لم تكن السيدة سعاد لهواوي تظن أن الشاب الذي تقدم إلى باب منزلها طالبا شربة ماء، سيتحول فجأة إلى وحش كاسر، تنطلق الشرارة من عينيه، حينما همت بتلبية طلبه، قاصدة المطبخ لمنحه كوب ماء يطفئ نار العطش الذي ادعى أنه يكتوي بلهيبه، قبل أن تكتشف أن الشاب الذي تركته عند الباب، قد تعقبها، ولحق بها شاهرا سكينا في وجهها، لتبدأ فصول أحداث لم تكن تتوقعها، ولو في أحلامها. وقتها كان السوق الأسبوعي لمركز سيدي عمر الحاضي بدائرة حد كورت إقليمسيدي قاسم، يغص بالمتبضعين، حينها، كانت سعاد، التي لم يتجاوز عمرها إحدى والعشرين سنة، منهمكة في تنظيف باب مسكنها الكائن بالمركز نفسه، بعدما غادر زوجها حفيظ المنزل في اتجاه عمله، تاركا ابنته الصغيرة ذات السنة ونصف تغط في نوم عميق. بدت الزوجة أكثر حيوية ونشاطا خلال هذا اليوم، أكملت ترتيب أثاث البيت، قبل أن تقرر تنظيف جنباته، وبينما هي كذلك، كانت أعين الشاب «ح«، المعروف في المنطقة بسلوكه المنحرف، تتربص بجسد سعاد، مستغلا انشغال الجميع بمتطلبات السوق الأسبوعي، وما هي إلا لحظات قليلة، حتى اقترب منها كالحمل الوديع، مطأطأ الرأس، وحينما انتبهت إلى وجوده، طلب منها بأدب مصطنع إسقاءه جرعة ماء، وهو ما سعت إلى تنفيذه في الحال بكل عفوية، ولم تكن تدري سيدة البيت أن تركها لباب المنزل مشرعا أمام ذئب بشري، سيجر عليها ويلات كانت في غنى عنها. انتظر الجاني حتى توارت الزوجة المسكينة عن أنظاره، ليستل سكينه، ويقتف أثرها داخل المنزل، بعد أن أحكم إغلاق الباب، ليباغت الضحية وفي يدها كأس الماء الذي طلبه، محاولا الانقضاض عليها بالقوة لإشباع غريزته الجنسية، لكن يقظة الزوجة، وإبداءها لمقاومة شديدة، دفعت المعتدي، الذي كان تحت تأثير مخدر «السليسيون»، إلى تهديدها بالسكين، لإجبارها على الصعود معه إلى سطح المنزل لممارسة الجنس عليها، إلا أن استماتة الضحية ورفضها الخضوع والانصياع لنزواته، أغضبت كثيرا مهاجمها، الذي تحول فجأة إلى وحش آدمي هائج، وصار يطعنها بسلاحه في جميع أنحاء جسدها، وينهش لحمها بعدوانية كبيرة، اعتقادا منه بأنه سيرمم كبرياءه الذي انهار وتحطم أمام عفاف الزوجة سعاد، قبل أن يلوذ بالفرار، تاركا فريسته مضرجة في بركة من الدماء، تحت أنظار طفلتها، وأخت زوجها الصغيرة، التي هالها ما وقع، فشرعت في الصراخ بأعلى صوتها، قبل أن تقرر إشعار أفراد من عائلتها القاطنة بالجوار. يقول حفيظ، وفق ما جاء على لسان زوجته الضحية «لقد كان بإمكان سعاد أن تفر من الباب الآخر الموجود على مقربة من المطبخ فور اقتحام المجرم للمنزل، لكن خوفها على ابنتنا الوحيدة فاطمة الزهراء وأختي الحسنية، اللتين كانتا نائمتين بإحدى غرف البيت، جعلها تخاطر بحياتها لصد أي اعتداء محتمل عليهما». وبحسب الزوج (31 سنة) فإن هذا العمل الإجرامي الشنيع، أسفر عن إصابة زوجته بجروح غائرة على مستوى الوجه، بلغ طولها 15 سنتيمترا، وأخرى بنفس الحجم بالرأس، وكذا بإصابات بليغة في أنحاء أخرى من الجسم، بالإضافة إلى تمزيق عصب اليد اليسرى، أدى إلى نزيف دموي حاد، استدعى إخضاعها لعملية جراحية مستعجلة بالمستشفى البلدي بسيدي قاسم، بعد أن نقلت إليه على متن سيارة خاصة، مباشرة بعد استكمال المحققين الدركيين، الذين جاؤوا متأخرين إلى عين المكان رغم انعقاد السوق الأسبوعي، لتحرياتهم الأولية، واستماعهم إلى الضحية، ومعاينتهم لمسرح الجريمة، الذي حل به أيضا رئيس دائرة حد كورت ورئيس الجماعة القروية ومنتخبون. ولم يتمالك معارف الأسرة المنكوبة أعصابهم، من فظاعة ما ارتكب في حق ابنتهم التي لم يمر على زواجها عامان، وراحوا جماعة، برفقة شباب الحي الذين استنكروا هم أيضا بشدة هذا الحادث، إلى منزل الجاني، حيث تجمهروا حوله بكثافة، مطالبين بالقصاص، قبل أن يلحق بهم رجال الدرك، لثنيهم عن القيام بما لا تحمد عقباه، وتهدئة الأوضاع التي كادت تخرج عن السيطرة، بفعل إصرار الغاضبين على اقتحام مسكن المتهم، الذي لا زال في حالة فرار، وهو ما دفع عناصر الدرك الملكي إلى اعتقال والده أمام الملأ، لإطفاء نار الغضب المشتعلة، قبل أن تقوم بإطلاق سراحه في ليلة اليوم نفسه، ملتمسة، في اليوم الموالي، من أفراد عائلة الضحية إشعار مركز الدرك في حال رؤيتهم للجاني، أو الإمساك به واصطحابه إلى مقر الدرك.