عاد الجدل مجددا ليرخي بظلاله الداكنة على العلاقة المتوترة بين جماهير النادي القنيطري و المغرب التطواني. لقد ظل الجدل محتدما منذ الوفاة الملتبسة للطفل التطواني «فايز زايد» بضواحي مدينة القنيطرة عقب مباراة جمعت الفريقين منذ ثلاث مواسم، و هو السجال الذي تحول إلى احتقان أبعادا خطيرة و صل حدود إشهار صك اتهام صريح في وجه الجمهور الحلالي من طرف بعض الفصائل التطوانية التي رمت بمسؤولية فقدان أحد أعضائها على كاهل الجماهير القنيطرية. لا أحد كان يظن أن تدخل النازلة هذا المنعطف الخطير المشفوع بخطاب استفزازي إن لم نقل «دموي» تبلور على شكل شعارات قاسية و عنصرية من قبيل: «علاش دانييل اختار قنيطرة» ثم «حلالي غادي يموت»، ليرتفع بذلك صبيب الرسائل الوضيعة و المتوترة بين طرفي الصراع عبر مواقع التواصل الإجتماعي، إلى أن حلت جمعية «زايد فايز» الموسم الماضي بالملعب البلدي لمدينة القنيطرة بعد أن نجحت آنذاك في اختراق حواجز المنع التي فرضتها السلطات الأمنية على الجمهور التطواني في إطار عرف أمني بات يلزم جماهير الفريقين منذ رحيل الطفل التطواني. لن نخفيكم بأن الرسالة التي أطلقتها والدة «زايد» المنتسبة للجمعية المذكورة بين شوطي المباراة و هي تتأبط ميكروفونا وسط البساط الأخضر للملعب البلدي، قد شدت أنفاس الحشود الجماهيرية القنيطرية التي ظلت تنصت بإمعان أمام اندهاش كل الدفق الأمني المحيط بالملعب الذي كان يتوقع الأسوء. الكل خلص في تلك اللحظات بأن شحنات التوتر بين الجمهورين سيكون مآلها التلاشي لا محالة في المدى المنظور، لا سيما بعد التجاوب الجماهيري العارم الذي وقف احتراما و تعاطفا ثم انتهى بتلاوة الفاتحة استحضارا لروح «فايز زايد»..كم كانت تلك اللحظات مرهفة و مفخرة على حد سواء للجمعية صاحبة المبادرة و الجماهير الحلالية التي تفاعلت في وقت كان يتوقع فيه المتتبعون جنوح القنيطريين للاقتصاص من فصيل جماهيري و صف ضمنيا مدينة القنيطرة ب»معقل مغتصبي الأطفال»..فما الذي جعل إذن شموع جمعية «فايز زايد» تخمد مع توالي الأيام …؟.. سؤال نتركه في عهدة من يهمه الأمر، لنكتفي باستحضار جملة قالتها والدة الراحل في حضرة الجمهور القنيطري: «لا أريد أن تكون وفاة إبني سببا في القطيعة بين جماهير المدينتين» تعبير بليغ تلقاه المراقبون على أساس أن جمعية «فايز زايد» ستكون بمثابة صرح توعوي يؤسس لمشروع طموح قوامه التفاني في إذابة جليد الأحقاد و الخلافات المستحكمة بين الجمهورين… و يبقى الجديد في هذا الوضع القاتم هو تحول منتديات التواصل الاجتماعي هذه الأيام إلى أرضية لبلورة خطاب الترحاب من لدن بعض شرائح الجمهور القنيطري لفائدة الجمهور التطواني..ألا يعتبر ذلك إيذانا بأن الطريق باتت سالكة لاستنبات بذور التسامح و المصالحة في إطار مشروع وطيد الأركان تطلقه هيئات المجتمع المدني المعنية بترشيد الفرجة الرياضية و تخليقها خدمة لأهداف الإدماج الإجتماعي و الترقي الأخلاقي؟؟.. فماذا لو استرشدت أيضا بعض لوبيات الضغط الجماهيري الكروي بومضات الفكر المتحضر و بالتالي إنهاء شريط التناحر كمقدمة للخروج من ذلك القفص الدوغمائي الموغل في تنزيه الذات و تسفيه الآخر.