مرت أربع سنوات على احتجاجات حركة 20 فبراير، والعديد من المواطنين والناشطين السابقين يتساءلون عما تبقى من الحراك الشعبي الذي عرفه المغرب آنذاك. كي نجيب عن هذا السؤال، يجب أن نطرح سؤالا آخر، ألا وهو: ما الذي كان منتظرا أن تحققه الحركة؟ إذا كان منتظرا وقتها من احتجاجات حركة 20 فبراير أن تنجح في إسقاط النظام السلطوي المغربي وبناء نظام ديمقراطي حقيقي، على غرار ما صنعته الحركة الاحتجاجية في تونس، فأكيد أن الحركة فشلت؛ لكن فشلها قد يبرر بقدرة النظام المغربي على أن يستخلص العبر من سقوط الرئيسين التونسي والمصري وأن يستجيب بشكل سطحي للمطالب السياسية؛ ويبرر، أيضا، بالدور الذي قام به عددٌ كبيرٌ من الأحزاب السياسية التي رفضت الانتقال إلى نظام ملكية برلمانية يكتفي فيه الملك بدور رمزي، بل وطالبت بالحفاظ على ملكية تنفيذية يحكم فيها الملك ولا يساءل عن أفعاله. والواقع أن أهمية حركة 20 فبراير تتجلى في قدرتها على أن تمثل روح التغيير الديمقراطي الحقيقي أمام أحزاب سياسية استسلمت للأمر السلطوي، بل ساهمت في تكريسه وتفويته؛ ومن ضمن هذه الأحزاب السياسية نجد جزءا من اليسار المغربي الذي ساهم بشكل كبير في النضال الديمقراطي في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي إلى أن أصبح حليفا للملكية بعد أن كان يعارضها؛ فحركة 20 فبراير، التي ساهم فيها جزء كبير من المناضلين اليساريين، أشعلت من جديد روح التغيير الديمقراطي التي فقدتها الأحزاب اليسارية الحكومية، بل كانت لحظة نادرة من تاريخنا السياسي سمحت لقوى تنتمي إلى مشارب فكرية وسياسية ومدنية مختلفة، بما فيها حركات إسلامية وأحزاب يسارية وجمعيات حقوقية، بأن تتوحد في محاربة الفساد والاستبداد والمطالبة بالتغيير الديمقراطي. وهذا النوع من التقارب السياسي بين قوى تمثل فئات مختلفة من الشعب المغربي، بالرغم من التوترات والمناوشات، هو شرط من أهم شروط الانتقال الديمقراطي النابع من المجتمع، لأن بدونه لا يمكن محاربة النظام السلطوي ولا التوافق حول قواعد التنافس الديمقراطي الحر ولا بناء دولة الحريات والتعدد الحقيقي. وبدون شك، فإن حركة 20 فبراير سمحت بتغيير، ولو طفيف، على مستوى الدستور، حيث أصبح رئيس الحكومة يتمتع بصلاحيات حقيقية على مستوى تسيير شؤون الدولة، مثل التعيين في المناصب العليا؛ كما أن الحراك الشعبي فتح نافذة التسيير الحكومي لحزب العدالة والتنمية لأن النظام اضطر إلى أن ينظم انتخابات تشريعية نزيهة في نونبر 2011. وأكيد أن تسيير العدالة والتنمية للحكومة أفضل بكثير من تسيير الأحزاب الأخرى الموجودة في المشهد السياسي الرسمي، لكنه سرعان ما تراجع عن رغبته في تقليص صلاحيات القصر في اتخاذ القرارات الحكومية وتوسيع دائرة القرارات الخاضعة للمساءلة والمحاسبة. واليوم، عندما نتكلم عن حركة 20 فبراير، نتكلم عن لحظة تاريخية فتحت آمالا جديدة، ولو لم يتم تحقيقها على أرض الواقع؛ كما يجب أن نستحضر كل من ساهم في النضال الديمقراطي من قبل، لأن المعركة من أجل الحرية والكرامة والعدالة هي مسيرة طويلة استشهد فيها العديد من المناضلين الشرفاء، ولا يمكن أن تستمر إلا إذا كانت هناك دائما رابطة بين الماضي والمستقبل، وبين الذاكرة والأمل.