قدر لمدينة أرفود بتافيلالت، أرض العلويين، أن تخرج من عزلتها بفضل التوجه السياحي الذي اختارته، رغم كل الإكراهات التي لا تزال تقض مضجع القطاع مما ينعكس سلبا على المدينة والمنطقة. وسياحة أرفود هي خليط من كل شيء. ثمة مهرجان التمور الذي تشتهر به ليجعل منها قبلة عالمية بتواجد أكثر من 350 نوعا من أنواع التمور. وثمة مشاريع سينما العالم، التي وجدت في فضاء واحات أرفود ضالتها حيث صورت أفلام اكتست بعد ذلك صفة العالمية، كما هو الحال مع فيلم «أمير بلاد فارس»، وفيلم الجندي، وأفلام المومياء بأجزائه الثلاثة. وثمة أيضا هذه السياحة العلاجية على كثبان أرفود الرملية، والتي تحولها إلى قبلة مع حلول فصل الصيف. غير أن كل هذه المجالات، التي تجعل من أرفود مدينة ناجحة في تنميتها، تبدو غير ذات قيمة إذا ما استمعنا للساكنة وهي تعرض لمشاكل قد لا ينتبه إليها الزائر المنتشي بجمال المنطقة وسحرها الصحراوي. وهي مشاكل أثرت، وقد تؤثر على هذا التوجه الذي تسير إليه أرفود كمنطقة استقطاب لسياح استثنائيين يبحثون عن شمس المنطقة وكثبانها الرملية. اختارت أرفود أن تشيد نفسها على حصن، لذلك تفخر الساكنة بلقب جوهرة الجنوب الشرقي. أما طقسها، فحار صيفا بالنظر إلى أنها لا تستفيد إلا من تساقطات مطرية لا تتجاوز 70 مليمترا في السنة. وهو ما يؤثر سلبا على غطائها النباتي، حيث تنتشر غابات النخيل التي تتخللها الكثبان الرملية. أما ساكنة أرفود، فلم تكن تتجاوز في سنة 1960 مثلا، عدد 4500 نسمة، قبل أن ترتفع النسبة اليوم إلى مستويات عليا. وهي التي تتشكل من خليط من الأجناس الأمازيغية والعربية، والتي تعتمد على الفلاحة وبعض المجالات الأخرى كالنجارة والصناعة التقليدية والسياحة. مرت أرفود عمرانيا بثلاث مراحل أساسية هي المرحلة الاستعمارية، حيث اتخذت المنطقة قاعدة عسكرية وإدارية، وتطلب ذلك تهييء مجال سكني خاص بالمستعمر. ثم مرحلة الاستقلال، التي تزامنت مع الإصلاحات التي عرفتها جل الدوائر الوطنية، وخلالها بدأت الحركة العمرانية تعرف تطورا مهما خصوصا بعد فيضانات وادي زيز لسنة 1965. فالمرحلة الموالية، والتي انطلقت مع إعمال تصميم تهيئة خاص للمدينة. للأسف لم تحترم الكثير من بنود هذا التصميم حيث انتشرالبناء العشوائي في المجال الحضري بشكل كبير، دون أن تتوفر له كل المرافق الصحية الضرورية من صرف صحي وماء صالح للشرب وكهربة. ناهيك عن بعض البنايات التي شيدت في أماكن خضراء وبدون رخص، وتحت إشراف بعض أعضاء المجلس البلدي لأرفود. هذا وجه مستفز من أوجه أرفود التي تحكي عنه ساكنة المدينة بالكثير من الأسى والحزن. غير أن ثمة أوجها أخرى لا بد أن تفخر بها هذه الساكنة ومنها ما يتعلق بإحداث وكالة تنمية الواحات وشجر الأركان، كآلية عمل جديدة في تنفيذ برامج للإقلاع في الجنوب الشرقي المغربي، الذي عاش من قبل الكثير من الإقصاء. ومع ذلك لا يتردد فلاحو المنطقة في التشكي من ضيق الحال، ومن صعوبة الاعتناء بالنخيل، مطالبين وزارة الفلاحة بأن تظل مرافقة لهم في تطوير الإنتاج، خصوصا ما يتعلق بالتمور، التي تعتبر مفخرة لأرفود. ولعل أول الملفات هو ما يتعلق بصعوبة الطرق التي لا تزال دون المستوى العالي. أما مطالب الساكنة فتسير في اتجاه إيصال الطريق السيار إلى مدينة ميدلت على أقل تقدير، مع تحسين حالة الطريق الرابطة ما بين الرشيدية وميدلت، وصولا إلى أرفود. أرفود هي أيضا أرض السياحة الغنية والمتعددة. ثمة السياحة الثقافية، والسياحة الصحراوية، والسياحة العلاجية بتواجد تلك الكثبان الرملية التي تصنف وسيلة علاج ناجعة، خصوصا لأمراض الروماتيزم. وهو ما ينمي مداخيل هذه المدينة اقتصاديا، ويوفر لأبنائها فرص شغل وإن كانت أحيانا موسمية. لأرفود علاقة خاصة مع صندوق التجهيز الجماعي. فقد استفادت الجماعة الحضرية للمدينة من قروض شبه خيالية لإنجاز بعض مشاريعها. غير أن الهدف لم يتحقق كما كان يجب. والحصيلة هي أن قرابة 4 ملايير سنتيم نزلت على كاهل ميزانية أرفود التي كان عليها أن تؤدي أقساطها بنسبة تجاوزت التسعين في المائة. وهي القروض التي وضعت من أجل مشاريع تتعلق بإحداث مركب تجاري بلدي، ومسبح ومخيم بلدي. بالإضافة إلى إصلاح طرقات المدينة التي أضحت مرشحة لاستقبال زوارها سواء خلال موسم التمور، أو للتداوي في كثبانها، أو للإشتغال في مشاريعها السينمائية. ولا غرابة أن تختار الجماعة الحضرية لأرفود طريق صندوق التجهيز الجماعي لتحريك مشاريعها، وهي التي تعاني من فقر في مداخيلها، حيث لا تستفيد مثلا من موقعها الاستراتيجي، ولا من الامتياز على المرافق السياحية، حيث تقادمت جل البنايات وتآكلت، خصوصا ما بني على عهد الاستعمار، كالباشوية التي أصبح بناؤها عتيقا، ودار الشباب بفضاءاتها الضيقة، والمعهد الديني المعزول، ومركز التكوين المهني العتيق. أما المحطة الطرقية فغائبة، إذ يتم حشد كل وسائل النقل من حافلات وسيارات الأجرة وغيرها في ساحة واحدة. أرفود هي أيضا واحدة من مدن السينما بتواجد فضاءات تغري كبار المخرجين، لذلك كان لا بد أن تنتشر الفنادق المصنفة، والتي يعاني بعضها اليوم من الكثير من المشاكل التي تؤثر على المدينة وعلى شغيلتها التي يخوض بعضها معارك كما حدث مثلا مع شغيلة فندق السلام، الذي قام بطرد 11 عاملا ودخول القرض السياحي والعقاري على الخط. أرفود هي أيضا عاصمة التمور بأصنافها المتعددة، والتي حولتها منذ 2010 الى قبلة للعالم، غير أن واحات هذه الثروة الوطنية لا تزال في حاجة لاهتمام خاص لكي يستمر تمر أرفود كأكثر الأنواع القادرة على البقاء والاستمرار لفترات أطول مقارنة مع غيرها من الأماكن في العالم، ولكي تحافظ أرفود على لقبها عاصمة للتمور.