اهتز حي «البلاغمة» بمنطقة «فاس الجديد» بالعاصمة العلمية، يوم أول أمس الأحد، على وقع جريمة صادمة، إذ أجهزت أم على ثلاثة من أطفالها، أصغرهم رضيعة لا يتجاوز عمرها 8 أشهر، وأكبرهم لا يتعدى سنه 5 سنوات. وكان من الواضح أن حصيلة هذه «المذبحة» كانت ستكون ثقيلة، لو لم يكن طفلان آخران للأسرة (طفل وطفلة) في ضيافة أسرة قريبة، ولم تتدخل عناصر الأمن لاعتقال الأم وبيدها سلاح أبيض كانت تحمله لتصفية زوجها الذي قصد أقرب دائرة للأمن للتبليغ عن الكارثة. وأكدت المصادر بأن السيدة التي ارتكبت الجريمة كانت تتلقى العلاج في مستشفى الأمراض العقلية والنفسية، مضيفة أن الأسرة تعاني من أوضاع اجتماعية هشة. ومن المرجح، طبقا للمصادر، أن تكون الأم قد أوقفت حصص العلاج النفسي، وتناول الأدوية المهدئة، بسبب ضيق ذات اليد، ما زاد من تردي وضعها الصحي. الجريمة المرعبة التي لم تعش مدينة فاس مثلها منذ سنوات- عندما أقدم موظف جماعي على الإجهاز على طفلتيه باستعمال السلاح الأبيض، في منزل الأسرة، بينما الزوجة كانت خارج البيت- دفعت السلطات المحلية إلى إصدار بلاغ صحفي أشارت فيه إلى أن مصالح الأمن الوطني ألقت القبض على السيدة التي أقدمت على قتل ثلاثة من أبنائها عن طريق خنقهم بشكل متتال بوسادة بينما كانوا يرقدون في سبات عميق ويتنفسون دفء الأم التي تحولت إلى «وحش آدمي»، في غفلة من الجميع، وحولت كلا من عفاف وأسامة وياسين إلى جثث هامدة، وجلست تتأمل في ما اقترفته بيديها، قبل أن تخبر الزوج بما ارتكبت يداها. وأكد محمد اجعيط، طبيب نفساني، في تصريحات ل»المساء»، أن كل المؤشرات في هذه الجريمة توحي بأن الأم تعاني من مرض نفسي. وقال إن قتلها بشكل متتال لثلاثة من أطفالها، يؤكد أنها مريضة نفسية. ولم يستبعد الدكتور اجعيط أن تكون الأم مريضة بما يعرف ب»انفصام الشخصية». وسجل هذا الطبيب النفساني أن مرتكب الجريمة في مثل هذه الحالة المرضية يكون فاقدا للوعي، وتكون له شخصية أخرى غير شخصيته الحقيقية، وينظر إلى أبنائه ك»أعداء»، بحيث يعتبرهم سبب مشاكله وما يعانيه من أزمات. واعتبر مصطفى جبور، حقوقي بالمدينة، في تصريحات ل»المساء»، أن تردي الأوضاع المادية وغياب القيم السليمة، وتخلي الدولة عن مسؤولياتها تجاه المواطنين الذين يعيشون صعوبات اجتماعية، عوامل تؤدي إلى هذا النوع من الحوادث التي تخلف صدمة في المجتمع. وذكرت السلطات المحلية بأن عناصر الأمن، بعد تلقيها إخبارية الأب حول هذه الجريمة المرعبة، عمدت إلى تطويق الحي، وتمكنت من اعتقال الأم، وهي في حالة هستيرية. وأفادت مصادر محلية بأن الأم كانت تمسك، لحظة اعتقالها، بسلاح أبيض، وكانت تنتظر بالقرب من منزل الأسرة عودة الزوج الذي فر هاربا ل»تصفيته». ورجحت المصادر ذاتها أن تكون خلافات عائلية متراكمة بين الزوجين قد أدت إلى تدهور الحالة النفسية للزوجة، ودخولها في حالة هستيرية، قبل أن تقدم على قتل أبنائها بخنقهم في وقت مبكر من صباح يوم الأحد. وحسب المصادر، فقد بدأت الأم، وهي تقضي على فلذات أكبادها، بخنق الابن أسامة الذي يبلغ من العمر خمس سنوات، وبعده انتقلت إلى ياسين ذي الثلاث سنوات، وأنهت «الموضوع» بالرضيعة عفاف . واحتشد العشرات من المواطنين في حي «فاس الجديد» أمام منزل هذه الأسرة لمتابعة المشهد المؤثر لاستخراج جثث الأبناء من قبل عناصر الوقاية المدنية، وهي ملفوفة في أكياس بلاستيكية سوداء، ونقلها إلى مستودع الأموات، لعرضها على الطبيب الشرعي، وإعداد تقرير طبي مفصل حول الفاجعة، قبل إتمام إجراءات الدفن، حسب تعليمات النيابة العامة. وأعاد حادث إجهاز الأم على ثلاثة من أبنائها في حي «فاس الجديد» إلى الأذهان فاجعة سبق للمدينة أن عاشتها في غشت من سنة 2009، عندما أقدم أب على ارتكاب جريمة مرعبة في حق ابنتيه في حي الأدارسة. الموظف في الإنعاش، الذي كان يعاني من اهتزاز نفسي، أقدم على ذبح ابنتيه الصغيرتين من الوريد إلى الوريد، في صالون منزل العائلة، وعندما انتهى من ارتكاب الجريمة، في غفلة من الزوجة التي كانت خارج البيت، دخن سجائره، وتوجه إلى أقرب مقهى لاحتساء كوب قهوة، قبل أن يواصل الطريق إلى ولاية أمن فاس للإخبار عن الجريمة التي ارتكبها في حق طفلتيه، إحداهما لا يتجاوز عمرها 3 سنوات، والثانية تبلغ من العمر 6 سنوات. الزوجة التي عادت إلى البيت، بعد أن أنهى الزوج جريمته، صدمت لهول الفاجعة التي هزت المدينة، وجعلت المئات من المواطنين يتابعون أطوار استخراج الجثتين في كيسين بلاستيكيين، بكثير من الذهول، بينما شهدت أطوار محاكمة الزوج تطورات مثيرة، بحيث عبرت الزوجة المكلومة، في جرأة نادرة، وهي تضمد الجرح الفظيع الذي ألم بها، عن عدم رغبتها في متابعة زوجها الذي كشفت التحريات أنه كان يعاني من اهتزاز نفسي، وأقدم على فعلته بعد تردي وضعه الصحي. وخط الأب الذي كان يعاني من أوضاع اجتماعية ونفسية صعبة رسالة أشار فيها إلى أنه «سيقتل الجميع وسينحر»، لكنه نفذ الجريمة وتراجع عن الانتحار.