عبر مجموعة من الفلاحين الكبار والمتوسطين بمنطقة عبدة بأسفي في اتصال مع "المساء"، عن تخوفهم من الإفلاس خلال الموسم الفلاحي 2014 -2015، بعد نزول سعر الحبوب إلى أدنى مستوى عرفته المنطقة، وتخلت عنهم غرفة الفلاحة، التي يرأسها برلماني وقيادي بحزب التجمع الوطني للأحرار، والتعاونية الفلاحية التي يرأسها برلماني سابق، وقيادي بحزب التقدم والاشتراكية. وأجمع المزارعون، الذين اتصلت بهم الجريدة ، على أن السبب الرئيسي لانخفاض أثمان القمح الطري، والصلب، والشعير، خلال هذا الموسم الفلاحي الجيد، يعود للاحتكار، الذي يمارسه وسطاء بدعم من بعض أرباب المطاحن بعبدة وفلاحون كبار، وإلى إغراق السوق بالحبوب المستوردة من خارج المغرب، خاصة من كندا، والتي تدخل عبر ميناء أسفي. وحسب معطيات حصلت عليها "المساء"، فقد وصل سعر القنطار من القمح الطري إلى أقل من 200 درهم، ونقص ثمن القمح الصلب ب 100 درهم للقنطار، في حين انخفض ثمن الشعير بشكل كبير، مما ينذر بإفلاس المزارعين، خاصة المتوسطين والصغار وجدير بالذكر أن الحكومة حددت 270 درهما لقنطار القمح الطري كثمن مرجعي تشتري به المطاحن، حسب قرار مشترك وقعه كل من عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري، ومحمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية من أجل "تثمين الإنتاج الوطني وتحسين ظروف صغار الفلاحين، وحماية السوق المحلية"، لكن المطاحن تشتري بأقل من هذا الثمن، يقول أحد التجار في قطاع الحبوب بمنطقة عبدة في تصريح ل"المساء". ويضيف أن "الوسطاء وأصحاب الشكارة، الذين يشتغلون لصالح المطاحن هم الرابح الأكبر من هذا الكساد، الذي عم المنطقة، مما قد يدفع الفلاحين إلى تغيير نوع الزراعة، حيث يختارون بديلا عن الحبوب لا يكبدهم خسائر مادية". أحمد الكيناني، نائب رئيس جمعية منتجي الحبوب والقطاني بدائرة عبدة، حمل المسؤولية لأرباب بعض المطاحن بالمنطقة، الذين يتفقون مع وسطاء يشترون بأبخس الأثمان، من فلاحين ضعفاء، وغارقين في الديون، يضطرون لبيع محصولهم. وقال الكيناني: "نحن غاضبون من الوضع المأساوي، الذي يهددنا بالإفلاس، ولقد اجتمع فلاحون وأعيان بالمنطقة لتوقيع عرائض وتنظيم وقفات احتجاجية، بعد أن أصبحنا محاصرين من طرف صاحب مطحنة دخل جميع أسواق الإقليم، وفرض ثمنا أقل بكثير من الثمن الذي وضعته الدولة". وأكد الحمري، فلاح وتاجر حبوب في اتصال ب"المساء"، أن العرض أكبر من الطلب، والسوق امتلأت بالحبوب بعد الحصاد المبكر، الذي قامت به منطقة عبدة. وأكد أن التجارة في الخبز اليابس أصبحت أكثر نفعا من التجارة في الحبوب، لأن ثمن الكيلوغرام منها يفوق ثمن نظيره من الحبوب. وقال: "لو اتفق الفلاحون لرموا محصولهم لهذه السنة في البحر". واعتبر ميلود، فلاح من البخاتي بعبدة، أن الحبوب التي تدخل من الميناء، ويتم إغراق السوق بها تسببت في إفلاس حقيقي للفلاح. وطالب فلاح أخر المسؤولين في القطاع بإغلاق باب الاستيراد، بعد أن عرف المغرب هذه السنة محصول حبوب قياسي تجاوز توقعات الحكومة، وتشديد الرقابة على ثمن البيع، حتى تتاح للفلاحين تصريف محصولهم بالسعر الذي حددته الدولة. وأوضح تاجر آخر للحبوب في تصريح ل"المساء" أن أرباب بعض المطاحن يغتنمون الفرصة، من أجل الاغتناء على حساب الفلاحين الصغار والمتوسطين. وألمح متتبع للشأن الفلاحي إلى أن أصحاب التخزين والتعاونيات الفلاحية توقفوا خوفا من المغامرة باقتناء الحبوب بأثمان مرتفعة، مشيرا إلى أنه قد تنزل الأسعار أكثر بسبب المنافسة غير الشريفة، والتي ستزيد من هشاشة وضعهم المادي غير المستقر. لكن فلاحين اعتبروا التعاونية الفلاحية "لاسكام" طرفا في محنتهم، لأنها أغلقت بابها في وجوههم، وتركتهم فريسة في يد مضاربين فرضوا هيمنتهم على السوق، الأمر الذي رفضه عمر محب رئيس "لاسكام"، وقال في تصريح ل "المساء"، إن الدولة هي "السبب في محنة المزارعين، وليست التعاونية، التي تنتظر أن تمنح لها الأموال لتشتري الحبوب كعادتها". وعن ماذا يقصد بالدولة، قال محب إنهم باعتبارهم مكتبا للتعاونية، وقعوا عقودا تتيح لهم إمكانية الاقتراض من القرض الفلاحي، وينتظرون تدخل وزارة الفلاحة لدى البنك، حتى تسرع في تنفيذ عملية الاقتراض.