فركت عيني جيد وأنا أقرأ بلاغ المكتب المسير لفريق الرجاء البيضاوي، الذي يتحدث عن تعيين الدولي السابق طلال القرقوري «مكلفا بالانضباط بالرجاء»، ولاحظوا كيف أن العبارة مريبة وغامضة وتزرع الشك. قلت ربما يتعلق الأمر بخطأ ما أو بسوء فهم، تابعت قراءة البلاغ، فوجدت أن القرقوري لن يكون فقط مساعدا للمدرب، وإنما مكلفا من طرف المكتب المسير بإعداد تقارير عن الحصص التدريبية للفريق، وإخبار المكتب المسير بأي تصرفات غير انضباطية تصدر من أي لاعب، وإخباره كذلك بأي تأخر عن موعد التداريب. لقد تقرر كل هذا حسب بلاغ للفريق في اجتماع عقده بودريقة مع القرقوري بحضور مدرب الحراس الجديد طارق الجرموني، والمعد البدني المهدي المرزوقي، التونسي الجنسية. هنا يجدر بنا التساؤل حول الجدوى من عقد بودريقة لاجتماع مع الطاقم التقني في غياب الهولندي رود كرول مدرب الفريق، الرجل الذي من المفروض أن يكون هو صلة الوصل بين المكتب المسير والطاقم التقني، والقائد الفعلي للفريق والمسؤول الذي يرسم حدود اللعب، ويحدد لكل دوره في إطار خطة عمل وبرنامج يروم تحقيق الأهداف التي يراهن عليها الفريق، والتي بينها بطبيعة الحال الفوز بلقب البطولة بعد أن كان الرجاء قد خرج في الموسم الماضي خاوي الوفاض، وبمركز ثامن في البطولة. فما الذي منع بودريقة من تأجيل الاجتماع ل24 ساعة، إلى حين حضور المدرب كرول؟ وهل يبدو مقبولا أن يتم إسناد أدوار للمساعد دون علم المدرب، مع العلم أنها أدوار لا تدخل في صميم عمل المدرب المساعد. ولكي تفهموا الصورة جيدا، ما عليكم إلا أن تتخيلوا أن فلورونتينو بيريز رئيس فريق ريال مدريد، قد قام بتكليف زين الدين زيدان لما كان مساعدا لأنشيلوتي بمراقبة لاعبي الريال وكتابة تقارير عنهم للفريق. هل يستقيم هذا الوضع؟ وهل يبدو مقبولا؟ بالطبع لا، لكنه في المقابل يكشف كيف أن بودريقة لم يستفد من أخطائه وأنه مازال يقود الفريق بنفس العقلية، وبنفس الطريقة دون أن يظهر في الأفق أي تغيير. وإذا كانت العشوائية في القرارات أصبحت لصيقة ببودريقة، إلا أنه مع ذلك لابد من التساؤل عن السبب الذي يدفع لاعبا بقيمة طلال القرقوري إلى قبول القيام بأدوار تلطخ تاريخه الكروي، وتلطخ سمعته، هو الذي يخوض أول تجربة تدريبية في المغرب. بطبيعة الحال، ليس هناك مبرر معقول يمكن أن يدفع القرقوري إلى الاصطدام بالحائط، خصوصا أن الدور الذي يريده بودريقة أن يلعبه تشتم منه رائحة «قذرة»، بل إنه يحول لاعبا بقيمة طلال إلى «جاسوس» يراقب حركات وسكنات اللاعبين، ويكتب التقارير ويسلمها للمكتب المسير، والأدهى والأمر أن بودريقة يقول إن طلال مكلف بالانضباط في الرجاء، مع أن هناك مدربا يتقاضى ما يقارب 41 مليون هو المكلف بفرض الانضباط داخل الفريق، ثم هل هناك منطق يقبل أن تكون للمدرب المساعد مثل هذه الصلاحيات، علما أن الانضباط ومعرفة هل حضر اللاعبون في المواعيد المحددة للتداريب أم لا، أمر يجب أن يحرص عليه الفريق كمؤسسة، بآليات احترافية، وليس بالعشوائية. وإذا كان بودريقة يواصل مسلسل «التخبط»، فإن على القرقوري أن لا يقع في الفخ، ويسئ لتاريخه بقبوله لعب دور الدركي، حتى لا نقول «جاسوس» المكتب المسير.