بدأ الحديث على أن الجامعات الرياضية التي ظلت تشتغل في الظل رغم كل الإمكانيات المالية التي كانت ترصد لها، ستستقبل قريبا قضاة المجلس الأعلى للحسابات. وتحديدا بعض الجامعات التي كانت ولا تزال تنعم في بحبوحة مالية كما هو حال جامعة الكرة التي وصفت بجامعة السيادة، على صيغة وزارات السيادة التي لا يصلها الحساب من بين يديها ولا من خلفها. غير أن فتحاص قضاة ادريس جطو سيتوقفون كثيرا عند واحدة من المحطات الأكثر حساسية في تدبير شأن الكرة وهي سنوات «حكم» السيد علي الفاسي الفهري الذي جاء على أنقاض حسني بن سليمان. لقد صفق الكثيرون لرحيل الجنرال، ليس لأن مكتبه الجامعي لم يحقق شيئا لكرة القدم المغربية، ولكن لأنه أصبح رئيسا بدون شرعية. لذلك فحينما حل موعد مارس من سنة 2009 اعتقدنا أن المشروعية عادت. لكن المفاجئة هي أن يتحدث البعض على أن المرشح المقبل لهذا المنصب هو « مرشح سيدنا»، الذي لم يكن وقتها غير علي الفاسي الفهري. وهو ما يعني أن كل الذين أبدوا رغبتهم في دخول المنافسة، تراجعوا إلى الوراء. غير أن هذا المرشح لم يكن يتوفر على شروط الترشيح. فالقانون الأساسي للجموع العامة التي تعقدها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم كان يتحدث على أن تشكيلة الجمع العام يجب أن تتكون من أعضاء مكتب المجموعة الوطنية للنخبة، التي تم حلها مباشرة بعد مجيئ الفهري، وأعضاء مكتب المجموعة الوطنية للهواة، التي لقيت نفس المصير. ثم من رؤساء العصب الجهوية. ويمنطوق هذا القانون الأساسي، الذي لا يمكن أن يتغير إلا في جمع عام استثنائي، لم يكن يحق للسيد علي الفاسي الفهري أن يحضر أشغال الجمع العام، فبالأحرى أن يكون مرشحا لمنصب الرئاسة فيه. ضرب القانون عرض الحائط. وقدم الجنرال استقالته. وأعلن علي الفاسي الفهري عن ترشيحه لمنصب الرئاسة. وبلغة التصفيق وليس التصويت، أصبح الفاسي الفهري رئيسا لجامعة الكرة. بنفس الكاريكاتورية والضحك على الذقون، عرف البلجيكي ايريك غيريتس كيف يرسم مقلبا لعلي الفاسي الفهري ومن معه حينما فرض أن يتضمن العقد الذي وقعه كمدرب للمنتخب الوطني الأول، بعد انتظار فاق السنة، بندا سحريا يقول بسرية الأجر الشهري الذي سيتقاضاه. وفي غفلة من الجميع، سيوقع غيريتس العقد، وسيتقاضى أجرا شهريا خياليا ستنكشف حقيقته بعد ذلك وهو يفوق 250 مليون سنتيم بالتمام والكمال. وعلى الرغم من أن وزير الشبيبة الأسبق الشاب منصف بلخياط ظل من أشد المدافعين عن غيريتس وعن سرية الأجر الذي يتقاضاه بمبرر أنه مدرب عالمي. إلا أن وزير الشبيبة المقال، كان قد انتفض مباشرة بعد أن عين وزيرا في حكومة بنكيران ليقول إنه من غير المنطقي ألا نعرف ويعرف الرأي العام أجر مدرب منتخب الكرة الذي يتقاضاه من جيوب دافعي الضرائب. لكن الرجل تراجع خطوتين إلى الوراء، وعجز، كما عجز رئيسه ورئيس حكومتنا عبد الإله بنكيران، عن الكشف عن هذا السر الذي صنفه الكثيرون ضمن أسرار الدولة. وحينما كان منتخب استراليا يحصد الهزائم في مونديال جنوب إفريقيا سنة 2010، كانت جامعة الكرة تبحث عن مدرب ستسيمه مشرفا عاما عن كل المنتخبات الوطنية. ولم يكن الاختيار إلا على مدرب هذا المنتخب الاسترالي الذي كان يستعد لحزم حقائبه للعودة إلى بلده. ومرة أخرى ستنزل المفاجئة غير السارة من اختار بيم فيربيك؟وعلى أية مقاييس؟ ولماذا يجب أن يكون المشرف العام على منتخباتنا الوطنية هولانديا؟ أسئلة لم يجد الفهري أمامها غير الصمت والهروب إلى الأمام. لم نحقق مع هذا الهولاندي، الذي حمل معه جيشا عرمرما من أبناء عمومته، غير المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية التي جرت في لندن صيف هذه السنة 2012. لكن لهذه المشاركة أيادي أخرى ذلك أن المدرب الوطني الوركة هو من صنع هذا الإنجاز، قبل أن يسرق فيم فيربيك مجهوده ثم يتخاص منه بعد ذلك، قبل أن تسير جامعة الفهري بعد ذلك على منواله. والحصيلة هي أن الأولمببين غادروا الدور الأول من هذه المنافسة، وعاد فيربيك ليصرف أجره الشهري السمين دون أن يقوم بأي شيء. ذلك الأجر السري أيضا. إنها الملفات التي سيباشرها قضاة المجلس الأعلى للحسابات قريبا، دون أن ينسوا حكاية التقرير المالي الذي قدمه الفاسي الفهري في جمع الجامعة، والذي مرر كالعادة بالتصفيق بدلا من التصويت، على الرغم من أنه كان بملايين الدراهم.