خلصت دراسة قامت بها الوزارة المكلفة بالجالية وبرنامج الأممالمتحدة للتنمية إلى أن الأزمة الاقتصادية العالمية كشفت عن هشاشة الأوضاع التي يعيشها الكثير من أفراد الجالية المغربية، وأنهم الأكثر عرضة لويلات الأزمات الاقتصادية مقارنة بباقي فئات مواطني بلدان الاستقبال، كما أظهرت تداعيات الأزمة الصعوبات التي تحول دون اندماج عدد من المهاجرين المغاربة في النسيج الاقتصادي لبلدانهم الأصلية. ولمتابعة الانعكاسات الاجتماعية والاقتصادية للأزمة على الجالية المغربية، ينبغي، حسب الدراسة التي قدمت أول أمس الاثنين، خلال الندوة الدولية حول انعكاسات الأزمات الاقتصادية على الهجرة في الرباط، إيجاد تنسيق قوي بين مختلف الفاعلين في مجال الهجرة، في ظل محدودية آثار التدابير المتخذة في حل مشاكل المهاجرين المغاربة الناجمة عن الأزمة، مع ضرورة بلورة سياسات أكثر استهدافا تستند إلى معرفة مدققة لظروف عيش وعمل الجالية، فضلا عن إيجاد تعاون حثيث بين بلدان الأصل وبلدان الاستقبال. وأشارت الدراسة إلى أن مؤشر حساسية القطاعات الاقتصادية تجاه الأزمة الاقتصادية أبان أن قطاعات العقار والكراء والمعلوميات هي الأكثر حساسية في إيطاليا، فيما كان قطاع البناء الأكثر تضررا من الأزمة في إسبانيا، بحيث فقد خلال سنة 2008 أكثر من 485 ألف منصب شغل، وفي فرنسا كان قطاع البناء أيضا فضلا عن قطاعات المعلوميات والبحث والتطوير الأكثر حساسية تجاه انعكاسات الأزمة العالمية. وقد تجلت انعكاسات الأزمة العالمية على المهاجرين في ثلاثة جوانب، أولها تزايد نسبة البطالة في صفوفهم، وتدهور ظروف عملهم ووضعهم الاجتماعي عموما، وانخفاض حجم تحويلاتهم لبلدانهم الأصلية، وتراجع مستوى عيشهم وتزايد حجم الفقر في صفوف المهاجرين. وإزاء هذه المتغيرات، لوحظ سلوك نوعية من الانتظارية لدى الجالية لما ستسفر عنه تداعيات الأزمة، مع احتمال ضعيف لبروز ظاهرة عودة المهاجرين إلى وطنهم الأم. وبين النصف الأول من 2008 والنصف الأول من 2009، تراجعا إجماليا في تحويلات الجالية المغربية بنسبة 12.31 في المائة، ولكن هذه النسبة العامة تخفي تفاوتات كبيرة بحيث إن التحويلات الآتية من فرنسا، التي تضم أكبر جالية مغربية في العالم، انخفضت بقرابة 14 في المائة، وفي إسبانيا ب 26 في المائة، وفي إيطاليا ب 13 في المائة، وفي بريطانيا بنسبة قاربت 26 في المائة. وفي إسبانيا التي كانت من أكثر الدول الغربية تضررا من الأزمة، تفاقمت نسبة الفقر في صفوف غير المولودين فيها والقادمين من دول لا تنتمي للاتحاد الأوربي، ومنهم المغاربة، بحيث تتراوح نسبة الفقر في صفوف هذه الشريحة بين 36.9 و38 في المائة، وفي إيطاليا تراوحت النسبة بين 27.1 و27.8 في المائة، مقابل نسبة تتراوح بين 27.2 و28.5 في المائة في فرنسا. وقد صنفت دراسة أجريت خلال سنة 2007 الأسر المنحدرة من أصول مغاربية ضمن الأسر المهاجرة الأكثر فقرا في القارة الإفريقية. من جانب آخر، دعا الوزير المكلف بالجالية محمد عامر، خلال افتتاح الندوة الدولية التي احتضنها مقر وزارة الخارجية، مسؤولي دول العالم إلى اعتماد حلول للخروج من الأزمة الاقتصادية العالمية لا تثقل كاهل المهاجرين في أوضاعهم المادية والاجتماعية، مع التوفيق بين المحافظة على مصالح الدول المستقبلة للمهاجرين وعدم المساس بحقوق ومكتسبات فئة المهاجرين. جدير بالإشارة إلى أنه يوجد قرابة 3 ملايين ونصف مليون مغربي في بلدان المهجر، 34 في المائة في فرنسا و17 في المائة في إسبانيا و12 في المائة في إيطاليا، والنسبة المتبقية موزعة على باقي دول أوربا والعالم.