قبل أسبوع، بيع دينصور مغربي اسمه «سبينوصور» عمره 112 مليون سنة، بقاعة «دور مونتين» بباريس بمبلغ وصل إلى مائة ألف أورو، أجزاؤه الأصلية وبقايا عظامه وقطعه تم جمعها منطقة تسمى كينغين جنوب المغرب على مدى 25 سنة، وعمر هذه البقايا يعود إلى العهد الطباشيري ما بين 93 إلى 112 مليون سنة. دينصور بالكامل ذهب إلى فرنسا، وطبعا لم يحدث هذا عقب هزيمة إيسلي عندما تفاوض السلطان مولاي عبد الرحمان مع فرنسا، لكن يمكن لهذا الدينصور أن يغادر المغرب إبان الحماية أو بعدها، أو يمكن أن يتم نقله على غرار ملكية أراضي الأحباس التي تم نقلها، في زمن ما، إلى ملكية شخصية، أو يمكن أن يُنهب كما تنهب الرمال والأحجار والغابات وأموال المؤسسات العمومية، وفي حاضر العصر، نهب في جنح الظلام، بداية الثمانينيات، من مدينة وليلي، تمثال من الرخام لإله الخمر»باخوس» على عهد مديرة التراث في ذلك الوقت، وهي بالمناسبة زوجة حسني بن سليمان، وفي عهد المغرب المستقل نهبت العديد من التحف الأثرية نذكر منها العملة النقدية الذهبية للملك الأمازيغي جوبا، والتي يعود تاريخها إلى 40 سنة قبل الميلاد، و لا زال بنك المغرب يحتفظ لها فقط بالجذاذات، إلى جانب صورة جوبا وثعبان، وإلى حدود العشرية الأخيرة تبخرت قنوات للماء الصالح للشرب مصنوعة من الرصاص تعود إلى ما قبل الرومان، عثر عليها بنواحي العرائش، وإلى وقت قريب نهب مجموعة من الأفراد من قوات المينورسو التابعين للأمم المتحدة نقوشا صخرية بالصحراء، ولم يتم الانتباه إلى الوضع حتى فات الأوان. وما بين لقي أثرية ومعالم تاريخية وأدوات حجرية، أوقف الأمن الفرنسي في أمس قريب، عصابة متخصصة في سرقة الآثار والتحف كانت تنشط في المثلث الجزائري المغربي المالي، وحينها بعث المغرب فرقة من الشرطة العلمية وأطرا من وزارة الثقافة للتعرف على تحفنا المسروقة، وكان بإمكانهم أن يستردوا ما أرادوا أن يستردوه، لكن حين سمعت السلطات المغربية ببيع كتاب «الموطأ» بسويسرا، ذهبت لاستعادة هذه النسخة الفريدة، فطلب منهم الشخص الذي كانت بحوزته النسخة 200 مليون أورو، موضحا بأنه اشترى المخطوط بطريقة قانونية. وعلى عهد باحنيني سرق مخطوط كبير للقرآن الكريم يعود إلى 10 قرون. وعليه، ربما نكون قد فهمنا كيف تسربت مجموعة من اللقي والتحف إلى خارج الحدود، لكون بلدنا المفتوح والمنفتح على البر والبحر لا يتوفر على متخصصين في الآثار على مستوى إدارة الجمارك والدرك والشرطة. وما يعسر على الهضم ولا يفهم ولا «يصرط» أن تتقدم حكومتنا هذه الأيام إلى البرلمان بمشروع مؤسسة وطنية للمتاحف لا هي تابعة للوزير الأول ولا لوزير الثقافة وبلا مجلس إداري، ولا ندري هل سينطلق عملها بالبحث في المصير الغادر لمتحف المدينة العتيقة بمدينة البيضاء، الذي أسسه كل من ماجوريل وبراني مدير ليسي ليوطي في ذلك العهد، ومعمر الزاوي وهو من أصل جزائري وذلك منذ سنة 1919، وكانت به لوحات لماجوريل لا تقدر بثمن، والتي يصل ثمنها اليوم إلى خمسة مليارات سنتيم. إلى جانب زراب وحلي، ولم تفلت منها إلا عظام الولي الصالح سيدي عبد الرحمان التي نقلت إلى متحف الرباط. على أية حال لا شيء مؤكد، لأن المولود مشوه الخلقة، ولانظن أنه قادر على الاستقصاء في فاعل مجهول، وتحف لازال مصيرها مجهولا، على غرار المهدي بن بركة والرويسي والمانوزي، والتحف الأثرية التي ضاعت من متحف طنجة، ومن ستينية الباشا الكلاوي، ومابين الشمال والجنوب تحف عديدة اختفت في جنح النهار على مدار التاريخ، أوصارت تحمل علامة شانيل والتي هي في الأصل علامة مغربية في بعدها الأمازيغي العربي الإسلامي الإفريقي، تتوحد صدقا في التعبير عن الهوية، وتطرح سؤال البحث عن اختفائها القسري، وكيف ابتلعتها ديناصورات بشرية بلا ختم؟