أعلن الفرنسي ميشيل بلاتيني ترشحه رسميا لرئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم، خلفا للسويسري جوزيف سيب بلاتير، الذي استقال من منصبه، إثر تفجر فضائح الفساد ب»الفيفا»، ويبدو بلاتيني اليوم مرشحا قويا للظفر بهذا المنصب، علما أنه حتى اللحظة فإن له منافسا وحيدا هو الكوري الجنوبي تشونغ موون جوون. لقد كان بلاتيني وحتى وقت قريبا حليفا قويا لبلاتير، قبل أن تفرق بينهما السبل ويتحول إلى واحد من أشد أعدائه، إذ ظل يتحين الفرصة للإطاحة به، لذلك، لم يكن يتردد في انتقاد بلاتر، وفي شن حملة قوية ضده. لكن بلاتيني الذي تعلم من بلاتير الدهاء، وذكاء الثعالب لم «يجازف» بترشحه في الانتخابات الأخيرة التي أعلنت فوز بلاتر، وراهن على الوقت، وعلى ملفات الفساد ليعبد الطريق أمام توليه رئاسة الفيفا. لقد كان بلاتيني يعرف أن إزاحة بلاتر من منصبه يعد أمرا مستحيلا، فالرجل يملك كل الأوراق بين يديه، ومعظم الاتحادات تدين له بالولاء لأسباب يطول المجال لشرحها، لذلك، دعم بلاتيني في الانتخابات الأخيرة التي جرت بزيوريخ الأمير الأردني علي بن الحسين، فقد كان ترشيح الأخير رسالة لبلاتر وأيضا بالون اختبار حقيقي لجس النبض، ورغم أن بلاتيني أعلن دعم الاتحاد الأوربي لعلي بن الحسين، ورغم فضائح «الفيفا» التي ألقت بظلالها على مؤتمر الاتحاد الدولي بزيوريخ، إثر اعتقال أعضاء وازنين في «الفيفا»، فإن بلاتر فاز بالأغلبية، بل وحصل على مايقارب 20 صوتا من أوروبا بينها صوتي فرنسا بلد بلاتيني، وإسبانيا. بعد أن اشتدت ضغوط الولاياتالمتحدةالأمريكية على بلاتر، وقرر الأخير الاستقالة من مهامه، دخل بلاتيني مرحلة جديدة، إذ بدأ في حشد الدعم، والتسويق لترشيحه، لذلك أعلن أنه أصبح واردا أن يدخل سباق المنافسة على رئاسة «الفيفا»، قبل أن يؤكد أنه في غضون أسبوع يعلن موقفه النهائي، ثم في نهاية الأمر قدم ترشحه الرسمي لرئاسة «الفيفا»، مع أنه كان واضحا أن بلاتيني سيترشح فحاجز بلاتير انهار، والطريق أمام بلاتيني تبدو مفتوحة، خصوصا أن قارتي إفريقيا وآسيا اللتين تتوفران على أكبر نسبة من الأصوات لم تتفقا على مرشح واحد، بل ومازال عدد من المسؤولين هنا وهناك يتحسسون رؤوسهم، وبينهم الكامروني عيسى حياتو. عندما سئل بلاتيني عن فضائح الفساد التي هزت «الفيفا» قال:» «أنا أول شخص شعر بالاشمئزاز من هذا، أشعر باضطراب في المعدة عندما أفكر في مشكلة الفيفا»، لكن بلاتيني الذي يقدم اليوم نفسه بديلا لبلاتير والرجل الذي يحمل برنامجا إصلاحيا لانتشال «الفيفا» من مستنقع الفساد، هو نفسه وجهت له اتهامات بالفساد في ملف احتضان قطر لمونديال 2022، وهي الاتهامات التي نأى بنفسه بعيدا عنها. بين بلاتيني والمغرب علاقة خاصة جدا، فما لايعرفه الكثيرون هو أنه دافع علنا عن مطلب المغرب بتأجيل تنظيم نهائيات كأس إفريقيا للأمم 2015، الأمر الذي جر عليه غضب «كاف» حياتو، وجعلت الأخير يصدر ضده بيانا ناريا، كما أنه كان من الأشخاص الذين شجعوا الجامعة على اللجوء إلى محكمة التحكيم الرياضية «الطاس». لكن بلاتيني الذي يمزج بين الرومانسية والبراغماتية في تسييره للاتحاد الأوربي، بقدر ما فتح الباب أمام فرق اتحادات الدول الأوروبية الصغيرة وخصوصا في أوروبا الشرقية للمشاركة في عصبة الأبطال الأوروبية، ورفض إدخال التكنولوجيا، فإنه في الوقت نفسه سن قانون اللعب النظيف، كما أن العديد من الفرق الأوروبية تضطر لبيع أفضل لاعبيها للحفاظ على التوازن المالي، هذا دون الحديث عن أنه لما لم يتردد في دفع علي بن الحسين لمنافسة بلاتر، بعدما ظهر له أنه سيكون صعبا إلحاق الهزيمة بالسويسري، لكن عندما استوت الطبخة أعاد الجميع إلى الوراء، وأعلن ترشحه الرسمي. وإذا كان واضحا أن الجامعة الملكية المغربية تتجه لمنح صوتها لبلاتيني، إلا أنه «ثعلب» أيضا تعلم الكثير من بلاتر، فهل سيكون رجل الإصلاح في «الفيفا»، أم أن «المية» ستكذب الغطاس.