قررت الحكومة الإيطالية، يوم أمس، الالتجاء إلى مؤسسات قضائية عليا بالاتحاد الأوربي بعد أن أصدرت المحكمة الأوربية المكلفة بحقوق الإنسان بستراسبورغ، أول أمس، حكما طالبت فيه إيطاليا بإزالة رموز الصليب من المدارس العمومية الإيطالية. وعللت المحكمة الأوربية حكمها بضرورة احترام السلطات الإيطالية لحقوق المواطنين الآخرين في الاعتقاد وفي الحرية الدينية، موضحة أن وضع رمز الصليب داخل المؤسسات التعليمية قد يخلق ارتباكا لدى التلاميذ غير المسيحيين ويفرض عليهم اعتقادا دينيا مختلفا عن الاعتقاد السائد في محيطهم الأسري. واعتبرت وزيرة التعليم الإيطالية، ماريا ستيلا جيلميني، أن طعن حكومتها في الحكم الأوربي مرده إلى أن رمز الصليب بإيطاليا لا يمثل رمزا دينيا يشير إلى المسيحية بقدر ما هو رمز ثقافي تاريخي مرتبط بالهوية الإيطالية، حسب رأيها. أما رئيس مجلس النواب الإيطالي، جان فرانكو فيني، فقد انتقد الحكم الصادر ليصفه ب«غير المنطقي» ويؤكد أن دور الثقافة المسيحية داخل المجتمع الإيطالي أقوى من الثقافة اللائكية. من جهتها، عبرت الفاتيكان، من خلال ناطقها الرسمي فديريكو لوماباردي، عن خيبة أملها في الحكم الذي اعتبرته حكما أعمى وخاطئا يمنع الإيطاليين من الحفاظ على ثقافتهم وتاريخهم وهويتهم، حسب رأيها. وفي السياق ذاته، اعتبر أبناء الجالية الإسلامية بإيطاليا، من خلال عدد من المسؤولين عن المراكز الإسلامية بشمال إيطاليا، أن قرار المحكمة الأوربية بإزالة الصليب من المدارس الإيطالية يبقى حكما منطقيا وصائبا، حسب تعبير عدد منهم، مؤكدين أن المجتمع الإيطالي يبقى، من خلال بنود دستوره، مجتمعا لائكيا ويجب على السلطات فيه أن تحترم مشاعر الأقليات الدينية وألا تفرض عليها رموزا وتعاليم دينية قد تخلق إحراجا لها، حسب رأيهم. ويذكر أن مواطنة إيطالية من أصل فنلندي، تسمى سويل لاوتسي، كانت قد رفعت مجموعة من الدعاوى القضائية ضد المؤسسة التعليمية التي يدرس فيها أبناؤها بجهة الفينيتو الإيطالية وضد وزارة التعليم الإيطالية لإزالة الصليب من أقسام المدارس، معتبرة ذلك مسا بحرية اعتقادها، اللائكية، وعنصرية من طرف السلطات الإيطالية. لكن كل أحكامها كانت تقابل بالرفض من طرف القضاء الإيطالي لتقرر الالتجاء إلى المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان بستراسبورغ. وكان اسم عادل سميث ،وهو رئيس اتحاد المسلمين بإيطاليا، قد التجأ قبل أربع سنوات إلى القضاء الإيطالي لإزالة الصليب من المدرسة التي كان يتعلم فيها أبناؤه، لكن حملة معادية ضده وضد الإسلام، بسبب موقفه، عجلت برفض دعواه من طرف القضاء الإيطالي.