انقسمت جمعيات المجتمع الحقوقي والمدني المغربي، حيال الكيفية التي يجب بها التعامل مع منتدى المستقبل، الذي ستنطلق أشغاله اليوم (الاثنين)، بمشاركة عدد كبير من دول شمال إفريقيا، والشرق الأوسط، واللجنة الأوروبية، بالإضافة إلى أمريكا، والدول الثمان الأكثر تصنيعا. وبينما أعلنت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، عن مشاركتها، في هذا المنتدى لإسماع صوت جمعيات المجتمع المدني، قادت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، حملة مضادة، مناهضة لانعقاد الدورة السادسة للمنتدى، حيث دعت «الخلية المغربية لمناهضة منتدى المستقبل» إلى الاحتجاج عصر اليوم (الاثنين)، كما فعلت في أول دورة عقدت بالمغرب سنة 2004، رغم أن إسرائيل لم تشارك. وقال عبد الحميد أمين، نائب رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ل«المساء» إن موقف الجمعية، وعدد من جمعيات المجتمع المدني، واضح المعالم، ولا يقبل التجزيء، وأن الجميع ضد الهيمنة الأمريكية، التي لم تنقذ دول الشرق الأوسط، ديمقراطيا، كما ادعت، بل أشعلت نار الفتن الطائفية، وأن من يعول على أمريكا لتحصيل منافع أو مصالح، فإنه سيحصد الريح. وأكد أمين أن القوى الديمقراطية المناهضة للإمبريالية، سبق لها أن نددت بانعقاد «منتدى المستقبل» باعتباره الصيغة الإجرائية للمخطط الأمريكي المسمى مشروع الشرق الأوسط الكبير المطروح غداة احتلال العراق ابتداء من مارس 2003 من أجل جر دول المنطقة إلى تزكية الاحتلال والقبول بهيمنة الإمبريالية الأمريكية على المنطقة. ومن جهته، قال خالد السفياني، أحد نشطاء القومية العربية، إن منتدى المستقبل يهدف إلى زرع الفتن داخل الدولة العربية الواحدة، ويحاول استغلال الأيادي البيضاء لباراك أوباما من أجل إحياء عملية الرئيس السابق جورج ولكر بوش، التي كانت ترمي إلى خلق دويلات مصطنعة داخل كل دولة عربية، بدعوى أن الديمقراطية، ستتم بالتدريج، مشيرا إلى أن نموذج العراق يعد أصدق دليل، على حد قوله، حيث وزع التراب العراقي إلى مناطق، مما سهل ولوج الفكر الصهيوني إلى المنطقة، لتهديم القيم الحضارية العربية الإسلامية، وساهم في التطبيع مع الوضع القائم في فلسطين، وخاصة في القدس. وفي سياق متصل، أكدت أمينة بوعياش، التي شاركت منظمتها في اجتماع تمهيدي مع عدد من منظمات المجتمع المدني لنفس الدول المشاركة، بتنسيق مع الجمعية الإيطالية «لا سلام بدون عدالة»، مشاركة 35 شخصا في منتدى المستقبل، من أجل إسماع صوت المجتمع المدني. وبخصوص الاختلاف القائم بين جمعيات المجتمع المدني والحقوقي بين الداعي إلى المشاركة، أو الاحتجاج، قالت بوعياش ل«المساء»: «لكل رأيه في طريقة النضال، هناك من يرغب أن يحتج من داخل المنتدى، ويبسط وجهة نظره، ويقدم الحجج على مدى صوابية قراراته وآرائه، وهناك من يريد الاحتجاج من خارج المنتدى». ودعت بوعياش المشاركين في اجتماع مراكش إلى وضع آلية للتقييم والمتابعة السنوية للقرارات الوزارية المنبثقة عن منتدى المستقبل، معربة عن الأمل في أن يكون صوت المجتمع المدني بمراكش، «صوتا متميزا ذا رؤية إستراتيجية، لتحقيق أهداف المنظمات غير الحكومية لمنطقة شمال إفريقيا، والشرق الأوسط الموسع المتمثلة في إقرار الديمقراطية، واحترام حقوق الإنسان، والسلم والمساواة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لشعوب المنطقة». ومن جهة أخرى، أكد نيكولو فيكا تلامنكا، رئيس جمعية «لا سلام بدون عدالة» الإيطالية، أن منتدى المستقبل يشكل إحدى أهم المبادرات الدولية الرامية إلى دفع الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وخطوة متقدمة لتحقيق ذلك، مقارنة مع المبادرات الأخرى التي سبقتها، والتي آلت غالبيتها تدريجيا إلى التراجع، والاضمحلال. وقيم المشاركون نتائج الورشات التي عقدت في بيروت والرباط والدوحة حول مواضيع «الإصلاحات الاقتصادية والقطاع الخاص بمنطقة الشرق الأوسط الموسع وشمال إفريقيا»، و«الديمقراطية والحقوق الإنسانية ذات الصلة والحكامة المحلية بمنطقة الشرق الأوسط الموسع وشمال إفريقيا»، و«التنمية الاجتماعية، من أجل رؤية جديدة للأمن الإنساني في منطقة الشرق الأوسط الموسع وشمال إفريقيا».