الحديث عن سوق الجملة للخضر والفواكه بالدارالبيضاء لن تكفيه صفحة في جريدة نظرا لحجم الوثائق الجديدة، التي تتحدث عن فضائح بالجملة وعن لوبي من المستشارين والمنتخبين وحتى البرلمانيين والسماسرة، الذين يعتبرون السوق بقرة حلوبا تعطي بسخاء خارج الضوابط القانونية. الحديث عن الفساد بسوق الجملة للخضر والفواكه لا يتعلق بالملايين، بل بمليارات السنتيمات، وبنزيف مالي حاد، المتضرر الأول والأخير منه هو مدينة الدارالبيضاء والمستهلك والفلاحون والتجار. وفي الوقت الذي سيتم تفويت السوق إلى شركة خاصة بشروط أقل ما يمكن عنها أنها غريبة، طفت على السطح سحابة التجاوزات والخروقات، كما تتوحد النقابات والجمعيات المهنية لإعلان تمردها على القرار وتهديد البيضاويين بالجوع في حال تفويت السوق، وهناك من كشف عن فضائح جديدة تكشفها «المساء» لأول مرة. كشفت وثائق خاصة عن فضيحة فساد مالي جديدة بسوق الجملة للخضر والفواكه بالدارالبيضاء. إذ تبين أن أزيد من 3 مليارات سنتيم شهريا تضيع على خزينة الدولة بسبب تلاعبات وتجاوزات رصدها خبراء خاصون فوضتهم المحكمة لكشف حجم الاختلاسات التي يعانيها سوق الجملة للخضر والفواكه. وكشفت مصادر «المساء» أن مدربا معروفا يملك مقهى فوتت له مقابل أقل من 5 آلاف درهم شهريا، إضافة إلى مستشار بمجلس المدينة يملك محلات تجارية دون أداء واجبات الكراء. كما كشف التقرير حجم الفساد المستشري بسوق الجملة للخضر والفواكه. إذ تحول مركز خاص بالإنارة العامة بالسوق إلى محل تجاري، فيما تحولت محلات إلى مقاه دون رخص. وكشفت الوثائق أن فندقا وحماما بالسوق المذكور يتم كراؤهما ب500 درهم شهريا فقط. فيما تم احتلال أماكن عمومية بالسوق وتحويلها إلى محلات تتم الاستعانة بها لخزن الخضر والفواكه أو الصناديق الفارغة، مقابل 4 ملايين سنتيم شهريا. كما تم احتلال معابر خاصة من طرف تجار معروفين بعلاقاتهم مع مسيرين بمجلس المدينة. ورصد التقرير بعض تجاوزات رجال القوات المساعدة في السماح باحتلال أماكن عمومية بالسوق ومواقف للسيارات مقابل مبالغ مالية مهمة. كما رصد أيضا استعانة بعض التجار بشاحنات عبارة عن متلاشيات لخزن سلعهم عوض التوجه إلى محلات تجارية. وقضى خبيران قانونيان عينتهما المحكمة لإجراء خبرتين حسابيتين، عشرة أيام بالسوق، التقيا خلالها بالمدير العام للسوق ورؤساء المصالح، خاصة مصلحة الجبايات والميزان. كما أنجزا تقريرا خاصا حول أوراق الكشوفات الخاصة بحمولات الخضر والفواكه. ومن بين أهم النقط التي أشار إليها التقرير وكلاء المربعات، الذين يصل عددهم إلى 39 وكيلا بسوق الجملة، والذين يعتبرون وكلاء غير قانونيين منذ سنة 1989، باعتبارهم محتلين لها، إذ تبين أن عشرين محلا لوكلاء غير قانونيين ضيعت على الدولة 5 مليارات سنتيم. وحسب مصدر «المساء»، فقد تقدم أحد الشهود الرئيسين في ملف سوق الجملة بشكاية إلى الوكيل العام للملك بخصوص الاعتقال التعسفي والإهانة أمام الملأ بغرض تصفية حسابات والانتقام منه. واتهم الشاهد الرئيس في الملف بالسرقة وتم تصفيده داخل محله من قبل عناصر الدائرة الأمنية 25 التابعة لمولاي رشيد، بشكل مخالف للقانون قبل أن يطلق سراحه بعد ساعات قليلة، ويجد محله مقتحما من طرف عدد من التجار الذين سطوا على عدد كبير من الصناديق الخشبية تتجاوز 800 صندوق. وطالب الشاهد الرئيس في الملف بإحالة ملفه على الدرك بخصوص التهم الموجهة إلى الأمن والخاصة بالاعتقال التعسفي، والتهم الموجهة إلى مشتبه فيهم بتصفية الحسابات معه. ومن المنتظر أن تكشف التقارير الجديدة عن مفاجآت بالسوق، إذ لم تستبعد مصادر «المساء» حضور مفتشي الداخلية إلى مقر سوق الجملة، بناء على مجموعة من التقارير، التي رفعها المدير الحالي للسوق، الذي أبلغ عبر تقارير كتابية عن مجموعة من التجاوزات.
تجاوزات وخروقات خطيرة يكشفها عارفون بسوق الجملة بالبيضاء سيل الفساد بسوق الجملة للخضر والفواكه مازال مستمرا، والكل يحكي عن أسماء تجار وسماسرة راكموا ثروات غير مشروعة بالمليارات، حتى أن البعض يقول إن إحالة الملف على العدالة مسرحية حيكت بإتقان لتوجيه القضاء بعيدا عن الرؤوس الكبيرة، التي ظلت سنوات طويلة تعيش على ريع أكبر مرفق اقتصادي لتجارة الخضر والفواكه بالدارالبيضاء. ولضبط مسار الفساد ببورصة الخضر والفواكه بالدارالبيضاء كان لا بد من طرح الكثير من الأسئلة من طرف المهنيين من قبيل: لماذا كان عدد من التجار يخضعون للابتزاز؟ ولماذا كان البعض منهم يتواطأ ويقبل الدخول في لعبة «الشانطاج» وتغيير السلعة المصرح بها أو الوزن أو الاستفادة من عروض التلاعبات التي كانت تقترحها الإدارة في وقت سابق؟ مظاهر الاختلاسات مازالت مستمرة ومتعددة، ومن بين الأمثلة الخاصة بالتلاعبات مظاهر تبديد المال العام، فإذا أخذنا الطماطم، مثلا، فهي توزع، بالنسبة لإدارة السوق، إلى عدة أنواع، منها طماطم أكادير، وطماطم الواليدية، وطماطم «الدّيشي»، وطماطم المحمدية. وتفرض على كل نوع من هذه الطماطم رسومات جبائية. وعوض أن يُفرض، مثلا، ثمن واحد على مستوى الرسوم الجبائية لجميع أنواع الطماطم، يتم ابتزاز الفلاحين والتجار بالرفع أو التخفيض من هذه الرسوم، بدعوى أن هذه الطماطم مختلفة. وهذا ينطبق أيضا على باقي أنواع الخضر والفواكه. هناك أيضا عملية الغش في الحمولة، حيث غالبا ما لا يتم التصريح الحقيقي بحمولة الشاحنات، سواء المحملة بالخضر أو الفواكه، أو التصريح بأن الشاحنة تحمل البطاطس عوض الموز، مثلا. ومن بين أهم مظاهر تبديد الأموال العمومية هناك وكلاء سوق الجملة. فحسب قرار وزير الداخلية الصادر سنة 1962، يتم تعيين وكلاء سوق الجملة عن طريق مباراة، لمدة ثلاث سنوات، ويمكن تمديد الوكالة أو تجديدها بقرار من وزير الداخلية. غير أن الملاحظ أن وكلاء السوق الحاليين تم تعيينهم منذ سنة 1986، منهم من توفي وانتقلت وكالته إلى ورثته دون احترام القانون المعمول به. كما أن هؤلاء الوكلاء، الذين يستفيدون من 1 في المائة مقابل الخدمات التي يسدونها للتاجر، لا يحترمون هذه النسبة، بل يفرضون نسبة أخرى. إضافة إلى ذلك، سبق للمجموعة الحضرية أن خصصت مجموعة من المحلات كمكاتب مؤقتة للوكلاء، لكن هؤلاء قاموا بكرائها لأشخاص آخرين يستغلونها بدورهم في كراء الصناديق الخشبية للعارضين. وتقدر عائدات الكراء الخاصة بهذه المحلات، التي تبلغ 20 محلا، ب 104 ملايين سنويا. ومنذ ربع قرن، يؤدي أصحاب هذه المحلات واجبات الكراء، لكن لا أحد يعرف مصيرها.
عقد تفويت السوق يوحد 3 نقابات و5 جمعيات لأول مرة في التاريخ طيلة العقدين الأخيرين ظل سوق الجملة للدارالبيضاء مثار جدل واسع في صفوف المهتمين بالشأن المحلي البيضاوي، وذلك بسبب ضعف المداخيل المحصلة في هذا السوق الذي يعد أكبر سوق جملة للخضر والفواكه على الصعيد الوطني، ورغم الكثير من المحاولات من أجل إنعاش مداخيل هذا السوق للمساهمة في ضخ ميزانية مهمة في خزينة الدارالبيضاء، فإن هذه المداخيل كانت دوما دون المستوى المطلوب. ولإعادة الروح لسوق الجملة للخضر والفواكه تفتقت قريحة السلطات المحلية والمنتخبة على Yحداث شركة للتنمية المحلية، «المساء» تفتح ملف هذه الشركة والأهداف التي سطرت إليها من أجل إعادة الاعتبار لواحد من المرافق الحيوية في العاصمة الاقتصادية. المادة 1: تكلف الجماعة الحضرية للدار البيضاء شركة الدارالبيضاء للخدمات بتأهيل وتدبير سوق الجملة. المادة 2: التزامات شركة التنمية المحلية الدارالبيضاء للخدمات تلتزم شركة التنمية المحلية بتأهيل وتدبير سوق الجملة للخضر والفواكه، وضمان استمرارية تسيير المرفق العمومي، وذلك طبقا للمقتضيات القانونية المتعلقة بممارسة التجارة، وتنقل الأشياء والأشخاص، وكذا قواعد النظافة والسلامة والبيئة. تسهر شركة التنمية المحلية على وضع التنظيم والإجراءات التي تضمن استغلال السوق في أحسن الظروف. تسهر شركة التنمية المحلية على مراقبة جميع الأنشطة الممارسة بسوق الجملة، طبقا للقوانين الجاري بها العمل. كما تسهر أيضا على حسن استخدام المعدات والتجهيزات الموضوعة داخل السوق. مسؤولية شركة التنمية المحلية مستقلة تماما عن الالتزامات الخاصة بالأشخاص (الذاتيين والمعنويين) الممارسين داخل سوق الجملة. بينما تلتزم، بتنسيق مع المصالح المعنية، بالسهر على احترام القوانين المتعلقة بالأمن، بالصحة والسلامة. يمكن لشركة التنمية المحلية أن توفر خدمات إضافية للوكلاء والتجار وكل المستغلين لسوق الجملة وذلك بعد المصادقة عليها من طرف مجلسها الإداري. وتلتزم شركة التنمية المحلية للخدمات بوضع مخطط الاستثمار لتأهيل السوق وتسهر على تطبيقه طبقا لمقتضيات الفصل 6. وتلتزم شركة التنمية المحلية بتحمل جميع مصاريف التسيير المتعلقة باستغلال السوق مع الأخذ بعين الاعتبار المرحلة الانتقالية ومراعاة التوازن المالي لشركة التنمية المحلية. تلتزم شركة التنمية المحلية بالقيام بصيانة البنايات وتجهيزات السوق باستثناء أشغال الصيانة الكبرى كالأشغال المتعلقة باقتناء وتركيب المعدات الثقيلة، وكذلك الأشغال المتعلقة بالبنية التحتية والطرقات وشبكات التطهير. ويبقى إنجاز هذه الأشغال مسؤولية الجماعة الحضرية للدار البيضاء، التي تسلم المنشآت بعد إنجازها لشركة التنمية المحلية في إطار نظام التخصيص. المادة 3: التزامات الجماعة الحضرية للدار البيضاء تلتزم الجماعة الحضرية للدار البيضاء بتكليف شركة التنمية المحلية «الدارالبيضاء للخدمات» حصريا بتسيير سوق الجملة للخضر والفواكه. وتلتزم بعدم إعطاء أي ترخيص إداري أو غيره يعرقل أو يحد من حق شركة التنمية المحلية في الاستغلال الحصري لهذا المرفق. تتعهد الجماعة الحضرية للدار البيضاء بتسهيل مأمورية شركة التنمية المحلية فور دخول هذه الاتفاقية حيز التنفيذ. تعطي الجماعة الحضرية كل الوسائل والترخيصات والضمانات لتمكين شركة التنمية المحلية من جميع المرافق، المكاتب، الملحقات وغيرها، التابعة لسوق الجملة، من أجل القيام بأنشطتها دون أي قيد أو عائق. تلتزم الجماعة الحضرية بتمويل مخطط الاستثمار المقترح من طرف شركة الدارالبيضاء للخدمات لتأهيل السوق. تلتزم الجماعة الحضرية باحترام مقتضيات المادة 7 المتعلقة بالمرحلة الانتقالية. تلتزم الجماعة الحضرية بمراجعة القرار الجبائي وملاءمته لمقتضيات المادة 5 لتمكين الدارالبيضاء للخدمات من مستحقاتها. المادة 4: الموارد البشرية تسهر شركة التنمية المحلية على أن تكون الموارد البشرية المكلفة بتسيير السوق ملائمة، كما ونوعا، لحاجيات هذا المرفق. ومن أجل ذلك تحدد شركة التنمية المحلية، باتفاق مع الجماعة الحضرية، لائحة الموظفين الذين ستحتفظ بهم، وذلك حسب الحاجيات الحقيقية، وحسب المؤهلات التي تستجيب لتسيير عصري وفعال لسوق الجملة للخضر والفواكه. المادة 5: مستحقات الدارالبيضاء للخدمات تستخلص شركة الدارالبيضاء للخدمات مباشرة من الوكلاء وتجار السوق بالجملة نسبة 3 بالمائة من رقم معاملاتهم المصرح به عند دخول سوق الخضر والفواكه. كما تستخلص الذعائر مباشرة من التجار والوكلاء. وتعدل هذه النسبة عند الاقتضاء عند انتهاء السنة الأولى من الاستغلال، وبعد حصر الوضعية المالية للسوق مع مراعاة منطق التوازن المالي، وذلك في إطار ملحق لهذه الاتفاقية ينص على صرف منحة للتوازن المالي من الجماعة الحضرية للدار البيضاء لصالح شركة التنمية المحلية. المادتان 5 و6: مستحقات الدارالبيضاء للخدمات وتعويضات الجماعة يستخلص وكيل مداخيل سوق الجملة للخضر والفواكه الرسوم وواجبات الكراء المنصوص عليها في القرار الجبائي للجماعة الحضرية للدار البيضاء مباشرة من التجار والوكلاء . المادة 7: برنامج تأهيل السوق تقوم شركة الدارالبيضاء للخدمات مباشرة بعد توليها مهمة تسيير السوق وتأهيله بجميع الدراسات القبلية اللازمة لتشخيص وضعية السوق واحتياجاته. وانطلاقا من خلاصة هذه الدراسات والتوجهات المستقبلية للسوق، تقترح شركة الدارالبيضاء للخدمات برنامج استثمار لتأهيل السوق في أجل لا يتعدى ستة أشهر من المصادقة على الاتفاقية.