بعد مثول بارون المخدرات نجيب الزعيمي أمام غرفة الجنايات للاستماع إليه، ساد ترقب وصمت رهيب داخل القاعة في انتظار ما سيفصح عنه في ملف اختلط فيه الدم والقتل بالمخدرات. والمثير أن نفس الجلسة شهدت الاستماع إلى عدد من أفراد عائلة الزعيمي، بمن فيهم والده وشقيقته، بعد أن تم اعتقالهم في نفس الملف وقتا قصيرا بعد الإطاحة بالزعيمي خلال محاولته الإفلات من قبضة الأمن بعد مداهمة مخزن للمخدرات. وبدا واضحا أن الزعيمي احتمى بقدر كبير من الإنكار في مواجهة أسئلة القاضي، التي امتدت ساعة كاملة، خاصة بعد مساءلته عن طبيعة علاقته برئيس أمن الناظور المتابع في نفس الملف، والبرلماني سعيد شعو، إضافة إلى أحد الأسماء السياسية البارزة، فأنكر أي صلة له بعالم الاتجار في المخدرات، وقال بلغة باردة إن ثروته جمعها من سيارات الأجرة وتأجير السيارات وبيع المواشي بعد تسمينها، فيما أكدت تحريات الأمن أن الأمر مجرد واجهة لتبييض وتبرير جزء من ثروته الطائلة. مسلسل إنكار الزعيمي اصطدم بحاجز قوي جعله يغير خطته بعد أن سأله القاضي عن واقعة قتل ابن عمه، وتعذيبه قبل إخفاء جثته، فتشبث بتصريحات عدد من معاونيه، ومنهم سائق أجرة حاول دحض هذه التهمة عنه من خلال الادعاء بأن الجريمة وقعت بعد شجار نشب بين قريب الزعيمي وشخص آخر إثر تسجيل مكالمة هاتفية تشير إلى أن قريب الزعيمي دبر عميلة سرقة أموال صفقة كبيرة للمخدرات. وقال المتهم ذاته إن القتيل وغريمه تبادلا الضرب قبل أن يتلقى الضحية سلسلة من اللكمات جعلته يسقط في غيبوبة ليفارق الحياة بعدها. وأضاف في محاولة لإبعاد التهمة عن الزعيمي بشكل نهائي، بأن هذا الأخير لا علم له إطلاقا بما حصل، وأن القاتل أرغمه على مساعدته في دفن الجثة. وحاول الزعيمي الركوب على هذه التصريحات، التي دحضتها نتائج الفحص الذي خضعت له الجثة، والتي أثبتت تعرض صاحبها لتعذيب بشع، حيث أكد أمام المحكمة أن لا علاقة له بهذه الجريمة التي حصلت، وفق تصريحاته، بعد سرقة مبلغ مالي حدده في 260 مليون سنتيم، قال إنه تحصل من بيع غلة إحدى الضيعات. وأضاف أمام المحكمة بأن الهالك اتصل به، وأخبره بقيام مجهولين بسرقة المبلغ، وأنه حل بالضيعة ثم غادرها بعد أن أمر معاونيه بعدم الاقتراب منه، وخاصة سائقه الذي تمت في ما بعد محاولة إلصاق تهمة القتل به. نفس الإنكار تمسكت به شقيقة الزعيمي، التي تسبب هذا الملف في إصابتها بشلل نصفي، حيث قالت أن لا علاقة لها بجمع الأموال من صفقات المخدرات التي يقف وراءها شقيقها، وأن كل ما تملكه هي شقة بمدينة الناظور اقتنتها بمبلغ 40 مليون سنتيم. مسلسل الإنكار تواصل أيضا مع باقي المتهمين، الذين حرصوا على دحض التهم الموجهة إليهم، ونفي وجود أي علاقة لهم ببارون المخدرات الزعيمي، رغم أن بعضهم قدم اعترافات مفصلة خلال التحقيق معه من قبل الفرقة الوطنية، وهي الاعترافات التي اعتمدت من أجل تعميق البحث واعتقال المزيد من المتورطين في هذه الشبكة، حيث تمسك أربعة دركيين من بينهم رئيس مركز، إضافة إلى عنصر من المكتب الثاني للاستخبارات العسكرية، بإنكار أي علاقة لهم ببارون المخدرات، أو تلقيهم رشاوى مقابل تسهيل عمليات نقل المخدرات. وبعد الانتهاء من المرافعات توجهت أنظار الجميع إلى النيابة العامة، التي سردت بعض تفاصيل الجرائم التي تورط فيها المتهمون قبل أن تلتمس عقوبة الإعدام للزعيمي.