غرقت عدة أحياء بمدينة فاس مساء أول أمس الأحد بسبب «استيقاظ» أودية كانت في عداد الموتى منذ عقود وتحولت مجاريها وضفافها إلى تجزئات وأحياء سكنية. واستقبلت هذه الوديان الميتة فيضانات حوالي 4 وديان وفدت إليها من بلدة إموزار، التابعة لإقليم صفرو وضاية عوا وضاية حشلاف، التابعتين لإقليم إيفران. وتعرضت جل هذه المناطق ل«الغرق»، بسبب الفيضانات الناجمة عن تساقطات رعدية كثيفة مرفوقة بإفراغ سدي سيدي ميمون وضاية عوا التليين من بعض حمولتهما. ولم تتمكن بعد السلطات المحلية والأمنية بهذه المناطق من إحصاء الضحايا وتحديد الخسائر بدقة، لكن جل المعطيات المتوفرة تؤكد بأن جل الضيعات الفلاحية بها تعرضت لخسائر وصفت بالفادحة، كما تعرضت بنياتها التحتية لأضرار بليغة، فيما فقد جل مربي المواشي بها أعدادا كبيرة من بهائمهم. ولم يتم تحديد الخسائر في الأرواح بالنظر إلى بعد جل التجمعات السكنية التي ضربتها الفيضانات عن المراكز الإدارية وتعرض شبكة الاتصالات لأعطاب تقنية. وحرمت جل ساكنة مدينة صفرو طيلة الليلة ذاتها من المياه الصالحة للشرب، بسبب تعرض أهم مستودعاتها لأضرار وصفت بالكبيرة. وهجرت عائلات بأكملها بعض الدواوير بجماعة أولاد الطيب القروية بعدما داهمت المياه منازلها وأغرقتها في الوحل وسحبت جل ما بها من أثاث. ومرت هذه الفيضانات عبر كل من واد أديال وواد أيت بلقاسم وواد علا أوشو، عبر واد عين السلطان بمركز إموزار في اتجاه واد سيدي خيار وعين الشكاك بضواحي فاس، وواد عين الحيمر الذي أفرغ جل حمولته في عدد من أحياء فاس وحولها إلى شواطئ اصطناعية. واضطر كل من والي الجهة محمد غرابي، والكاتب العام للولاية أحمد صالح، ووالي الأمن محمد عروس، والعمدة حميد شباط، إلى الخروج إلى مدخل فاس من جهة إيفران لاستقبال الفيضانات، وعمل العشرات من رجال الأمن وأعوان السلطة ومستخدمي الإنعاش وعمال عدد من الشركات العقارية الكبرى التي لها استثمارات بالمدينة على الانتشار على طول المناطق التي اخترقتها الفيضانات لتوفير الشروط المواتية لمرور هذا الضيف الذي أرعب المدينة طيلة ليلة الأحد/الاثنين. وظلت الجرافات تشتغل من أجل شق الطريق المواتي لمرور الفيضانات التي غزت أجزاء واسعة من حي للا سكينة الراقي وحي بنسودة الشعبي. وقضى العمدة شباط، مباشرة بعد وجبة الفطور، وقتا طويلا في مهمة نقل بعض العائلات التي أغرقت منازلها بمياه هذا «الشاطئ الاصطناعي» على متن سيارته الرباعية. ولم يهدأ بال مسؤولي مختلف أجهزة الدولة إلا بعد أن أخبروا من المناطق التي شهدت انطلاق الفيضانات بأن حمولة الأودية بها أصبحت تخف، فيما اتجهت الفيضانات بفاس إلى واد الجواهر ومنه، عبر المدينة العتيقة، إلى واد سبو، الذي يعتبر من أكبر أودية المغرب.