جاء عمر القزابري فملأ الدنيا وشغل الناس وصار حديث الألسن ووسائل الإعلام، وتابع الجميع كيف امتلأت جنبات مسجد الحسن الثاني خلال شهر رمضان لأول مرة منذ الانتهاء من بنائه لدرجة يستحيل معها إيجاد مكان فارغ في فترة ما بعد الإفطار. في الوقت الذي يفضل فيه الكثيرون الإفطار داخل المسجد لضمان وجود أماكن فارغة به للصلاة خلفه، فيما يصر الذين لا يستطيعون السفر إلى البيضاء على متابعته عبر قناة محمد السادس للقرآن الكريم التي تنقل صلاة التراويح مباشرة. سر هذا الإقبال منقطع النظير يكمن في صوت الشاب القزابري بحيث يجمع المعجبون به على أن الاستماع إلى آي الذكر الحكيم بصوت القزابري له طعم مختلف، ويستحق عناء الانتظار والسفر لسماعه. - متى أصبحت أبا وكيف كان شعورك وأنت تعلم أنك دخلت هذه التجربة؟ > عندي ولد رزقت به عام 2005 سميته «أحمد» تيمنا باسم الوالد رحمه الله تعالى. لحظة سمعت نبأ ولادته خامرني شعور جميل عجيب، والتعابير التي تختلج في صدر الإنسان في مناسبات مماثلة يعجز اللسان عن التعبير عنها والكلمات عن وصفها. هو مزيج من الفرحة العارمة والتأثر الشديد والشعور بنعمة الواهب تعالى على ما من به علينا. وبالنسبة لي أضيف إلى كل تلك المشاعر شعور بالحزن على عدم وجود الوالد رحمه الله تعالى ليحضر هذه المناسبة السعيدة، هو الذي كان يصرح لي في غير ما مناسبة برغبته الشديدة في رؤية أولادي.. - ما هي المسؤوليات التي تفرضها الأبوة على رب الأسرة؟ > في اعتقادي تبدأ مسؤولية الأب تجاه أبنائه قبل ولادتهم مع اختيار الزوجة الصالحة.. إذ أن الأطفال يحتاجون لأم حنون رؤوم عطوف متخلقة متأدبة بآداء الإسلام ومبادئه، يتربون في أحضانها على حب الله ورسوله ودينه والمسلمين. وسبق لأحد الحكماء أن جمع أبناءه وقال لهم «أول إحساني إليكم اختيار أمكم». ثم إن الإنسان بمجرد ما يتزوج ويصبح أبا عليه أن يتخلى عن عاداته السيئة التي من شأنها التأثير سلبا على أبنائه ونظرتهم إليه كقدوة يتأسون بها. وقديما قالت العرب: من شابه أباه فما ظلم، وقالوا: تلك العصا من العصية والحية لا تلد إلا الحية. كذلك يجب على الأب أن يحرص على الحلال في بحثه عن الرزق حتى لا يطعم أبناءه من الحرام فيهلكهم، والعائلات التي تتغذى على الحرام وتتعشى عليه ينزع الله تعالى منها البركة وتصبح معرضة للمصائب والمشاكل من كل نوع. - كيف يرى عمر القزابري قضية تربية الأطفال والعناية بهم، هل هي مجرد أكل وشرب أم القضية أكبر من ذلك بكثير؟ > المعاملة والتربية ليستا أبدا أكلا وشربا، فهذه عملية تموينية لا علاقة لها بروح التربية ومفهومها الصحيح. الأب ليس ممونا للحفلات يحرص على توفير الأكل والشرب لأبنائه، بل عليه إلى جانب كل ذلك أن يعمل على تحسين سلوكه ليشكل قدوة صالحة لهم، وتربيتهم وبناء شخصياتهم على أسس سليمة صحيحة مرتكزة على الإسلام وتعاليمه ومبادئه. وهنا أؤكد على مسألة مهمة، أرى كثيرا من الآباء يهملونها، وهي الدعاء للأولاد بالخير والصلاح، فهذه مسألة حيوية وأساسية ولا أرى أن يبخل الآباء عن أولادهم بها. - ما تزال آثار تفضيل الذكر على الأنثى عالقة في بعض مظاهر المجتمع المغربي.. ما تعليقك على ذلك؟ > هذه نظرة تعود إلى مرحلة الجاهلية التي كان فيها المبشّر بالأنثى يتوارى من الناس من سوء ما بشر به مصداقا لقول الله تعالى «يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون، للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم» صدق الله العظيم. الإنسان يجب عليه أن يقابل نعمة الواهب بالشكر والحمد وبالشعور بالمنة الإلهية وليس العكس.. الله تعالى قدم الأنثى على الذكر في الآية الكريمة «يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانًا وإناثًا ويجعل من يشاء عقيما».. الله تعالى يمنح كل إنسان ما ينفعه، وهذا أمر يدركه الإنسان مع مرور الزمن.. وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم في مدح المرأة كثيرة ويكفي للتأكيد على ذلك علاقته الرائعة مع ابنته السيدة فاطمة التي كان يناديها حين يراها قادمة عنده قائلا: «مرحبا بأم أبيها».