لن يكون بمقدور الجمهور المغربي متابعة مباريات المنتخب الوطني الأول لكرة القدم، ومعه بقية منتخبات الفئات العمرية، وأيضا الفرق، إلا من خلال قناة «بيين سبور» القطرية، التي تشتري الحقوق عادة من مجموعة «سبور فايف» الفرنسية. هذا الوضع المستفز سيمتد إلى غاية سنة 2028، بعد أن اشترت المجموعة الفرنسية هذه الحقوق مقابل ما يقارب المليار دولار، ولذلك فإن المواطن المغربي سيكون عليه بالضرورة إما الاشتراك في القناة القطرية، أو البحث عن أقرب مقهى لمتابعة مباريات المنتخب الوطني، أما المواطن الذي يقطن في مناطق معزولة ويريد أن يتابع منتخبه، فتلك قصة أخرى، بينما لاحظ للقنوات العمومية في الحصول على هذه الحقوق، خصوصا أن مباراة للمنتخب الوطني ولبث أرضي فقط يمكن أن تصل تكلفتها إلى مليون دولار، هذا إذا كلفت المجموعة الفرنسية ومعها ممثلها المغربي ادريس عكي نفسها عناء الرد على اتصالات المسؤولين عن اقتناء حقوق النقل التلفزي بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة. في الآونة الأخيرة لم يتمكن الجمهور المغربي من متابعة مباراتين تصفويتين للمنتخب المحلي في تصفيات «الشان»، فمباراتي تونس وليبيا نقلتا على قناة «الرياضية tnt، ولم تنقلا فضائيا، بينما اختارت قناة «بيين سبور» القطرية المالكة لحقوق نقل المباراة عدم بثها، وهو الأمر الذي يطرح علامات استفهام كبيرة، ولا داعي هنا للقول إن الجمهور التونسي والليبي لم يتابع المباريات، وهو السيناريو الذي سيتكرر في تصفيات مرحلة الإياب التي ستجرى في أكتوبر المقبل بتونس، إذ لن يكون بمقدور المغاربة متابعة منتخبهم المحلي، كما سيحدث أيضا في تصفيات أولمبياد ريو دي جانيرو 2016. عندما نتتبع خيوط هذا الملف سنجد أنها تقود إلى فساد كبير داخل «كاف» عيسى حياتو، فالرجل الذي يتربع على عرش الاتحاد الإفريقي منذ 27 سنة بالتمام والكمال، اختار أن يبيع حقوق النقل التلفزيوني بشكل جماعي للمجموعة الفرنسية «سبور فايف» ليشتري أصوات البلدان الإفريقية الفقيرة، ويحافظ على كرسي الرئاسة في لعبة انتخابية مكشوفة، وهو الأمر الذي يحرم بلدا كالمغرب مثلا من حق تسويق مباراة لمنتخب بلاده تجرى على أرضه، إذ سيكون عليه اقتناؤها بثمن باهظ جدا.. وإذا أضفنا لكل هذا أن التشريعات الفرنسية تمنع توقيع عقود تتجاوز ثلاث سنوات، فهنا يطرح السؤال حول سبب توقيع «الكاف» لعقد يمتد ل12 سنة مع مجموعة «سبور فايف» التي يوجد مقر المركزي بباريس، وهو ما يعيد العبودية من جديد إلى القارة الإفريقية، وإن بشكل آخر، ويكشف وجود شبهات تحوم حول هذا العقد الذي تم توقيعه بتزامن مع الفضائح التي هزت «الفيفا» وجعلت حياتو في قلب هذه الاتهامات.. في أوربا خسر الاتحادين الدولي والأوروبي معركة بيع حقوق النقل التلفزيوني لكأسي العالم وأوروبا ضد كل من بلجيكا وإنكلترا، بعد أن قضت المحكمة الأوربية ابتدائيا وبعدها محكمة العدل استئنافيا بحق المواطنين في متابعات مباريات هذين الحدثين على قنوات مفتوحة، بل وذهبت إلى «أن الدول الأوروبية من حقها أن تحدد الأحداث الرياضية التي تبث والتي تراها ذات أهمية كبرى بالنسبة لمجتمعاتها ويجب أن تتاح مشاهدتها مجانا»، لكن من يحمي المواطن المغربي البسيط من تعسف «الكاف» ومن يضمن حقه في متابعة الأحداث الرياضية التي يكون بلده طرفا فيها. حسنا فعلت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم عندما لم توقع على العقد الذي يعطي ل»الكاف» الحق في بيع حقوق النقل التلفزيوني بشكل جماعي، ذلك أنها حشرته في زاوية ضيقة، وقامت بخطوة في الاتجاه الصحيح، لكن المفروض أن تكون هناك تحركات أكبر، من قبيل مقاضاة «الكاف»، لأنه ليس مقبولا بالمرة حرمان الجمهور/ أي جمهور من متابعة منتخب بلاده..