في فضيحة غير مسبوقة، استنفرت مختلف الأجهزة الأمنية بسلا، تمكن 11 معتقلا من الفرار، في ساعة مبكرة من صباح أول أمس، من معتقل المنطقة الإقليمية للأمن بسلا في غفلة من الحراس. وحسب ما كشفت عنه مصادر مطلعة، فإن المعتقلين استغلوا وجود باب خلفي بزنزانة «الجيور»، يخصص في الغالب لتسليم الأغذية وبعض المواد التي تجلبها أسر الموقوفين والمعتقلين، من أجل التسلل إلى خارج مقر المنطقة الإقليمية للأمن، ومعانقة الحرية من جديد، دون أن يتم الانتباه إليهم، علما أن المكان يضم عددا من المقرات التي يفترض توفرها على حراسة مشددة، منها مقر المحكمة الابتدائية الذي توجد به غرفة الجنايات المكلفة بقضايا الإرهاب، إضافة إلى وجود بناية أخرى تابعة للقوات المساعدة. وحسب المصادر ذاتها، فإن الباب الذي تسلل منه الفارون يواجه سور سجن الزاكي الذي يؤوي عددا من أخطر المجرمين، ويضم أبراجا للمراقبة، علما أن مقر المنطقة الإقليمية لصيق، أيضا، بمقر عمالة سلا، وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول طبيعة إجراءات الحراسة والمراقبة التي تطبق في مكان يضم عددا من الإدارات والمباني الحساسة. وأوردت المصادر ذاتها أن حالة استنفار قصوى شهدها مقر المنطقة الإقليمية لأمن سلا فور شيوع خبر فرار المعتقلين، إذ حضر عدد من كبار المسؤولين على وجه السرعة، لتصدر أوامر وتعليمات لجميع الأجهزة الأمنية بالانخراط في حملة مطاردة وملاحقة للعناصر الفارة. وحسب المصادر ذاتها، فإن الحادث خلف غضبا كبيرا لدى المديرية العامة للأمن الوطني التي أمرت بموافاتها بجميع التفاصيل، وهو ما يمهد لعاصفة من القرارات قد تطيح بعدد من الرؤوس الأمنية بالمدينة، بالنظر للتقصير وحالة التراخي الواضح في حراسة البناية التي تضم مقر المنطقة الإقليمية للأمن، وهو ما يفسر تمكن العناصر الفارة، وبعضها متورط في قضايا جنائية، من تجاوز جميع البنايات الموجودة بالمكان قبل أن يختفي أثرهم. وعلمت «المساء» أنه تم الاستماع للعناصر الأمنية التي كانت مكلفة بحراسة «الجيور»، في حين سيشرع في الاستماع لرؤسائهم في وقت لاحق موازاة مع رفع تقارير حول الواقعة، دون أن تستبعد المصادر ذاتها صدور موجة قرارات تأديبية صارمة في حقهم إما بالتنقيل أو الإعفاء من المهام. وكانت شوارع مدينة سلا وضواحيها شهدت، مباشرة بعد اكتشاف «الهروب الكبير»، عمليات تمشيط مكثفة، شاركت فيها مختلف الأسلاك الأمنية، حيث شوهدت سيارات تابعة للشرطة القضائية، والأمن العمومي، ودراجات الصقور، وهي تمسح عددا من الأحياء، كما بوشرت سلسلة من التحريات لتحديد الأمكنة التي يحتمل أن تلجأ إليها العناصر الفارة. وعلمت «المساء» أن المصالح الأمنية بسلا وضعت يدها إلى حدود عصر أول أمس، على أربعة عناصر فارة، ويتعلق الأمر بقاصر قامت أسرته بتسليمه، ليسلم بعدها عنصران نفسيهما طواعية ساعات بعد تمكنهما من الهرب، قبل أن يتم القبض على عنصر رابع فيما لا يزال مكان سبعة فارين مجهولا. وحسب المصادر ذاتها، فقد خضعت العناصر التي تمت إعادة اعتقالها للبحث والتحقيق، وكشفت في تصريحاتها أن عميلة الهرب تمت بسلاسة، وأنهم أخذوا وقتهم الكافي من أجل فتح الباب والتسلل خارجا واحدا تلو الآخر، دون إثارة الانتباه ودون أن يعترض سبيلهم أحد.