لم تبدأ مهزلة إريك غيريتس عند تعيينه مدربا للمنتخب الوطني لكرة القدم سنة 2010، وإنما قبل ذلك بسنتين. في 2008 أصبح علي الفاسي الفهري، رئيسا لفرع كرة القدم لنادي اتحاد الفتح الرياضي، بعدما صار محمد منير الماجدي، مدير الكتابة الخاصة للملك، رئيسا للنادي. بعد ذلك بأقل من سنة عين الفاسي الفهري رئيسا للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم خلفا للجنرال حسني بنسليمان، في مذبحة ديمقراطية أسست لكل ما سيأتي بعدها من استخفاف أليم بكل القوانين والحدود. علي الفاسي الفهري كان المرشح الوحيد لرئاسة الجامعة وصار كذلك بتصفيق الحاضرين، رغم أن القانون يشترط في من يترشح لهذا المنصب أن يكون قضى سنتين على الأقل في عضوية نادي من النوادي الكروية. هذا الشرط لم يكن متوفرا بطبيعة الحال في المرشح الوحيد، لكنه كان وما يزال فوق القانون. أما الفضيحة الثانية التي رافقت تعيين الفاسي الفهري على رأس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم فتمثلت في تصريحات بوشعيب بن الدريوش، أحد منافسيه آنذاك، التي قال فيها للصحافة ما معناه أنه "تلقى أوامر من جهات عليا لينسحب من السباق". كذلك كان فانسحب بن الدريوش وانسحب معه محمد الكرتيلي المرشح الآخر للمنصب الذي احتله الفاسي الفهري بقوة الأمر الواقع. حتى أن علي الفاسي الفهري كان المرشح الوحيد من بين الثلاثة الذي حظي بقصاصة خاصة من وكالة الأنباء الرسمية تعلن عن ترشيحه لذات المنصب. استمر علي الفاسي الفهري ومن معه في خرق القانون فأقدم على حل المجموعة الوطنية للنخبة التي تشرف على البطولة الوطنية في قسميها الأول والثاني، كما حل مجموعة الهواة التي تشرف على بطولة أندية الهواة، ليرفع ممثلو هذه الأخيرة دعوى قضائية ضد الجامعة التي يرأسها الفاسي الفهري، ما يزال القضاء لم يقل كلمته فيها بعد. أما قمة "الحكرة" في سيرة الفاسي الفهري الخارقة للقانون فتتجلى في توجيهه مراسلات لرؤساء الأندية الوطنية يحثهم فيها على عقد الجموع العامة وفقا للقانون، بينما لم يعقد هو أي جمع عام لجامعته منذ فرضها رئيسا عليها. القانون يلزم الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بعقد جمع عام في أجل معلوم قبل انطلاق أي موسم من مواسم البطولة الوطنية، لكن الفاسي الفهري مرة أخر فوق القانون وفوق الجميع. لذلك تهون فضيحة العقد "السري" الذي وقعه الفاسي الفهري مع إريريك غيريتس والإكراميات السخية التي اقتطعها له من المال العام، أمام هذه الجرأة في خرق القانون وتخراج العينين في الصحافة والبرلمانيين والمواطنين بكل ثقة في النفس. ليس غريبا إذن أن تبلغ شؤون المنتخب الوطني لكرة القدم في عهد الفاسي الفهري الحضيض. حتى قميص المنتخب صار نشازا بألوان لا علاقة لها بشعار الجامعة المستوحى من ألوان العلم الوطنيḷ بعد ذلك كله يأتي الرجل اليوم ل"يغمق" على البرلمانيين مستعرضا أمامهم أسماء المدربين المرشحين لخلافة إريريك غيريتس على رأس المنتخب الوطني لكرة القدم وكأن المشكل رياضي محض. في حين أن الشق الرياضي ليس سوى جانب ثانوي من فضيحة إيريك غيريتس، مقارنة بالجانب السياسي في هذه الفضيحة التي برع بطلها في خرق كافة القوانين. ليس مسموحا اليوم للبرلمانيين الذين استقبلوا علي الفاسي الفهري بالسقوط في فخه ومجاراته في نقاش اسم المدرب الذي سيخلف إيريك غيريتس، لأن هذا شأن رياضي محض لا يهم لا البرلمان ولا الحكومة. لا يعقل أن يكون هناك مدرب وطني لفريق كرة القدم "يريده الشعب". متى كان للشعب رأي في شأن تقني محض لا يهم سوى المتخصصين والمسؤوليين الإدرايين المباشرين؟ لا معنى لأن يكون هناك "مرشح للحكومة" لأنه مدرب "يريده الشعب". ففي فرنسا، مثلا، وقفت الجامعة المسؤولة عن تدبير شؤون الكرة ضد "الشعب" الفرنسي وأبقت رايمون دومينيك مدربا لمنتخب الديكة حتى كأس العالم 2010 في جنوب إفريقيا. المطلوب من الحكومة والبرلمان بالمقابل محاسبة علي الفاسي الفهري على التدبير المالي والإداري للجامعة على عهده وتصحيح الخروقات التي اقترفها في التعسف على القوانين المنظمة لسير هذه الجامعة. لأن الإخفاق الرياضي ليس سوى نتيجة منطقية للتواطؤ الجماعي على خرق القانون والتغاضي عنه.