بعد وقت قصير من اعتقاله، خلق الشريف بين الويدان الحدث وهو يدلي للمحققين، حسب ما ورد في المحاضر، بأسماء وزانة عبدت له الطريق ليصبح من كبار بارونات المخدرات، والقائمة ضمت اسم عبد العزيز إيزو، مدير أمن القصور الملكية. وكان ذلك مفاجأة من العيار الثقيل. الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فلائحة المتهمين في هذه القضية كانت تتسع يوما بعد يوم، وتطيح بعدد من كبار المسؤولين في مختلف الأجهزة الأمنية، مما خلق صدمة لدى الرأي العام، رغم أن بعض المقربين من خبايا الملف يؤكدون أن بعض الأسماء من العيار الثقيل نجحت في الإفلات، والبقاء بعيدا عن الأصفاد، فيما قدم للمحاكمة نجل مسؤول سام في الدولة، ويوتنان بالدرك الملكي، وقائد الفرقة البحرية بطنجة، إضافة إلى القائد الجهوي للدرك بالقنيطرة. كما ضمت القائمة عددا من رجال السلطة وعميدا بمديرية مراقبة التراب الوطني، كان مكلفا بمراقبة أحد المواقع البحرية التي استخدمت في تهريب كميات ضخمة المخدرات، إلى جانب عدد من عناصر الشرطة والدرك والقوات المساعدة من رتب مختلفة، بعد أن اتضح أن الخراز حرص على أن تكون جميع الأجهزة في سلة واحدة، لضمان عدم وقوع أي خطأ قد ينتهي بسقوطه، أو إحباط أي عملية تهريب، وهو ما جعل الرشوة المقدمة لأحد المسؤولين الكبار تصل إلى 1.5 مليون درهم عن كل عملية. كما أن الاعتقال الذي طال عددا من رجال السلطة جاء بناء على ما توصل إليه المحققون من كون بعض هؤلاء تعاموا عن عمليات إخراج أطنان من الحشيش بواسطة شاحنات وسيارات من مخازن سرية بمناطق تقع تحت نفوذهم ليتم شحنها في اتجاه السواحل الإسبانية بواسطة قوارب الزودياك، وهو ما نفاه هؤلاء جملة وتفصيلا. كما نفوا وجود أي علاقة لهم بالشريف بين الويدان. بعد المعلومات التي أدلى بها الخراز وجد إيزو نفسه رهن الاعتقال في فضيحة مدوية، جعلته ينكر في البداية أي علاقة له بالملف، وينفي تقديمه تسهيلات لبارون المخدرات خلال عمله كرئيس للشرطة القضائية بمدينة طنجة، دون أن يدرك أن المحققين اعتمدوا على تصريحات الخراز لجمع سيل من المعلومات التي ستدرج لاحقا قي المحاضر، قبل أن تعزز بتصريحات مثيرة لمنير الرماش، الذي استدعي كشاهد ليكشف خبايا وأسرار العلاقات التي كانت تجمع الخراز بعدد من كبار المسؤولين بالشمال وطبيعة الرشاوى التي كانت تقدم لهم. الهزة التي خلفتها هذه القضية داخل الأجهزة الأمنية وانعكاسها السلبي على صورة مؤسسات الدولة تولدت عنه تداعيات انتقلت إلى أروقة المحاكم، بعد أن تم التعامل مع المعلومات الواردة في محاضر التحقيق، خاصة تلك المتعلقة بالخراز، بسرية، لدرجة منع المحامين من تسلم ونَسخ محاضر الضابط القضائية خوفا من نشر مضامينها بالكامل من طرف وسائل الإعلام، وبالتالي إطلاع الرأي العام على ما حفلت به من فضائح تهم مسؤولين كبارا. وقد كان قاضي التحقيق يكتفي بإطلاع المحامين على المحاضر داخل مكتبه، وهو ما أثار حفيظة الدفاع. وبعد أن أكمل قاضي التحقيق الاستماع إلى المتهمين الذين توبع بعضهم في حالة سراح، رفع قرار الإحالة الذي تضمن 700 صفحة، وانطلقت محاكمة المتابعين بتهم الاتجار في المخدرات والتهريب على الصعيد الدولي، والارتشاء، واستغلال النفوذ، والتستر على مجرم مبحوث عنه، وتهجير أشخاص إلى الخارج بطرق غير مشروعة وبصفة اعتيادية.