للمرة الثانية، وفي ظرف أقل من شهر يقوم برلمانيون بسحب أسئلة كانت موجهة إلى الحكومة بخصوص التسريبات التي عرفتها امتحانات البكالوريا، الأسبوع الماضي، بعد أن قاموا قبل ذلك بسحب أسئلة خاصة بالسهرة التي بثتها القناة الثانية لجنيفر لوبيز. من غير المعقول أن تتحول المؤسسة التشريعية إلى أداة في يد السلطة التنفيذية، تملي عليها مواقفها وطريقة عملها رغم كونها تستمد شرعيتها من الشعب الذي انتخبها. لقد أصبحت المؤسسة التشريعية تخضع لنوع من الرقابة القبلية، من خلال حث بعض الفرق البرلمانية على سحب أسئلة تقدمت بها، حول ملفات ذات أهمية بالغة بالنسبة لجزء كبير من الشعب المغربي. هذا الوضع غير الطبيعي دفع البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية آمنة ماء العينين إلى الانتفاض ضد قرار بعض الفرق البرلمانية، التي سحبت أسئلتها حول مهرجان موازين، معتبرة أنه «إحساس سيء ذلك الذي ينتابك وأنت تنتمي لبرلمان لا يزال يسحب أسئلة مبرمجة في إطار ممارسة اختصاصه الرقابي على الحكومة بمجرد اتصال». ولقد لامست ماء العينين عين الحقيقة حينما اعتبرت أن الحل ليس هو عزل البرلمان عن النقاش العمومي وتكريس الصورة الراسخة عنه في المخيال الجماعي، كمؤسسة ضعيفة تلوك خطابا موجها نمطيا مكرورا وكأنها تؤدي واجبا روتينيا لا مفر منه. وأن الحل هو التفكير القبلي في عواقب السلوكات الاستفزازية ومآلاتها الخطيرة وتأثيرها السلبي على وحدة المجتمع وانسجامه واستقراره. إن من أصدر الأمر للفرق البرلمانية بسحب أسئلتها، التي كانت موجهة إلى الحكومة حول ملفي لوبيز وتسريبات البكالوريا، يريد أن يزيد وطأة عزوف المغاربة عن السياسة من خلال تكريس الصورة التي توجد في أذهان المغاربة عن السياسيين، وبالتالي، يجب عليه ألا يتباكى إذا ما تكرس عزوف المغاربة عن المشاركة في الانتخابات المقبلة.