جاء عمر القزابري فملأ الدنيا وشغل الناس وصار حديث الألسن ووسائل الإعلام، وتابع الجميع كيف امتلأت جنبات مسجد الحسن الثاني خلال شهر رمضان لأول مرة منذ الانتهاء من بنائه لدرجة يستحيل معها إيجاد مكان فارغ في فترة ما بعد الإفطار. في الوقت الذي يفضل فيه الكثيرون الإفطار داخل المسجد لضمان وجود أماكن فارغة به للصلاة خلفه، فيما يصر الذين لا يستطيعون السفر إلى البيضاء على متابعته عبر قناة محمد السادس للقرآن الكريم التي تنقل صلاة التراويح مباشرة. سر هذا الإقبال منقطع النظير يكمن في صوت الشاب القزابري بحيث يجمع المعجبون به على أن الاستماع إلى آي الذكر الحكيم بصوت القزابري له طعم مختلف، ويستحق عناء الانتظار والسفر لسماعه. - في موضوع الزواج دائما، تثير قضية التعدد زوابع إعلامية وسياسية.. ما موقف عمر القزابري من هذه القضية؟ > في نظري، يجب الرجوع في كل المسائل التي تثير نقاشا بين فعاليات المجتمع إلى الشرع الحنيف لأنه هو الأصل، والله تعالى يقول في سورة الأحزاب «وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا». على هذا الأساس تبدو القضية محسومة لأن ما جاء فيه نص واضح لا يستطيع الإنسان المسلم أن يكون له رأي يخالفه. والله يقول في سورة النساء «فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا». وهيهات أن يكون للإنسان رأي مع وجود نص. - لكن الشرع الحنيف وضع للأمر ضوابط خاصة مثل مسألة الضرورة والعدل.. > بطبيعة الحال التعدد مقيد بعدة شروط يمكن تلخيصها في العدل والاستطاعة، لأنه مع الأسف الشديد بات الموضوع بالنسبة للبعض مجرد لعبة، وهذا يخالف مبادئ الإسلام ويسيء إلى مبدأ التعدد برمته. والله شرع للإنسان المسلم الزواج بأكثر من واحدة في ظروف محددة، مرهونة بالاستطاعة المادية والبدنية والعدل بين الزوجات، وإذا شك المسلم في إمكانية أن يلتزم بالشروط الشرعية فتكفيه واحدة ولا يمكن أن يفعل العكس. ولا يجوز ألبتة للمسلم أن يتلاعب بالنص القرآني ولي أعناق الآيات لكي يعدد الزوجات كيفما شاء دون حسيب أو رقيب. - البعض ينادي بتجريم التعدد كما هو الحال في دول منها تونس.. > الأمر محسوم كما قلت سابقا. التعدد ليس جريمة، والله سبحانه وتعالى لا يشرع الجرائم، تعالى عن ذلك علوا كبيرا. بل المسألة واضحة وضوح الشمس ولست أدري لماذا تثير كل هذا اللغط، التعدد فيه رحمة وحكمة ويستهدف تحقيق توازن إيجابي في المجتمع، وطبعا ذلك لا يتم إلا بعد توفير شروطه وضوابط وإلا فلا. - هل يمكن أن يكون التعدد حلا لمشكل العنوسة التي ترتفع نسبتها سنة بعد أخرى في المغرب وفي العالم الإسلامي عموما؟ > بالفعل هو أحد الحلول الناجعة لمسألة العنوسة.. وهنا أكرر فأقول إن تشريعات الله سبحانه وتعالى لنا كبشر فيها من الخير والرحمة الشيء الكثير، ويكفي أن يعيش الإنسان هذه التجربة بنفسه للتأكد من ذلك. صحيح أن النساء يرفضن القضية رفضا قاطعا وأعتقد أن هذا أمر طبيعي لأن كل زوجة ترفض أن تشاركها أخرى في زوجها، وهن يشعرن بالغيرة الشديدة، لكن شرع الله هو شرع الله ولا يجوز تعطيل أحد النصوص الشرعية لتطييب الخواطر، والله تعالى يقول في «سورة المؤمنون»: «ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن، بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون». - على ذكر قضية تجريم التعدد، ثار في الآونة الأخيرة نقاش ساخن حول الإرث والدعوة إلى المساواة بين الجنسين.. > ما قلته في قضية التعدد هو ما أكرره في هذه المسألة: لا اجتهاد مع وجود النص، والنص القرآني صريح وفي أكثر من سورة «للذكر مثل حظ الأنثيين». شرائع الله فيها حكمة ورحمة والجدل بشأنها مجرد مضيعة للجهد والوقت، ومخالفتها فيها ضرر كبير للمسلمين. لا بد أن نعيد بناء علاقتنا مع الله سبحانه وتعالى على أسس صلبة لا تهزها العواصف والزوابع، وفي ذلك خير كثير لا يجب التغافل عنه. الغفلة عن ذكر الله وشرعه هي مأساة حقيقية وهي سبب كل المشاكل التي نعيشها، ولا حل لنا إلا بالرجوع إلى الله وتذوق حلاوة الإيمان والقرب من الله عز وجل.