طيلة أطوار المحاكمة أصر الرماش على إنكار صلته بالاتجار الدولي في المخدرات، وتقديمه أي مبالغ مالية (قدرت بملايين الدراهم) لعدد من كبار المسؤولين من أجل ممارسة نشاطه بكل حرية، وإمداد السوق الأوروبية بما تحتاجه من أطنان الحشيش المغربي، رغم مواجهته من قبل القاضي بعدد من القرائن والأدلة، وباعترافاته أمام المحققين، وهي الاعترافات التي تنصل منها بدعوى أنها انتزعت منه تحت الإكراه. خلال المحاكمة حاولت هيئة الدفاع عبثا أن تنتزع السراح المؤقت لبعض المتهمين، إذ أن المحكمة واجهت جميع الملتمسات بالرفض، بل أمرت باتخاذ تدابير قضائية مشددة في حق المتابعين في حالة سراح لضمان عدم إفلاتهم عبر سحب جوازات السفر منهم وإغلاق الحدود في وجههم. من جانبهم، تشبث المتهمون من مسؤولي الأمن والدرك بعدم تلقيهم أي مبالغ مالية من الرماش، وعدم وجود أي علاقة لهم بأي نشاط لتهريب المخدرات، وطالبوا بتبرئتهم، فيما طالب ممثل النيابة بإدانة جميع المتابعين بأقصى العقوبات مع عدم استثناء أي متهم. وحرص ممثل الحق العام على تذكير المحكمة بالسياق الذي تفجرت فيه هذه القضية بعد نشوب مواجهة بالأسلحة النارية، مما يكشف، حسب أقواله، خطر هذه العصابة الإجرامية التي يتزعمها منير الرماش. ونبه إلى أن الرماش نجح في نسج شبكة علاقات متداخلة مع مسؤولين كبار عند توليهم مناصب المسؤولية في المناطق التي كان ينشط فيها، مما جعل حجم هذه التجارة غير المشروعة يتنامى، قبل أن تنفلت الأمور وينكشف كل شيء مع نشوب مواجهة بين عصابتين متنافستين وظفت فيها الأسلحة النارية. المحاكمة والمعلومات التي أبانت عنها محاضر التحقيق كشفت أن شبكات المخدرات نجحت بالفعل في اختراق الأجهزة الأمنية من خلال استقطاب مسؤولين بارزين وإغراقهم بالأموال القذرة، إضافة إلى تمكن هذه الشبكات من تعبيد الطريق إلى القضاء والدرك. هذا الواقع جعل الوكيل العام للملك يشهر سلاح الوعيد والتهديد في حال نشر أي معلومات وردت في التحقيق أو التعليق عليها، الأمر الذي فسر على أنه محاولة لاحتواء الضرر الذي تسببت في هذه القضية لصورة عدد من الأجهزة الرسمية. وقد تسبب هذا التهديد بعدم التساهل مع أي مخالف للتعليمات في إثارة حفيظة المحامين وهيئة الدفاع حينها، الذين لم يترددوا في ربط ذلك بوزارة العدل، علما أن ملف القضية تأرجح بين محكمة الاستئناف ومحكمة العدل الخاصة بالنظر إلى طبيعة المتهمين ومراكزهم وكذا طبيعة التهم الموجهة إليهم. ورغم التهديد الذي رفعه الوكيل العام للملك بخصوص نشر معلومات حول القضية فإن حكاية الرماش تحولت إلى حديث المجالس في المغرب، وأصبحت قضية رأي عام تحظى بمتابعة وطينة ودولية، بالنظر إلى حجم الأسماء المتابعة فيها. كما أن التضييق الذي مورس على الصحافة بخصوص تعاطيها مع هذا الملف ساهم في نشر المزيد من الحكايات الغرائبية حول عالم المخدرات والسلطة، حكايات كان بطلها منير الرماش، الذي انطلق من الصفر، بعد أن ركب مغامرة البحث عن المال من خلال الحشيش، وهو ما جعله يراكم ثروة ضخمة، في وقت قصير لا يقارن بالعقوبة الطويلة التي أدين بها بعد أن تحول ملفه إلى كرة ثلج عملاقة سحقت في طريقها عددا من كبار بارونات المخدرات. وبعد تحقيقات دامت أكثر من ثلاثة أشهر، وسلسلة من الجلسات الماراطونية، التي حضرها عدد كبير من المحامين، اختلت المحكمة للمداولة تمهيدا للنطق بالأحكام في هذا الملف الساخن.