نهاية أزمة طلبة الطب والصيدلة: اتفاق شامل يلبي مطالب الطلبة ويعيدهم إلى الدراسة    الحكومة: سيتم العمل على تكوين 20 ألف مستفيد في مجال الرقمنة بحلول 2026    أسعار الغذاء العالمية ترتفع لأعلى مستوى في 18 شهرا    هولندا.. إيقاف 62 شخصا للاشتباه في ارتباطهم بشغب أحداث أمستردام    التصفيات المؤهلة لكأس إفريقيا لكرة السلة 2025.. المنتخب المغربي يدخل معسكرا تحضيريا ابتداء من 11 نونبر الجاري بالرباط    الطفرة الصناعية في طنجة تجلعها ثاني أكبر مدينة في المغرب من حيث السكان    دوري الأمم الأوروبية.. دي لا فوينتي يكشف عن قائمة المنتخب الإسباني لكرة القدم    امستردام .. مواجهات عنيفة بين إسرائيليين ومؤيدين لفلسطين (فيديو)    من مراكش.. انطلاق أشغال الدورة الثانية والعشرين للمؤتمر العالمي حول تقنية المساعدة الطبية على الإنجاب    الحجوي: ارتفاع التمويلات الأجنبية للجمعيات بقيمة 800 مليون درهم في 2024    هذه الحصيلة الإجمالية لضحايا فيضانات إسبانيا ضمن أفراد الجالية المغربية    المغرب يشرع في استيراد آلاف الأطنان من زيت الزيتون البرازيلي    ظاهرة "السليت والعْصِير" أمام المدارس والكلام الساقط.. تترجم حال واقع التعليم بالمغرب! (فيديو)    بيع أول لوحة فنية من توقيع روبوت بأكثر من مليون دولار في مزاد    "إل جي" تطلق متجرا إلكترونيا في المغرب    الأمانة العامة للحكومة تطلق ورش تحيين ومراجعة النصوص التشريعية والتنظيمية وتُعد دليلا للمساطر    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    محامو المغرب: "لا عودة عن الإضراب حتى تحقيق المطالب"    كوشنر صهر ترامب يستبعد الانضمام لإدارته الجديدة    بورصة البيضاء تستهل التداول بأداء إيجابي    بعد 11 شهرا من الاحتقان.. مؤسسة الوسيط تعلن نهاية أزمة طلبة كلية الطب والصيدلة    هزة أرضية خفيفة نواحي إقليم الحوز    "أيا" تطلق مصنع كبير لمعالجة 2000 طن من الفضة يوميا في زكوندر        نقطة واحدة تشعل الصراع بين اتحاد يعقوب المنصور وشباب بن جرير    الهوية المغربية تناقَش بالشارقة .. روافدُ وصداماتٌ وحاجة إلى "التسامي بالجذور"    مصدر من داخل المنتخب يكشف الأسباب الحقيقية وراء استبعاد زياش    بحضور زياش.. غلطة سراي يلحق الهزيمة الأولى بتوتنهام والنصيري يزور شباك ألكمار    الجولة ال10 من البطولة الاحترافية تنطلق اليوم الجمعة بإجراء مبارتين    طواف الشمال يجوب أقاليم جهة طنجة بمشاركة نخبة من المتسابقين المغاربة والأجانب    الجنسية المغربية للبطلان إسماعيل وإسلام نورديف    مجلة إسبانية: 49 عاما من التقدم والتنمية في الصحراء المغربية    متوسط عدد أفراد الأسرة المغربية ينخفض إلى 3,9 و7 مدن تضم 37.8% من السكان    رضوان الحسيني: المغرب بلد رائد في مجال مكافحة العنف ضد الأطفال    ارتفاع أسعار الذهب عقب خفض مجلس الاحتياطي الفدرالي لأسعار الفائدة    كيف ضاع الحلم يا شعوب المغرب الكبير!؟    تحليل اقتصادي: نقص الشفافية وتأخر القرارات وتعقيد الإجراءات البيروقراطية تُضعف التجارة في المغرب        تقييد المبادلات التجارية بين البلدين.. الجزائر تنفي وفرنسا لا علم لها    إدوارد سعيد: فلاسفة فرنسيون والصراع في الشرق الأوسط    طوفان الأقصى ومأزق العمل السياسي..    حظر ذ بح إناث الماشية يثير الجدل بين مهنيي اللحوم الحمراء    المنصوري: وزراء الPPS سيروا قطاع الإسكان 9 سنوات ولم يشتغلوا والآن يعطون الدروس عن الصفيح    طلبة الطب يضعون حدا لإضرابهم بتوقيع اتفاق مع الحكومة إثر تصويت ثاني لصالح العودة للدراسة    خمسة جرحى من قوات اليونيفيل في غارة إسرائيلية على مدينة جنوب لبنان    إسبانيا تمنع رسو سفن محملة بأسلحة لإسرائيل في موانئها    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    "المعجم التاريخي للغة العربية" .. مشروع حضاري يثمرُ 127 مجلّدا بالشارقة    قد يستخدم في سرقة الأموال!.. تحذير مقلق يخص "شات جي بي تي"    الأمازيغية تبصم في مهرجان السينما والهجرة ب"إيقاعات تمازغا" و"بوقساس بوتفوناست"    الرباط تستضيف أول ورشة إقليمية حول الرعاية التلطيفية للأطفال    وزارة الصحة المغربية تطلق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بوصوف: الحكومة خرقت الدستور وتريد تقزيم صلاحياتنا لكننا لن نسكت عن ذلك
قال إن الأحزاب السياسية تريد تسييس قضية الجالية وإن المجلس لن يسمح بهذا الأمر
نشر في المساء يوم 07 - 08 - 2015

لا يتحدث كثيرا، لكن حينما يتحدث، يزعج، هو الوحيد الذي ظل يوجه نقدا قاسيا إلى حكومة عبد الإله ابن كيران دون أن يشن الإسلاميون الحرب ضده. في الخطاب الملكي الأخير، بدا أن مجلس الجالية صار «جوكيرا» حقيقيا بعد أن دعا الملك الحكومة إلى تثمين خبرته، عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية، يبوح بكل شيء إلى مستمعي راديو «إم إف إم» وقراء جريدة «المساء» في حوار خاص حول مشاكل الجالية وعن رؤية المجلس لتدبير ملف الهجرة بنفس جديد.
– تحدث الملك بحرقة كبيرة عن قضايا الجالية، وبدت لغة الخطاب صادقة في الحديث عن مشاكلها، بل إن الملك وجه نقدا قاسيا إلى بعض القناصلة الذين يتقاعسون في خدمة مصالحهم، ما هي الدلالات التي حملها الخطاب الملكي الأخير؟
الخطاب الملكي كان خطابا تاريخيا لما حمله من دلالات رمزية وإنسانية. فعندما يتطرق الملك في خطابه إلى معاناة أفراد الجالية، فإنه يضع قضية الجالية ضمن أولوياته، بحيث يعتبرهم رعاياه الأوفياء الذين يعيشون في المهجر، بالتالي يستدعي الأمر حرصا أكبر على قضاياهم أكثر من الحرص على قضايا المواطنين الذين يعيشون داخل البلد، لأنهم يعيشون صعوبات مجتمعية في تلك المجتمعات. إضافة إلى الصعوبات الإدارية التي يتعرضون لها من أجل قضاء مصالحهم لدى الممثليات القنصلية أو الإدارات المغربية المختلفة. لذا كان الملك في خطابه صريحا خاصة عندما تحدث عن أنه حصل على مصادر معلومات من غير المصادر الرسمية التي تمرر عبر التقارير التي يشرف عليها بنفسه. هذا التقصي الذي ينهجه الملك، مثلما كان يفعله الخلفاء الراشدون، يدعو للافتخار، فهو من الناحية الرمزية يبذل جهدا شخصيا من أجل التعرف والتأكد مما يصل إليه من أخبار ومن تقارير، وهذا يعني شيئا واحدا أن قضية الجالية في أياد آمنة.
– الخطاب الملكي يؤشر على وجود أزمة حقيقية ولغة الخطاب توحي بوجود شيء ما ليس على ما يرام. ما الذي يحدث بالتحديد ليتحدث الملك عن أمور إدارية ويشير إلى بعض القناصل الذين يقضون مصالحهم الشخصية والسياسية بدل الاهتمام بقضايا المهاجرين؟
ما ورد في الخطاب بوجود من يقوم بمهامه على أحسن وجه، كما أن هناك من لا يقوم بمهامه على أحسن وجه، وبالتالي تضيع مصالح الجالية بانشغاله بقضاياه الخاصة أو بقضايا سياسية. ونحن على علم بمعاناة الجالية فثمة، على سبيل المثال، من يقطع 200 كيلومتر أو أكثر للوصول إلى القنصلية للحصول على وثيقة إدارية وعند الوصول قد يقابل بالرفض أو عدم الاحترام في استقباله، هذا ما جعل الخطاب يتضمن نوعا من المرارة على ما تعانيه الجالية.
ونحن نتقاسم مشاكل الجالية لأننا منذ مدة ونحن ننادي بإعادة النظر في المقاربات التي نقوم بها كحكومة فيما يتعلق بملف الجالية المغربية، فطالما نادينا بضرورة جعل قضية الجالية في مصاف القضايا الوطنية، وأن نبتعد بها عن المزايدات السياسية ودائما كنا نقول إنه يتوجب القيام بعملية إنصات للتوصل إلى عمق المشاكل التي تعيشها الجالية.
– هل تقصد أن هناك هيئات سياسية تريد أن تحول قضية وطنية إلى قضية للمزايدات فقط أو بصيغة أخرى، هل قضية الجالية سياسية في جوهرها؟
مآخذنا على الهيئات السياسية المغربية منذ السنة الماضية وخاصة في شهر غشت الماضي بعد اليوم الوطني للمهاجر هو الابتعاد عن تسييس قضية الجالية، لكن هذه الهيئات ضخمت الحديث عن الجانب السياسي وبالمقابل غيبت المشاكل الحقيقية التي يعاني منها المهاجر. وقلنا وقتها بأن هناك مشاكل تعتبر أولوية بالنسبة للمهاجر والأولى أن نهتم بها، فالمجتمعات الأوربية خاصة والتغيرات التي عرفتها منذ سنة 2008 وتلتها الأزمة الاقتصادية وصعود اليمين المتطرف ومواجهة الإسلاموفوبيا، كلها أسباب جعلت الجالية مضغوطا عليها في كثير من الدول وبالتالي معاناتها تضاعفت عما كانت عليه من قبل في عدة مجالات كمشكل السكن والصحة والتمدرس في بلدان كثيرة كإسبانيا وإيطاليا تضررت من جراء الأزمة، دون أن ننسى الحديث عن التمزق الهوياتي الذي يعيشه أبناء الجالية خاصة فيما يتعلق بالتدين.
جاء في الخطاب الملكي بالحرف: «لتعزيز مشاركة مغاربة الخارج في الحياة الوطنية ندعو لتفعيل مقتضيات الدستور لإدماج ممثليهم في المؤسسات الاستشارية وهيئات الحكامة ومؤسسات الديمقراطية التشاركية»، وقد دعا الملك إلى الاستفادة من الخبرة التي راكمها المجلس، ما الذي قمتم به بالتحديد طيلة سنوات اشتغالكم
نحن دائما في المجلس نعترف أن المشاركة السياسية جزء من مطالب شريحة من الجالية المغربية، لكنها ليست المطلب الأساسي للجالية، وكنا نتوجه بالنداء دائما إلى الحكومة من أجل تفعيل بنود الدستور، وقلنا مرارا إن بعض الأمور لا تحتاج حتى إلى عملية تشريعية كما هي مسألة المشاركة السياسية. خلال اللجنة الوزارية التي انعقدت في الشهر الماضي تحدثت عن آخر هيئة أنشئت في المغرب، وأقصد مرصد «صورة المرأة في الإعلام الوطني»، لكن، مع كامل الأسف، تم تغييب الجالية عن هذا المرصد ولم يكن بعد الهجرة حاضرا بأي شكل من الأشكال.. لقد طالبنا جميع المجالس الوطنية أن تكون الهجرة ممثلة لأن بعد الهجرة بعد أساسي للحياة الوطنية باعتبار أن الجالية المغربية تشكل أزيد من 10 في المائة من السكان المغاربة وتساهم بأكثر من 10 في المائة من الدخل القومي الوطني ومصالحها مرتبطة بالتطورات التي يعرفها المغرب وهذه الهيئات والمؤسسات الوطنية أصبحت تلعب الآن دورا مهما في رسم السياسات العمومية، لذا فوجود الجالية المغربية داخلها سيمكنها من التعبير عن انتظاراتها وعن حاجياتها وإيصالها إلى من يهمه الأمر، الذي هو الفاعل الحكومي عبر هذه المجالس التي تنجز تقارير وتقدم مذكرات وترسم خططا سنوية. أعني أن هذا التغييب هو في نهاية المطاف نوع من الإقصاء يمارس في حق جاليتنا في المغرب.
– من بين المهام المسنودة إلى مجلسكم، مراقبة العمل الحكومي، نريد أن نعرف رأيك في حصيلة الحكومة طيلة أربع سنوات في مجال الهجرة؟
هذا هو الدور المنوط بنا، وكنا دائما نستحضر هذا البعد في عملنا، وفي سنة 2013 توجهنا بمذكرة إلى رئيس الحكومة قبل مروره في الجلسة الأولى التي خصصت بمجلس المستشارين لمناقشة قضايا الجالية، وقمنا بجرد لأهم التحديات التي تواجه ملف الهجرة، وتضمنت بالإضافة إلى ذلك، تقييما للسياسات العمومية التي كانت متبعة كعدم التنسيق بين الهيئات المختلفة المنوط بها العمل في ملف الهجرة. وبخصوص قضية تعليم اللغة العربية لأبناء الجالية وما تعرفه من اختلالات، طالبنا بتصحيحها ومضاعفة الجهود خاصة مع التحديات التي تواجههم في المهجر والمؤثرات الدينية السلبية التي تأتي من أماكن مختلفة دخيلة.
– فيما يخص القضية المتعلقة بالتنسيق، هناك حديث بأن العلاقات بين وزارة الجالية وبين مجلسكم ليست على ما يرام وأن هناك غيابا تاما للتنسيق بين مؤسستين كبيرتين يناط بهما الاهتمام بقضايا الجالية، إلى درجة أن العلاقات بينهما أصبحت متوترة، هل بالفعل هناك سوء فهم كبير يسود العلاقة بين الطرفين؟
الإشكال يكمن في الإنصات أو الأخذ بما يقوله المجلس في القضايا المتعلقة بالهجرة، باعتبار أن المؤسستين مختلفتين في مهامهما. فمؤسسة الوزارة هي مؤسسة تنفيذية للسياسات العمومية الخاصة بالهجرة والمجلس هو مؤسسة لتقييم هذه السياسات وبالتالي ينظر إلينا، دائما بنوع من الاحتراس والتوجس.
– هل هذا التوجس مبرر؟
ليس مبررا تماما، لكن لم نستأنس بعد بالدور الذي من الممكن أن تقوم به المؤسسات الاستشارية وربما نستخف به. بمبرر أن الحكومة منتخبة ولديها شرعية صناديق الاقتراع وتتوفر على الأغلبية البرلمانية.
سننتقل إلى محور التدبير المالي لقطاع الجالية، هل ميزانية مجلسكم بالمقارنة مع القطاعات الوزارية الأخرى، تتسم بنوع من التكافؤ بالنظر إلى المهام المسنودة إليكم؟
شكرا على هذا السؤال، فالميزانية المخصصة لقضية الجالية تلقينا بسببها انتقادات من الجالية نفسها، وما ينبغي معرفته في هذا الصدد أن ميزانية المجلس تعد الميزانية الأقل بين ميزانيات المؤسسات العمومية ومجموع الميزانية المخصصة للجالية هي في حدود مليار درهم ويخصص للمجلس فقط خمسة في المائة منها، لكن على الرغم من ضعف الميزانية إلا أن المجلس يقوم بمجهودات كبيرة. وهنا نطلب من الحكومة التوجه إلى المجلس للاستفادة من الدراسات بالمجان خاصة أنه يمتلك أطرا راكمت منذ إنشائه خبرات مهمة في مختلف مناحي قضايا الهجرة والجالية تجعلها متمكنة من إنجاز دراسات سيستفيد منها الفاعل السياسي.
في الخطاب الملكي الأخير أشار الملك إلى الخبرة والتجربة التي راكمها مجلسكم في ما يتعلق بقضايا الجالية. هل يمكن أن نقول إن الملك بدد التوجس الذي أشرت إليه سلفا؟
الخطاب الملكي أعطى قوة للمجلس، ونحن بدورنا سنمارس مهامنا الرقابية على الأداء الحكومي بكل مسؤولية، لأن الأمر يتعلق بحقوق المواطنة للجالية المغربية بالخارج. فلا يمكن أن نقبل بهذه الفوضى الحاصلة في المؤسسات العاملة في مجال الهجرة، سيما أننا نتحول إلى مادة للسخرية من طرف السفارات وحتى الدول الأجنبية فيما يتعلق بتدبير ملف المهاجرين.
بين الاتحاد الأوربي والمغرب تاريخ طويل من المفاوضات وشد الحبل في قضايا كثيرة منها ما أثير أخيرا عن قضية الضمان الاجتماعي في الكثير من البلدان الأوربية، وقد بدا في الكثير من المرات أن المغرب يفتقد للحس التفاوضي..
تفتقد الحكومة لاستراتيجية تفاوضية مع حكومات الاتحاد الأوربي في ما يتعلق بهذه الاتفاقيات، بالأخص إذا ما ذكرنا بأنه ثمة اتفاقيات شاخت ويجب تحيينها.
ما يطالب به المجلس يتمثل في استحضار إشكالية الهجرة والاتفاقيات المبرمة مع الدول الأوربية في كل النقاشات التي تهم القضايا الكبرى، إذ لا يمكن أن نعزلها في نقاشنا وإنما أن نناقشها ضمن الملفات الكبرى التي تجمع بلدنا بهذه البلدان، وأن نتناقش قضية الهجرة ضمن ملف التعاون الأمني، وضمن المصالح الاقتصادية أيضا حتى نستطيع الحصول على أكبر قدر من المكاسب لأفراد الجالية المغربية في الخارج.
– هل يمكن أن يؤثر استحضار البعد الأمني في التعاطي مع الدول الأوربية على قضايا المهاجرين؟
لا يمكن أن يؤثر، فقط نطالب أن يدمج ملف الهجرة ضمن ملفات هذه القضايا من أجل تعزيزها والحصول على أكبر قدر من المكاسب. فالتفاوض مع الدول يتم عن طريق تبادل المصالح، لذا يجب أن تكون القضايا مجتمعة حتى نقدر على إحراز أكبر قدر من المصالح لبلدنا ولجاليتنا، فلا يمكن أن تعزل قضايا الهجرة في النقاش مع دولة ما لأن الدول الأوربية ربما تملك أوراقا رابحة في ما يتعلق بالهجرة لا نستطيع أن نصمد في عملية تفاوضية أمامها، لذا لابد من اللجوء إلى ملفات أخرى نملك فيها أوراقا رابحة من أجل تبادل المصالح.
– في نظركم، هل نجحت الحكومة في تدبير قطاع الهجرة؟
لا يمكن القول إنها نجحت، رغم العمل المهم الذي تقوم به لكن الحكومة في حاجة إلى عملية تحسن، وما الخطاب الملكي إلا دليل على ذلك خاصة أنه أشار إلى وجود نقص في الأداء. لذا لابد الآن أن يتغير وضع المؤسسات ودور الفاعل الحكومي لأن الهجرة لها وضع قوي يجب أن يترجم عمليا بحضور مماثل في جميع المؤسسات لأن الملاحظ الآن وجود هوة شاسعة بين الخطاب في بعض الأحيان وبين الواقع، إذ في الخطاب الكل عندما يتحدث ينوه بقضية الهجرة والجالية المغربية ومساهمتها، لكن الواقع يختلف تماما ولا يعكس صورة الخطاب لذا يجب أن نأخذ بعد الهجرة في جميع السياسات العمومية وأن يكون له حضور في جميع المقاربات التي نقوم بها.
سبق وطرح أحد المهاجرين مشكل الملحقين الثقافيين في القنصليات وعدم الاستفادة من خدماتهم، وقد توقف الخطاب الملكي طويلا عند قضية القناصلة ووجه إليهم نقدا قاسيا..
يجب إعادة النظر في مهام المستشار الثقافي في سفاراتنا لأنه لا يقوم بأي دور، وحين سألت أحد المستشارين في فرنسا عن مهمته، أجابني أنه يقوم بتوقيع المنح عكس المستشارين الثقافيين الآخرين في السفارات الأجنبية الأخرى، كما في السفارة الإيرانية مثلا. لذا لابد من إعادة النظر في دور المستشار الثقافي والاقتصادي والسياسي أيضا ونحن لدينا كفاءات داخل الجالية المغربية بإمكانها أن تضيف إضافة حقيقية لدور المستشار، لذلك طلبنا من وزارة الخارجية أن تدمج هذه الكفاءات في سلك العمل الدبلوماسي.
– هل هناك مؤسسات وراء تكريس الصورة النمطية للمهاجر وهي أنه مجرد بقرة حلوب؟
من يسعى وراء الربح يكرس هذه الصورة بالطبع، ولكن بفضل الأوراش التنموية التي فتحها الملك تغير المغرب خاصة التطورات التي عرفتها الهجرة، وعلى هذا الأساس يتوجب علينا أن نأخذ هذه التغييرات بعين الاعتبار. فالهجرة المغربية استطاعت أن تنتج نخبا من رجال ونساء أعمال وتنتج طبقة وسطى مهمة من الممكن الاستفادة منها حتى في التحويلات، ولا ضير في ذلك ولكن يجب أن نشجع أيضا على الاستثمار. ونظرا لضآلة نسبة الاستثمارات بسبب ضعف الأداء البنكي فإن المهاجر لا يتعرف على الجوانب التي يمكن للمغرب أن يستثمر فيها، الشيء الذي يحتم علينا أن نسعى إلى استقطاب خبرات الجالية من أجل الاستثمار وأن نعمل على الاستفادة من هذه الخبرات دون الاضطرار لدفع كلفة جلب الخبرات.
– من خلال الخطاب الملكي في معرض حديثه عن المجلس جاء فيه «من أجل إقامة مجلس يستجيب لتطلعات أبنائنا بالخارج»، هل يفهم من هذا أنها دعوة ملكية لإعادة بناء المجلس خصوصا أن المجلس تأسس في ظل الدستور القديم؟
المجلس الحالي يعيش مرحلة انتقالية منذ الوهلة الأولى، وبيان الديوان الملكي التأسيسي للمجلس جاء فيه «في انتظار إقامة مجلس أكثر تمثيلية يستجيب لحاجيات أبناء الجالية» لذلك لابد من التفكير في النسخة الثانية للمجلس ولابد أن يتغير ويواكب التحولات بإدراج نسبة مهمة من الشباب في المجلس باعتبار أن الجالية المغربية الآن جالية شابة فأكثر من 55 في المائة تتراوح أعمارهم بين 30 و 55 سنة، ولابد أيضا من إدراج العنصر النسوي ضمن تركيبة المجلس. كما نرى أن تمثيليات المهاجرين في المجلس خارج أوربا ضعيفة.
– ما الصيغة الجديدة التي تقترحونها لإعادة بناء المجلس، هل تريدون صلاحيات أكبر في ما يتعلق بتدبير قطاع الهجرة ؟
باعتبار أن المجلس استشاري واستشرافي كما جاء في الدستور، والصلاحيات التي أعطيت له في اعتقادي مهمة جدا، لكن الحكومة تتجاوز هذه الصلاحيات وآخرها تقديم مشروع قانون للبرلمان يتعلق بالهجرة وتم التصويت عليه دون أن تتم إحالته على المجلس على الرغم من أن الدستور صريح بهذا الشأن: الحكومة تخرق الدستور بتجاوز هذه الصلاحيات. المشكل الأساس هو احترام الصلاحيات من طرف الفاعل الحكومي.
– هل هذا يعني أن هناك نية مبيتة لتقزيم صلاحياتكم؟
نحن سنتخذ موقفا صارما في وجه كل من يحاول إقصاء المجلس أو تقزيم صلاحياته وسنتشبث بهذه الصلاحيات وسنقوم بدورنا الرقابي كما يجب على الأداء الحكومي تجاه قضايا الجالية المغربية. والمجلس لديه تصور من أجل إحداث المجلس المقبل ولدينا مجموعة عمل تشتغل على المواطنة والمشاركة السياسية قد بلورت تصورا للمجلس المقبل وستقدم للملك من أجل النظر فيها.
– في خضم الحديث الدائر عن المشاركة السياسية للجالية، وباعتباركم مؤسسة تمثل الدولة هل هناك تخوف من انتقال النقاش حول القضايا السياسية الكبرى إلى الخارج بحيث تتم المناقشة بنوع من الازدواجية داخل البلد وخارجه؟
في معرض الإجابة عن هذا السؤال طرحنا أسئلة مهمة لم يجب عنها الفاعل السياسي، من بين هذه الأسئلة: ما هي الجهة المخولة قضائيا للاحتكام في حالة ما إذا أراد أحد الجانبين أن يطعن في نتائج الانتخابات؟ هل سيتم اللجوء إلى فرنسا وهنا سنسمح لها بالتدخل في قضية وطنية أم ستحال على القضاء المغربي وهنا سيحكم المغرب في قضية دولية، وعدم الإجابة عن هذه الأسئلة يدل على أنه لا يراد للجالية المشاركة في الانتخابات.
– أشار الملك في خطابه إلى ضرورة التنسيق بين كل المؤسسات في قضايا الجالية، بمعنى أن الملك واع بغياب التنسيق وأن كل مؤسسة تعمل على حدة، متى يمكن أن ينتهي ما يمكن تسميته بالعبث؟
ليست هناك مشاكل وإنما عدم احترام للصلاحيات وأسوق مثالا على ذلك، فمجموعة من القطاعات الحكومية تقوم بأنشطة خارج الوطن منها وزارة الثقافة ووزارة الهجرة و مؤسسة الحسن الثاني و مؤسسات أخرى، و ليس هناك رابط بين هذه الأنشطة. فما يقترحه المجلس على الحكومة هو التنسيق وإحداث وكالة خاصة للفعل الثقافي من أجل عقلنته ليوجه لمغاربة العالم.
– من الملاحظ أن اهتمامكم بالمجال الديني بدأ يكبر، فهل هو حدث طارئ أم هو جزء من الفلسفة التي قام عليها المجلس؟ وهل هناك تنسيق بين المؤسسات المكلفة بالأمور الدينية كالمجلس الأعلى أم أن الحال كما هو عليه في الجانب الثقافي؟
ربما يمكن الحديث عن الحد الأدنى من التنسيق وبالنسبة لنا فالعمل الديني منصوص عليه في الظهير المنظم للمجلس بيد أن التنسيق لم يصل إلى الدرجة التي نريدها. ما يدفعني إلى الاستغراب أن الجيل الجديد من الشباب لا يجد المراجع الدينية الكافية حول المذهب المالكي المغربي المتسم بالاعتدال وحينما أتجول ببعض المكتبات الأوربية، أجد مراجع خطيرة ويمكن أن تكون لها عواقب وخيمة على تدين المغاربة المقيمين بالخارج وبالتالي علينا أن نتحرك في أقرب فرصة.
– يجب أن نعترف أن كل المؤسسات المشتغلة في مجال الجالية عجزت عن بلورة سياسة إعلامية تتعلق بقضية المهاجرين؟
ما نلاحظه عن صورة المهاجر في الإعلام الوطني عرفت تطورات مهمة في الآونة الأخيرة ولكن مازالت تكتسي طابع النمطية، وما يلاحظ أيضا أن الجسم الصحفي المغربي يعالج المعلومة من مصادر خارجية أوروبية لأنه لا يمتلك الإمكانيات للوصول إلى المصدر الأول. ونحن في المجلس نفكر مع مجموعة من الصحفيين في المساعدة وإيجاد برنامج يتطور فيه الصحفيون المغاربة من أجل التنقل والحصول على مادة صحفية لما يعيشه مغاربة العالم.
– هل أنتج الإعلام العمومي المغربي برامج لخدمة قضايا الجالية المغربية بعيدا عن القوقعة التي تحصر المهاجر في الصورة النمطية المتداولة؟ وهل تم التعاون مع وزارة الاتصال في هذا المجال ؟
لابد من تكثيف الجهود من أجل دراسة البرامج الموجهة للجالية المغربية في الإعلام العمومي وعلى المجلس الاشتغال عليها. واعتقادنا كمجلس للجالية أنها ليست في المستوى المطلوب للانتظارات و الحاجيات وهذا عائد بالأساس إلى قلة الإمكانيات الموفرة للصحفيين المغاربة وانعدام رؤية واستراتيجية موحدة في هذا المجال، لذا يجب التعاون بين معاهد الإعلام ومؤسسات الإعلام العمومي للارتقاء بإعلامنا الوطني ليصير قادرا على مجاراة الإعلام الغربي.
– هل يمكننا القول إن الإعلام الغربي إلى حد الآن لم ينجح في تقديم صورة حقيقية عن المهاجر المغربي؟
في أوربا هناك صحافة تبحث عن الإثارة، ففي فرنسا عندما تحدث أعمال إجرامية تنسب للمهاجر المغربي بينما عندما تحقق بطولات تنسبها إليها وهذا واقع مرير يعاني منه المهاجر المغربي ورغم ما يقوم به هذا المهاجر من أنشطة إيجابية إلا أنه لا يتم الانتباه إليها. لذا يجب أخذ مسألة التحري وتمحيص المعلومة والنقد الذاتي بعين الاعتبار في العملية الصحفية للحصول على نتائج تعود بالإيجاب على المهاجر الذي يتضرر من الصحافة الغربية ومآخذها على المهاجرين ودينهم الإسلامي وانتمائهم العرقي.
– نريد رأيك في ثلاثة أسماء:
عبد الإله ابن كيران: فاعل سياسي يقوم بما يمليه عليه ضميره، أدعوه فقط أن يربط العمل السياسي بالتفكير العقلاني
إدريس اليزمي: شخصية سياسية مغربية تشتغل في مجال حقوق الإنسان وتدافع عن المغرب في المحافل الدولية ويجب أن ننوه بعمله
أنيس بيرو: شخص يشتغل وكأنه فرد من الجالية ويشتغل بعواطفه فقط عليه أن يشتغل وفق مساطر يتفق عليها الجميع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.