في تطور لافت، بخصوص قضية «الصابو»، جر حقوقيون ومحامون رئيسة المجلس الجماعي للمدينة الحمراء، فاطمة الزهراء المنصوري، إلى القضاء، بعد أن تقدموا بشكاية ضد مجهول يتهمونه فيها بتبديد أموال عمومية، وتكوين عصابة إجرامية، والغدر، والنصب، والاحتيال. ومما جاء في الشكاية، التي وضعت صباح أول أمس الثلاثاء، لدى الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بمراكش، من قبل الفرع الجهوي للجمعية المغربية لحماية المال العام، أن عددا من الوقائع والملابسات تستلزم تحريك المتابعات القضائية ضد كل المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في تلك المخالفات والممارسات المنافية لدولة الحق والقانون، والاستماع إلى رئيسة المجلس الجماعي لمراكش، وصاحب شركة «أفيلمار»، المفوض لها تدبير مواقف السيارات بالمدينة الحمراء، وبعض الموظفين المكلفين بالجبايات الجماعية، والمستخدمين بالشركة، وكذا الاستماع إلى ضحاياها، الذين تقدموا بشكايات في الموضوع إلى القضاء. واتهم حقوقيو الجمعية المغربية لحماية المال العام الشركة وبلدية مراكش بوضع صلاحيات السلطة العامة في أيدي أشخاص «بدون موجب حق»، حيث يقومون باستخلاص رسومات وإتاوات، «بدون الاستناد إلى أي مرجعية قانونية»، حيث تعمد هذه الشركة إلى عقل سيارات المواطنين بواسطة «الصابو»، واستخلاص رسوم وإتاوات، مقابل فك الفخ دون أي سند قانوني، معتبرين أن ذلك يتعارض والفصلين 71 و141 من دستور المملكة لسنة 2011، ومضمون الميثاق الجماعي، وخاصة المادتين 37 و50، والقانون رقم 47، المتعلق بالجبايات الجماعات المحلية، الذي يخول للجماعة لوحدها استخلاص الرسوم والجبايات المصادق عليها في الوعاء الجبائي للجماعة من طرف السلطات الوصية. واعتبرت الشكاية أن تفويت تمرير بعض الأماكن الاستراتيجية بالمدينة لشركة «أفيلمار»، أدت إلى هدر ملايين الدرهم من مالية الجماعة، حيث كانت الأماكن التي تولتها الشركة تدر على الجماعة مليار سنتيم سنويا، أما اليوم فلم يعد يستفيد صندوق الجماعة إلا ب 500 مليون سنتيم فقط، بالإضافة إلى ضخ مليار سنتيم من أجل تسديد العجز، الذي تعرفه الشركة سنويا، الشيء الذي يؤكد فشل التجربة على مستوى التنمية، والحكامة، والشفافية، إضافة إلى أن الشركة لا تدبر أماكن وقوف السيارات يومي السبت والأحد، و من الساعة الثامنة مساء إلى 11 ليلا، حسب ما ينص عليه دفتر التحملات، دون معرفة الأطراف، التي تستخلص واجبات الوقوف والجهات التي من ورائها. وأوضح أصحاب الشكاية أن استمرار الشركة والمجلس الجماعي لمدينة مراكش في وضع «الصابو» للسيارات واستخلاص الرسوم والإتاوات، رغم صدور أحكام قضائية عن القضاء الإداري، تقضي بعدم مشروعية ذلك، آخرها القرار الصادر عن محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط بتاريخ 30 مارس 2015 تحت رقم 1411، والذي قضى بتأييد الحكم الابتدائي الصادر عن المحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 10/6/2014 تحت رقم 3520، «يجعلنا أمام جرائم كاملة الأركان والأوصاف، ذلك أن استخلاص الرسوم والغرامات والإتاوات بدون أي مرجعية قانونية، يدخل في نطاق جريمة الغدر المعاقب عليها بمقتضى الفصلين 243 و244 من القانون الجنائي»، حيث ينص الفصل 243 من القانون الجنائي على أنه «يعد مرتكبا للغدر، ويعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس، وبغرامة من خمسة آلاف إلى مائة ألف درهم، كل قاض، أو موظف عمومي، طلب أو تلقى أو فرض أو أمر بتحصيل ما يعلم أنه غير مستحق، أو أنه يتجاوز المستحق للإدارة العامة أو الأفراد، الذين يحصل لحسابهم أو لنفسه خاصة، تضاعف العقوبة إذا كان المبلغ يفوق مائة ألف درهم». وينص الفصل 244 من نفس القانون على ما يلي: «يعاقب بالعقوبات المقررة في الفصل السابق، كل ذي سلطة عامة أمر بتحصيل جبايات مباشرة أو غير مباشرة لم يقررها القانون، وكذلك كل موظف عمومي أعد قوائم التحصيل، أو باشر استخلاص تلك الجبايات، وتطبق نفس العقوبات على ذوي السلطة العمومية أو الموظفين العموميين الذين يمنحون، بدون إذن من القانون بأي شكل ولأي سبب كان، إعفاء أو تجاوزا عن وجيبة أو ضريبة أو رسم عام أو يسلمون مجانا محصولات مؤسسات الدولة، أما المستفيد من ذلك فيعاقب كمشارك». وبعد أن أشارت الشكاية إلى أن الفصل 50 من الميثاق الجماعي أجاز لرئيس المجلس الجماعي ممارسة اختصاصات الشرطة الإدارية في مجال ضمان سلامة المرور في الطرق العمومية، ورفع معرقلات السير عنها عن طريق اتخاذ قرارات تنظيمية وتنفيذها، أكدت حصر مجال هاته الاختصاصات في الإذن أو الأمر أو المنع، ولم يخوله الفصل صلاحية عقل المركبات، مادام أن وجودها لا يشكل أي عرقلة للسير، وبالتالي فهو لا يملك توقيع مثل هذا الجزاء، وبالأحرى تفويض مباشرته للغير.