حسم حكم قضائي صدر عن المحكمة الابتدائية لمكناس في قضية نصب أبراج لتقوية شبكات الإرسال الخاصة بالهاتف النقال فوق أسطح المنازل. وقضى الحكم القضائي الذي يحمل عدد 209/101/2015، والصادر بتاريخ 02 يونيو الجاري، عن نائب رئيس المحكمة الابتدائية لمكناس بصفته قاضيا للمستعجلات، بمنع شركة معروفة للاتصالات، في شخص ممثلها القانوني، بإيقاف أشغال نصب برج فوق سطح منزل بتجزئة البساتين بالعاصمة الإسماعيلية، ودعا هذه الشركة إلى إزالة الأجزاء المركبة من البرج تحت طائلة غرامة تهديدية محددة في ألف درهم عن كل يوم امتناع عن التنفيذ، لأن من شأن الخوف الناجم عن آثار هذه الأبراج أن يؤثر على نفسية المواطنين واستقرارهم. واستعانت شركة الاتصال بوثائق رسمية لوزارة الصحة لم تجزم بوجود أضرار لهذه الأبراج، لكن المحكمة رأت، في المقابل أن هذه الوثائق لم تحسم في مدى سلامتها على صحة الإنسان. وقالت المصادر إن من شأن هذا الحكم أن يتحول إلى مرجع قضائي في عشرات الشكايات التي يبعث بها سكان تجمعات سكنية في مختلف مناطق المغرب للسلطات المحلية بخصوص تثبيت أبراج إرسال لشركات اتصالات وسط الأحياء، وفوق أسطح منازل، وهي القضية التي أخرجت، في عدة حالات، السكان المتضررين لتنظيم وقفات احتجاجية للمطالبة ب"إسقاط" هذه الأبراج. وتعود تفاصيل هذا النزاع القضائي بين ساكنة حي البساتين بمدينة مكناس، وبين الشركة المعنية، إلى دعوى قضائية رفعها المتضررون يعبرون فيها عن معارضتهم لاستغلال سطح منزل لتركيب الجهاز اللاقط الخاص بالهاتف، مشيرين إلى وجود ضرر وشيك على صحتهم بسبب الإشعاع المغناطيسي المنبعث من اللاقط، ومطالبين بتوقيف الأشغال، وتفكيك الجزء الذي تم تركيبه. وكشفت المعطيات أن شركة الاتصالات اكترت سطح منزل المشتكى به لاستغلاله، ودافعت هذه الشركة عن عدم وجود أي ضرر، مؤكدة أنها تسير مرفقا عاما تحت مراقبة الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، وتعتمد في نشاطها على منشور لوزارة الصحة يؤكد أن المعلومات العلمية المتوفرة لا تقدم أي دليل قطعي وحازم على وجود أضرار على صحة الإنسان داخل الحقل الكهروميغناطيسي الصادرة عن المنشآت الكهربائية اللاسلكية. في حين أكد المتضررون أن الإشعاعات لها تأثير سلبي على صحة السكان المجاورين، وهو ما أكدته اجتهادات قضائية، منها حكم صادر عن المحكمة التجارية بمدينة وجدة. وعللت المحكمة قرارها بكون منشور وزارة الصحة لم يحسم في مدى سلامة الإشعاعات الكهروميغناطيسية على صحة الإنسان، رغم أنها لم تجزم بوجود أضرار، مما يوجب اعتماد مبدأ الحيطة والحذر في التعامل معها. وأورد الحكم القضائي أن مبدأ الحيطة واجب كلما كان هناك سبب كاف للاعتقاد بأن أي نشاط أو منتج قد يسبب أضرارا جسيمة بشكل غير قابل للتدارك على صحة الإنسان. وقال إن حالة الخوف التي تصيب الساكنة جراء تنصيب برج لتقوية شبكة الاتصالات بالقرب من مساكنهم، من شأنه أن يؤثر على راحتهم النفسية، وحسن استقرارهم، ما يجعل حالة الاستعجال قائمة في هذه القضية، يورد رضى بلحسين، نائب رئيس المحكمة الابتدائية بمكناس، بصفته قاضيا للمستعجلات.