كشف تقرير أمني رفيع المستوى عن بروز اتجاهات جديدة لظاهرة ترويج الكوكايين بالمغرب، تتمثل في دخول شبكات دولية إلى السوق المحلية، ليس من أجل تزويد السوق المحلي فقط وإنما من أجل استغلال المغرب كمحطة عبور صوب الضفة الشمالية للبوغاز في اتجاه دول أوربا الشمالية. ويراهن هذا التوجه -حسب المصدر ذاته- على الوضعية الجيواستراتيجية للمغرب بحكم تواجده بين دول الإنتاج ودول التسويق، وبالتالي اعتماده كمحطة عبور، سواء بالنسبة إلى المسالك الجوية أو البحرية أو البرية. فحسب التقرير، الكوكايين رصد لأول مرة بالمغرب في المناطق الشمالية للمملكة بحكم قربها من سبتة ومليلية وبفضل ارتفاع حركة عبور السلع والمسافرين عبر المنافذ الحدودية الشمالية، خاصة بمدن الناظور وطنجة وتطوان، لينتقل بعد ذلك إلى المدن السياحية الداخلية كمراكش وأكادير والجديدة نتيجة تزايد أفواج السياح الوافدين عليها، مما خلق سوقا محلية مصغرة يكثر فيها الإقبال، وبالتالي يزداد فيها العرض. وتبقى أهم التهديدات التي تم رصدها في هذا الإطار هي الزيادة المرتقبة في ترويج مخدر الكوكايين داخل السوق المحلي والإقليمي مع ارتفاع الشحنات العابرة للتراب الوطني. فخلال الفترة الممتدة من فاتح يناير 2009 إلى نهاية الشهر الماضي، تم ضبط 18 كيلوغراما و703 غرامات من الكوكايين. ودق التقرير ناقوس الخطر من إمكانية تحويل نشاط الشبكات الوطنية للاتجار في المخدرات من ترويج القنب الهندي إلى تجارة الكوكايين، وهو الأمر الذي سيؤدي بالتبعية إلى إغراق السوق الوطنية بأنواع مختلفة من المخدرات الصلبة والمؤثرات العقلية، كما أن من شأن هذا التوجه الجديد أيضا أن يؤدي إلى فتح قنوات اتصال بين الشبكات الإجرامية المحلية والشبكات الأوربية والأمريكية اللاتينية، وبالتالي ظهور أنماط جديدة من الإجرام المنظم، كالسطو المسلح وأخذ الرهائن، بالإضافة إلى إمكانية استخدام العائدات المالية لهذه الشبكات في تمويل العمليات الإرهابية للتأثير على السياسات الداخلية للدول، وبالتالي تهديد الأمن والاستقرار فيها. من خلال استقراء مختلف عمليات الحجز التي قامت بها مصالح الأمن المغربية في السنتين الأخيرتين، يتبين أن هناك ثلاثة مسالك رئيسية تعتمدها شبكات ترويج الكوكايين عند مرورها بالتراب الوطني، وهي إما مسالك جوية أو بحرية أو برية. المسلك الجوي: تعزى أهمية هذا المسلك إلى الحركية المضطردة للمسافرين والبضائع عبر مطار محمد الخامس الدولي الذي يعتبر محطة عبور رئيسية بين بعض الدول الإفريقية والقارة الأوربية، حيث يؤمن أسبوعيا 1000 رحلة جوية بين القارتين بنسبة تتراوح ما بين 3000 إلى 4000 مسافر يوميا، وهو ما يجعل من مسألة الرصد والمكافحة أمرا في غاية الصعوبة رغم تجهيز قاعة المراقبة في المطار بآليات متطورة للكشف بالأشعة السينية وبأجهزة سكانير لمراقبة الأمتعة والحقائب الشخصية. أما بالنسبة إلى الأسلوب المعتمد في هذا المسلك فيتحدد في انتقاء هذه الشبكات لمواطنين من إفريقيا السوداء من الذين يعانون من عاهة مستديمة، كالعمى أو غيره، في محاولة لاستحضار الجانب الاجتماعي والعاطفي عند المراقبة، وبالتالي تضليل مصالح الأمن، أو لمراسلين من دول أوربا الشرقية ممن لا يثيرون الانتباه كمدرسات أو أساتذة للتعليم، وبعد ذلك يتم منحهم كبسولات من المخدر قصد ابتلاعها بعد إجراء عملية جراحية لتوسيع فم المعدة، أو يتم تزويدهم بحقائب معدة سلفا لهذا الغرض، ثم ينطلقون بها في رحلتهم المتجهة عادة إلى بعض الدول الأوربية، خاصة إسبانيا وهولندا وألمانيا.