يوم ثاني نونبر الجاري، تصدرت العاصمة الاقتصادية للمملكة، الدارالبيضاء، ترتيب المدن المغربية على مستوى مؤشر الجريمة، وتقاسمت معها هذه الصدارة العاصمة الإدارية للمملكة، الرباط، في حين احتلت مدينة فاس، التي كانت طيلة الأسابيع التي تلت عيد الفطر الأخير مسرحا للانفلات الأمني، المرتبة الثالثة ثم جاءت بعدها تطوان ومكناس وطنجة. وحسب الإحصائيات التي تصدرها الإدارة العامة للأمن الوطني، فقد تم خلال هذا اليوم توقيف ما مجموعه 3.236 شخصا على المستوى الوطني. وبعد إجراءات التحقق من الهوية التي باشرتها مصالح الأمن في حق الموقوفين، تم وضع 766 شخصا منهم تحت الحراسة النظرية، وذلك على خلفية ضبط 614 منهم في حالة تلبس بالجريمة، و152 شخصا منهم تبين أنهم من المبحوث عنهم بموجب مذكرات بحث لتورطهم في أفعال إجرامية. هذه الحملة مكنت في ذات اليوم من توقيف 23 شخصا بمدينة الدارالبيضاء و18 بالرباط و16 بفاس و13 بتطوان ثم 12 بمكناس و11 بطنجة، تم توقيفهم على خلفية صدور مذكرات بحث في حقهم لتورطهم في جرائم لها علاقة أساسا بإصدار شيكات بدون رصيد، والسرقات المُشددة عقوبتها، وترويج المخدرات. توقيف هذا العدد الضخم من الأشخاص في يوم واحد جاء نتيجة للمقاربة الجديدة التي اعتمدتها الإدارة العامة للأمن الوطني خلال الشهرين الأخيرين في إطار استراتيجية جديدة للتصدي لمظاهر الإجرام المختلفة. وتقوم تلك الاستراتيجية على التواجد المستمر لمختلف الفرق الأمنية بكل تخصصاتها في الأماكن السوداء التي قد تنشط فيها الجريمة، ونهج طريقة استباق الأعمال الإجرامية بالبحث عن الأشخاص المبحوث عنهم، وأصحاب السوابق والمشتبه فيهم بارتكاب أفعال منافية للقانون. وحسب متتبعين للشأن الأمني بالمغرب، فإن هناك تزايدا، في الآونة الأخيرة، على الطلب الأمني من قبل المواطنين. وتتدخل مؤثرات عدة في هذا الطلب من قبيل النمو الديمغرافي والعمراني والاقتصادي. ويتأثر الطلب الأمني بعاملين رئيسيين وهما تواجد ما يطلق عليه «نواة انحراف»، وتفشي الجريمة الشائعة أو الإجرام الشائع، حيث تعرف مختلف هذه المدن التي شملها هذا الإحصاء «أنوية انحراف» تتشكل من أشخاص من فئة الشباب، كما أن نسبة تورط القاصرين في قضايا السرقات فاقت 17 في المائة. وتتشكل «نواة الانحراف» المذكورة من الشباب الذكور الذين يقومون بارتكاب أفعالهم الإجرامية أو المنحرفة في إطار عصابات، على مستويات أقل من التنظيم، تتشكل من أصدقاء أو إخوة أو أقارب. ومن خصوصيات الأفعال الإجرامية المرتكبة من طرف هؤلاء أن «محصولها الإجرامي» صغير أو زهيد الثمن، وهو الأمر الذي يفسر لماذا يعمد هؤلاء المنحرفون إلى تكرار أفعالهم. ومن خاصيات الأفعال الإجرامية المرتكبة من طرف هؤلاء الشباب قدرتها على إحداث قلق لدى الساكنة، فالاضطراب الصغير الذي تحدثه تلك الأفعال من شأنه أن يربك شريحة اجتماعية بأسرها أو حيا سكنيا بأكمله.