل مفضوح في المشهد السياسي. عند الاطلاع على الميثاق الجماعي، سنجد أن التنشيط الرياضي وإنجاز وصيانة وتدبير التجهيزات الرياضية من بين اختصاصات هذه المجالس، لكن عندما نطلع على الواقع سنجد أن «النخب» التي تدير هذه المجالس لا تحمل أية رؤية تنموية وإصلاحية في مختلف القطاعات، فما بالك بالقطاع الرياضي، الذي وجب التذكير أن الدولة تصفه ب»القطاع الحيوي والاستراتيجي» ! لنعرف المكانة التي يحظى بها القطاع الرياضي لدى الدولة علينا أن نستعرض بعض المؤشرات. لقد تمت دسترة الرياضة في دستور المملكة الجديد، وهو الأمر الذي دفع كثيرين إلى اعتبار الأمر خطوة مهمة، ونسي هؤلاء أن الدسترة ليست هدفا في حد ذاته، ولكن ما سيعقبها من إجراءات على أرض الواقع، تجعل الرياضة قولا وفعلا حقا دستوريا. قبل سنوات وبعد الإخفاق المدوي للرياضة المغربية في أولمبيا بكين عقدت بالصخيرات يومي 24 و25 أكتوبر 2008المناظرة الوطنية الثانية للرياضة، وهي المناظرة التي توجت برسالة ملكية قامت بما يشبه التشخيص لواقع الرياضة المغربية وأعطابها وقدمت الحلول أيضا، لكن للأسف الشديد فبدل أن تكون هذه الرسالة منطلقا للإصلاح الرياضي، وتواكبها إجراءات عملية، فإن الجميع أصبح يتحدث باسم هذه الرسالة، بينما واصلت الرياضة المغربية تقهقرها، والدليل ما وقع في أولمبياد لندن 2012 عندما حل المغرب في المركز 79 عالميا إلى جانب أفغانستان. على المستوى الحكومي وبدل أن يحظى القطاع الرياضي بما يستحق من اهتمام، على الأقل على مستوى تعيين وزير يحمل رؤية إصلاحية للقطاع، فقد تابعنا كيف أنه بعد إقالة الوزير السابق محمد أوزين من مهامه، قد تم تعيين الشيخ امحند العنصر لشغل هذا المنصب، هو الذي في ظرف ثلاث سنوات تم تعيينه في ثلاث وزارات، بداية من الداخلية حيث لم يترك أية بصمة، مرورا بقطاع التعمير، وصولا إلى الشباب والرياضة، حيث يبدو هذا القطاع اليوم كما لو أن «يد الميت» قد وضعت عليه، فقد أصبح في حالة جمود، أما السيد الوزير فإنه «يستمتع» بتقاعده المريح، دون أن يباشر أية إجراءات عملية. إن كثيرين يرون في الرياضة صوتا انتخابيا فقط، والرياضيين مجرد وجوه يمكن استغلالهم هنا أو هناك. عندما تحقق الرياضة المغربية نتائج جيدة، فإن الكل يريد التقاط الصور، والبهرجة، لكن ما هي الإجراءات العملية التي تم اتخاذها، أو القرارات الثورية إن صح التعبير التي تم التأشير عليها؟ لاشي، فوزارة الشباب والرياضة في حالة جمود، مع أنه من الأفضل فصل قطاع الرياضة عن الشباب، وإحداث مندوبية سامية للرياضة، مهمتها وضع القطاع على السكة الصحيحة، وتشخيص أعطابه، وتقديم وصفة العلاج. اللجنة الأولمبية بدورها في حالة تحنيط منذ سنوات طويلة، ذلك أنها منذ سنة 2006 لم تعقد أي جمع عام، ومازال الأموات أعضاء في مكتبها التنفيذي. على مستوى البنيات التحتية هناك تفاوت كبير داخل مغربنا السعيد، فهل يمكن إذا في ظل هذه الرؤية للمشهد الرياضي أن ننتظر من المجالس المنتخبة أن تضع القطاع ضمن اهتماماتها، هي التي يفكر معظم أعضائها في ما سيجنونه من أرباح شخصية. على مستوى الخطاب الرسمي الرياضة ضمن الأولويات، لكنها على مستوى الواقع ليست كذلك.