«حالة الشعر والشعراء اليوم»، هو عنوان الندوة الخامسة الكبرى، التي نظمها منتدى أصيلة الثقافي الدولي السابع والثلاثون، الذي كان افتتاحها عشية يوم الأربعاء 5 غشت 2015، بمركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية بحضور عدد من الشعراء ورجالات الثقافة والفن والإبداع. افتتحت الجلسة الصباحية، بكلمة ترحيبية لمحمد بنعيسى رئيس منتدى أصيلة ورئيس المجلس البلدي ووزير الثقافة والخارجية، بعده أخذ الكلمة الشاعر المهدي اخريف، ليؤكد أن كلمة السيد محمد بنعيسى، أضاءت زوايا مهمة في الموضوع المطروح، وأن هذه الكلمة كذلك قوية الدلالة فيما يخص تأمل الوضع الشعري في المغرب والعالم العربي. بعد ذلك أعطى الكلمة للشاعر والروائي والباحث محمود عبد الغني، الذي تناول موضوعا يتساءل فيه «هل الشعر في أزمة؟. فاعتبر حسب تجربته الخاصة، بأن النثر والرواية يمارسان خداعا، لكنه في أطروحته لم ينخدع بالشعر، لأن القصيدة في نظره خاضعة للقراءة والكتابة والترجمة متسائلا عن مؤشرات الأزمة في الشعر، خاصة وأنه لم يكتب في أزمة الشعر وموته يضيف محمود عبد الغني، أي شيء أو أية دراسة في ذلك. فأصبحت في نظره فكرة موت الشعر فكرة شائعة، مؤكدا على أن الشعر لا زال حيا، ولا زال في الطليعة، بعدما بقي كذلك طيلة قرون. بعده تناول الكلمة، الشاعر منصف الوهايبي من تونس، معتبرا بأن سؤال حالة أو وضع الشعر سؤال قديم جديد، متسائلا عن جدوى هذا السؤال حاليا. مضيفا بأن اللغة العربية الفصحى، ما كانت لتكون، لولا الشعر، لأن لقاء الشعراء قديما بسوق عكاظ كان يقرب بين اللغات بالخروج من حيز اللهجات إلى اللغة، ولا يمكن يضيف الوهايبي، أن نفهم النص القرآني، إذا ما أغفلنا النص الشعري، ثم إن اللغة هي التي تحتاج إلى الشعر وليس العكس. بعده أخذ الكلمة الباحث والناقد عز الدين الشنتوف، ليتحدث في هذا الموضوع من خلال مداخلة تحمل عنوان : «من أجل شعر يفكر»، متحدثا عن الأزمة باعتبارها موتا وليست سقوطا في اعتقاد البعض، لكنها في نظره فقط تغيير وجهة النظر إلى الموضوع الذي ينظر إليه بأنه أزمة، ليخلص في جرده لوضعية أو حالة الشعر في العالم، لاستنتاج مهم، هو أن اهتمام بعض الدول بالشعر كتشيكوسلفاكيا، جنوب إفريقيا والمكسيك، أعادت النظر في المنظومة التعليمية. أما مداخلة الباحث والناقد خالد بلقاسم، فكانت بعنوان «استشكال الوضع الشعري الراهن»، وانبنت على ثلاثة مداخل بوصفها أسئلة تفتح إمكان الاقتراب من الاختلاف الناظم للوضع الشعري الراهن، المدخل الأول هو المقاومة الشعرية التي حددها المتدخل لا اعتمادا على القضايا والموضوعات، وإنما على الشعري الذي عده عملا على اللغة بوجه خاص. المدخل الثاني هو المعرفة الشعرية التي تناولها المتدخل من زاوية الخلفية التي تتطلبها الكتابة الشعرية، ومن زاوية المعنى الشعري الذي تنبه لأهميته الصوفية والمفكرون منذ زمن بعيد. أما المدخل الأخير، فهو استضافة القصيدة الحديثة للغات أخرى، وأنبناؤها على هوية منفتحة اعتمادا على بنية تركيبها. أما الجلسة الصباحية، الثانية فقد عرفت مداخلة الشاعر والباحث أحمد هاشم الريسوني التي تحمل عنوان «مقام الشعر، مقام الشعراء». فيما تساءل الشاعر عدنان ياسين حول وظيفة الشاعر وهل هو مجرد كاتب نصوص؟ بما أنه ابتعد عن القضايا الكبرى ومصائر الشعوب، وعلى أن عدوى نهاية الشعر انتقلت إلى الثقافة العربية، مستشهدا بأقوال الشعراء، وعلى أن اللغة العربية في حالة احتضار، وأن حالة الشعر الآن في درجة الصفر استنادا إلى قول سعدي يوسف. أما الناقد والكاتب بنعيسى بوحمالة، فقد قدم تشخيصا لحالة الشعر بالعالم العربي، ليخلص إلى أنه غير متفائل، وبأن الشعر يعيش خرابا، مع استثناء نقاط الضوء التي لخصها في بعض الأسماء، وعلى أن هذه الأزمة بدأت منذ بداية الثمانينيات، وارتبطت بالأزمة السياسية والقيمية والاقتصادية، خاصة وأن الشعر هو امتداد لكل ما هو مجتمعي. بعده تناول الشاعر والباحث محمد بودويك الكلمة، ليتقاطع في رأيه مع الكثير من الأفكار التي تفضل بها الأستاذ بوحمالة، مع إصراره كذلك على مسألة الأزمة الضاربة في الشعر العربي، مقارنة مع ما كان موجودا من الشعر، وعلى أنه لم يعد موجودا هناك الآن شاعر يستطيع استقطاب اهتمامات القارئ العربي، وعلى أن هذه الأزمة، ساهمت فيها أسباب عديدة من بينها النقد والإعلام والاستسهال عند الشباب الذين أصبحوا يكتبون خواطر وليس شعرا، لأن الشعر في نظره هو اللغة وسلامتها، ثم إن الشعر يضيف بودويك هو الذي طور اللغة. أما فيما يخص جائزة بلند الحيدري للشعراء العرب الشباب، التي عرفت دورتها الخامسة، عشية اليوم نفسه وفي المكان نفسه، أعلنت الجنة عن أسماء الفائزين، حيث فازت الشاعرة المغربية (سكينة حبيب الله)، والشاعر الأردني (عبد الله ابو بكر) بهذه الجاهزة مناصفة وصلت قيمتها 10.000 دولار، مع تسليمهم سعفة تذكارية لكل منهما، لكن قبل الاحتفاء بهما ودعوتهما لقراءة مقاطع من نصوصهما الفائزة، افتتح جلسة هذا الاحتفاء السيد محمد بنعيسى، منوها بمجهودات أعضاء لجنة الجائزة وكل عضو فيها، وعلى رأسهم الشاعر المهدي اخريف رئيساً، والمنسقة الشاعرة إكرام عبدي، بالإضافة إلى أعضاء اللجنة الآتية أسماؤهم: الباحث والأديب عبد الله ولد باه، والشاعرة وفاء العمراني من المغرب، والشاعر والكاتب محمود قرني من مصر، والأديبة والكاتبة زليخة أبو ريشة من الأردن.