كشف تقرير أنجزه البنك الإفريقي للتنمية عن عجز السوق المغربية عن الابتكار والتنسيق، معتبرا أن «مستوى تطور الصادرات المغربية ضعيف بالمقارنة مع مستوى دخل كل فرد، إلى جانب ضعف التنسيق بين الفاعلين العموميين والخواص وهو ما يعيق نمو الصادرات المغربية. واعتبر التقرير، الذي قدم أول أمس بالرباط بحضور رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، أن «النظام القضائي المغربي يعد من بين الإكراهات التي تعيق الأنشطة الاقتصادية»، إذ بالرغم من الإصلاحات المنجزة خلال العقد الماضي بغية تحديث وتعزيز إطاره المؤسساتي، مازال النظام القضائي يعاني من نوع من البطء في تطبيق المساطر وتنفيذ القرارات، مما يدفع المقاولات المغربية والأجنبية إلى تجنب اللجوء إلى النظام القضائي». ورصد التقرير، الذي يحمل عنوان «تحليل الإكراهات التي تعوق تحقيق نمو واسع وشامل بالمغرب» ثلاث مفارقات في النموذج الاقتصادي المغربي، أولاها أنه «على الرغم من أن المغرب يحقق معدل استثمار يعد من بين أعلى المعدلات في العالم، 7،31 في المائة من الناتج الداخلي الخام سنة 2012، يظل معدل النمو دون المعدل المتوقع ويبقى هذا النمو مرتكزا أساسا على الاستهلاك الخاص والعام»، أما المفارقة الثانية فتتمثل في أنه «على الرغم من حجم الاستثمارات يبقى التحول الهيكلي للاقتصاد بطيئا ويظل التصنيع ضعيفا»، في حين تتجلى المفارقة الثالثة في أن «القطاع الخاص يظل ضعيف الحركية ويفتقر لمقاولات صغيرة ومتوسطة الحجم، رغم أن هذه الأخيرة عادة ما تكون الأكثر ابتكارا في بلدان أخرى. ومن بين المعيقات والإكراهات التي رصدها التقرير الولوج إلى العقار الفلاحي والصناعي، الذي اعتبره « إكراها رئيسيا معيقا لتنمية الاستثمار الخاص في المغرب»، لكونه أصبح أكثر صعوبة، خصوصا مع تعقد الأنظمة العقارية وتنوع قواعد تدبير الأراضي، فضلا عن عدم كفاية العرض من الأراضي التي تستجيب لحاجيات المقاولات، إلى جانب ضعف التنسيق بين المتدخلين في هذا القطاع. أما فيما يتعلق بالنظام الضريبي فإنه لا يسمح بتوجيه ناجع للاستثمارات، إذ أن المقاولين بالمغرب يعتبرون أن الضريبة تشكل عبئا ثقيلا وعائقا يحول دون تنمية أنشطتهم، على الرغم من «الجهود المبذولة في اتجاه تبسيط هذا النظام وإرساء نظام عادل وواضح ومنسجم، ورغم أن نسب التضريب في المغرب ليست مفرطة وهي تماثل النسب المطبقة في بلدان مثل تونس»، يقول التقرير. ولم يستثن التقرير واقع التعليم بالمغرب، حيث اعتبره « الحلقة الأضعف فيما يخص تنمية الرأسمال البشري»، حيث قالت الدراسة «على الرغم من الجهود الهائلة التي بذلتها الحكومة، لا تزال نسب التمدرس بالتعليم الثانوي والعالي ضعيفة، في حين يبقى معدل مدة التدريس دون متوسط البلدان ذات نفس مستوى الدخل، وتتمخض عن هذا الوضع يد عاملة لا تتقن المهارات العامة والخاصة». يذكر أن الدراسة أعدها البنك الإفريقي للتنمية، بتعاون مع المغرب وبمبادرة من المؤسسة الأمريكية «هيأة تحدي الألفية»، وذلك في إطار الإعداد لبرنامج التعاون الثاني مع هذه المؤسسة.