تأخر التحاق عدد كبير من التلاميذ بمدينة العيون بمؤسساتهم التعليمية، رغم حضور الأطر الإدارية والتربوية، وبالرغم كذلك من «الحملة المحتشمة» التي قامت بها كل من الأكاديمية الجهوية للتربية والتعليم والنيابة الإقليمية بالعيون، والتي استنزفت أموالا طائلة بدون جدوى، عبر وضع يافطات أمام أبواب المؤسسات التعليمية لدعوة التلاميذ إلى الاحتفال بعيد المدرسة والالتحاق بأقسامهم. مصادر مطلعة أكدت في تصريح ل«المساء» أن المسؤولين على قطاع التعليم، إقليميا وجهويا، يتحملون قسطا من المسؤولية في فشل العرس الافتتاحي للتلاميذ المقبلين على الموسم الدراسي الجديد. وأكدت مصادر متتبعة للشأن التربوي أن الدخول المدرسي الحالي دشنه رجال التعليم بإقليم العيون بنوع من التشاؤم وغياب وسائل العمل التحفيزية، كما أن غياب بعض التجهيزات بالمؤسسات التعليمية بالإقليم، يتناقض شكلا ومضمونا مع الخطاب الذي يدعو إلى إصلاح التعليم وبين تطبيقه على أرض الواقع، حيث لم تتوفر لرجل التعليم والتلميذ الظروف المناسبة والأرضية الصالحة لخلق أجواء دراسية ملائمة. وكشف الموسم الدراسي الماضي بإقليم العيون عن العديد من الاختلالات التي يعيشها قطاع التعليم نتيجة غياب الإستراتيجية الواضحة لفريق العمل داخل الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بالعيون، والتي أشار إليها أكثر من مصدر، تم خلالها الكشف عن مجموعة من التناقضات التي أثرت بشكل سلبي على معنويات نساء ورجال التعليم بالمنطقة، فبعد تحكم الأكاديمية في قبضة التعليم على صعيد الجهة والتصرف في ميزانية تفوق كل التقديرات دون نهج سياسة ترشيد النفقات، وتوظف هذه الميزانية في مهرجانات ولقاءات تنتهي دون ترك أي صدى لدى التلاميذ والأساتذة، ما يجعلها محط كل انتقاد، حيث يتساءل رجال التعليم وآباء وأولياء التلاميذ حول القيمة المضافة لهذه المهرجانات؟ وصرح عزيز الناحية، مدير الأكاديمية الجهوية للتكوين، ل«المساء» قائلا: «كل منظومة عندها مجموعة من الإكراهات لا يمكن التغلب عليها بصفة نهائية وفي سنة واحدة. نحن نحاول معالجة الإكراهات تدريجيا. وأكد أحد المهتمين بالشأن التعليمي بالمدينة أن إصلاح منظومة التربية والتكوين لا يقتضي فقط إدخال تعديلات على الكتاب المدرسي وتأهيل المؤسسات التعليمية والاعتناء بمحيطها وتحفيز الفاعلين التربويين، إنما يستوجب أيضا الضرب بقوة على يد المستفيدين من مالية الدولة بدون وجه حق. وتعتبر طريقة تدبير ملف الموظفين بنيابة العيون أكبر عائق يواجه هذا الإصلاح الذي يطمح إلى الجودة، إذ لا يمكن لرجال التعليم استيعاب وهضم هذه الترسانة من الشعارات المرفوعة في الوقت الذي يرون زملاء لهم في العمل يتوصلون بأجورهم في نهاية كل شهر، وهم يعلمون ويعلم الجميع أنهم لا يصلون إلى مقرات عملهم إلا نادرا، أو بعبارة وزير التربية الوطنية «يتوصلون بمانضة باردة». كما يعرف الخاص والعام في العيون أن أغلب هؤلاء، بحكم عدم متابعتهم قانونيا، تفرغوا لخدمة مصالحهم الشخصية والجلوس في المقاهي أو خدمة أعمال جمعوية. وقد أصبحت أسماء بعض موظفي النيابة مرتبطة بالمهرجانات الفنية التي تنظمها بعض الجمعيات خارج نطاق التعليم، فمن رخص لهؤلاء الموظفين بذلك؟ فهل يخفى هذا على النائب الإقليمي الجديد، الذي يطالب بالصرامة في مسؤوليته لتسيير القطاع وتحقيق الأهداف المرجوة منه. أما نفقات الهاتف فقد تجاوزت السنة الماضية سبعة ملايين سنتيم ما جعل مدير الأكاديمية السابق يقدم على خطوة جريئة، وذلك بتعطيل الهاتف والأنترنيت في بعض المصالح داخل الأكاديمية. وتساءلت بعض المصادر عن اختفاء بعض السيارات التابعة للأكاديمية وطالبت بالكشف عن مصاريف التنقل، خارج الإقليم. وتأخر عملية التدريس بالثانوية التقنية، في الوقت الذي كان من المفروض فيه أن تعرف نهاية الموسم الدراسي الماضي تخرج أول فوج من تلاميذ الباكالوريا في الشعب التقنية. تأخر جاء بسبب عدم جاهزية بناية الثانوية، التي تأخرت أربعة مواسم كاملة، إذ كان يجب أن تنطلق الدراسة بالثانوية موسم 2006/2007 بعدما صادق المجلس الجهوي لجهة العيون بوجدور الساقية الحمراء في دورته العادية لشتنبر 2005 على المشروع بتكلفة قيمتها 20 مليون درهم وزعت بين ثلاثة أطراف هي وكالة تنمية الأقاليم الجنوبية بحصة 7 ملايين درهم، وجهة العيون بوجدور الساقية الحمراء بقيمة 4 ملايين درهم، فيما تكفلت الوزارة الوصية بالباقي، أي 9 ملايين درهم. وكما صرح في وقت سابق رئيس جهة العيون بوجدور الساقية الحمراء سيدي حمدي ولد الرشيد، فإن وكالة الجنوب هي المسؤولة عن تنفيذه، وتكفلت الوكالة بالمشروع بعدما ضخت الأطراف الأخرى حصتها من ميزانية الوكالة القائمة على سير المشروع، فيما قامت الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بعملية المراقبة والتتبع. وقد استفادت شركة محلية يملكها أحد الداعمين لرئيس الجهة خلال الانتخابات الأخيرة من المشروع، في الوقت الذي كانت مشاريع الوكالة تستفيد من الإعفاء الضريبي على القيمة المضافة. ما جعل المشروع يتوقف منذ سنة 2006، نظرا إلى المساطير المعقدة لتعديل قوانين صفقة المشروع، وثانيا إلى عدم استعداد الأطراف للتواصل وللجلوس للاتفاق على الزيادة في حصص تمويل المشروع لفائدة الشركة المكلفة بالتنفيذ، ومساعدتها على تخطي مستجدات رفع الإعفاء الضريبي عن مشروعات الوكالة، مع التفكير في توفير مواد البناء لتجاوز التأخير الكبير في إنجاز ورش الثانوية التقنية ، خاصة أنه تم تعيين مدير الثانوية التقنية من طرف الوزير في السنة الماضية، بالإضافة إلى حلول أساتذة في إطار الحركة الانتقالية نحو الثانوية التقنية، ناهيك عن الأدوات والمعدات التي لازالت حبيسة المستودعات تنتظر أن يستفيد منها التلاميذ، بعد أن صرفت عليها وزارة التعليم، حسب مصادر موثوقة ل«المساء»، مبلغا يكاد يصل إلى المليار من السنتيمات في صفقة مع دولة أوربية.