قلل الباحث في شؤون الحركات الجهادية محمد ضريف من تأثير المراجعات الفكرية التي أقدمت عليها الجماعة الليبية المقاتلة على التيار السلفي الجهادي بالمغرب الذي يعد أحد روافد هذه الجماعة التي انبثق عنها تيار أطلق على نفسه الجماعة المغربية المقاتلة. واعتبر ضريف في تصريح ل«المساء» أنه لن يكون هناك أي انعكاس لهذه المراجعات على العناصر الجهادية التي تؤطر حاليا من قبل تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي نظرا للانشقاق الذي تعانيه الجماعة الليبية المقاتلة. وبحسب الباحث في شؤون الحركات الجهادية، فالأثر المحتمل أن تطلع به هذه المراجعات التي شرع في نشرها أمس الثلاثاء بكل من جريدة الشروق الجزائرية وموقع «إسلاميون» التابع لمؤسسة إسلام أون لاين الذي يشرف عليه الداعية المعروف يوسف القرضاوي،لا يمكن أن يختلف عن المراجعات التي قامت بها الجماعات المسلحة بمصر. ويعود سبب محدودية تأثير هذه المراجعات على محيط هذه الجماعة، خاصة بالجزائر والمغرب، إلى طبيعة العوامل التي تحكمت في إخراج وإنضاج شروط هذه المراجعات حيث يشير ضريف في هذا الصدد إلى المساعي التي بذلتها السلطات الليبية من أجل احتواء هذا التيار بعد أن أعلن الرجل الثاني في تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في شريط بثه سنة 2007 عن التحاق الجماعة الليبية المقاتلة بتنظيم أسامة بلادن بعدما لم تكن مرتبطة بتنظيم القاعدة إلا على المستوى الإيديولوجي، حيث ردت السلطات الليبية في إطار مساعيها لاحتواء هذا الأمر بإطلاق سراح عدد من رموز الجماعة الليبية المقاتلة الذين كانوا في السجن ودفعت بالمقابل بعض قيادييها إلى الانخراط في مراجعات فكرية. وكان من نتائج هذه التطورات أن اعترضت قيادات الجماعة بالخارج على هذه المراجعات وتمخض عن هذا الأمر أن نشأ عن هذه الجماعة تيار رافض لأية مصالحة بدعوى أن القيادات داخل السجون التي توصلت إلى تلك المراجعات كانت في حالة الضرورة وأنجزت ما أنجزته تحت تأثير الرقابة الأمنية الليبية. يذكر أن الجماعة الليبية المقاتلة تأسست سنة 1990 بلندن قبل ظهور نظام طالبان وتأسيس تنظيم القاعدة من قبل الملياردير السعودي أسامة بن لادن سنة 1996 بأفغانستان. وتحمل هذه المراجعات عنوان «دراسات تصحيحية في مفاهيم الجهاد والحسبة والحكم على الناس»، وقد قام بها عدد من قادة الجماعة الليبية مثل سامي مصطفى الساعدي المعروف باسم «أبو المُنذر الساعدي» وعبد الحكيم الخويلدي الذي يتخذ اسما حركيا«أبو عبد الله الصادق» ومفتاح المبروك الذوادي المكنى ب «الشيخ عبد الغفار» ومصطفى الصيد قنيفيد وخالد محمد الشريف. ومن بين أشهر المغاربة الذين كانوا أعضاء بهذا التنظيم ربيع آيت أوزو، الذي قتل على إثر مواجهة بينه وبين مصالح الأمن التي كانت تتعقبه صيف 2002 بحي سيدي مومن بالدار البيضاء في إطار مساعيها لتفكيك خلية يوسف فكري قبل أحداث 16 ماي من سنة 2003 . وأهم شيء يميز هذه المراجعات هو تركيزها بالأساس على التأصيل الشرعي للقضايا الإسلامية المختلفة كالجهاد والحسبة والحكم على الناس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها، وأن قادة الجماعة المقاتلة لم يهتموا خلال مراجعاتهم بتوزيع الاتهامات بالكفر أو الخروج عن الملة على مخالفيهم في الرأي من الجماعات والتنظيمات الأخرى، أي أن المراجعات تركز على تصحيح المفاهيم الخاطئة وليس مهاجمة الأشخاص المخطئين، فالقضايا والمفاهيم هي الأهم، وهو ما يعطي المراجعات قيمة مضافة. وتنتقد المراجعات الغلو في الدين واشتراط البعض المعرفة الكاملة بمقتضيات وتفاصيل «لاإله إلا الله»، وتؤكد على أن هذا الخلل ناتج عن ثلاثة أسباب، الأول هو أخذ الأحكام الفقهية من الخطب الوعظية والمقالات الدعوية، ويحدث الخلل حينما يشتط قلم كاتب أو يبالغ لسان واعظ في ثورة عاطفة أو ثورة حماس لتخرج الكلمات عن الضوابط الشرعية، وقد يؤدي هذا أحيانا إلى إبطال إسلام الناس بدعوى أن إسلامهم لم يكن على قناعة تامة.