المرسوم الجديد الخاص بفصل التكوين عن التوظيف بالنسبة لرجال التعليم ظاهره فيه الرحمة وباطنه من قبله العذاب، ففي الوقت الذي يبدو أنه جاء أساسا لتحسين التأهيل التربوي للأساتذة والمعلمين المتدربين، فإنه في واقع الأمر ضربة موجعة للتعليم العام وهدية على طبق من ذهب للمدارس الخاصة. مضامين المرسوم الجديد تكشف أن التأهيل التربوي للمتدربين سيتوج بالحصول على شهادة التأهيل التربوي للتعليم الابتدائي أو الثانوي الإعدادي أو الثانوي التأهيلي، وستسلم هذه الشهادة من طرف المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، لتتيح لهم إمكانية المشاركة في مباراة لتوظيف أساتذة التعليم الابتدائي والثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي، وذلك حسب الحاجيات وبمراعاة المناصب المالية المحددة في قانون المالية، موزعة على التخصصات والأسلاك والأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين. ما يستشف من هذا القرار، هو أن الحكومة تسعى جاهدة إلى وضع عراقيل أمام التوظيف في قاع التعليم العمومي، من خلال إجبار المعلمين والأساتذة على الخضوع لتكوين تربوي لا ينتهي بالضرورة بالتوظيف المباشر، بالنظر إلى أن المتدرب سيجد نفسه بعد نهاية دورته التكوينية مجبرا على اجتياز مباراة أخرى للتوظيف. المتتبعون لهذه الخطوة يرون أنها ستضرب عصفورين بحجر واحد، فهي، من جهة، ستمكن الدولة من رفع يدها عن التعليم العمومي، الذي يعاني أساسا من خصاص يتجاوز 15 ألف منصب، ومن جهة أخرى، ستوفر للمدارس الخاصة عددا كبيرا من الكفاءات المؤهلة التي يمكن استغلالها بأجور زهيدة. إن المرسوم الجديد سيضرب في الصميم حق المغاربة مستقبلا في التعليم المجاني، كما سيضرب حاليا حق المعلمين والأساتذة في شغل قار يحترم كرامتهم، ناهيك عن أنه سيضيف أعدادا أخرى إلى جحافل العاطلين التي ما فتئت تتناسل سنة بعد أخرى.