تقول بعض الأخبار الواردة من الصين الشعبية إن حكومتها تحضر لمحاكمة حوالي ألفي مسلم على خلفية الأحداث التي عرفتها المناطق الصينية ذات الأغلبية المسلمة في الآونة الأخيرة. إذا صحت هذه الأخبار فإنها تشكل سابقة من نوعها، بحكم أن الإسلام ليس طارئا على هذا البلد وإنما حل بربوعها منذ القرن الأول الهجري (السابع الميلادي)، وهو ما يعني أن الإسلام يتعايش مع مكونات الثقافة والحضارة الصينيتين منذ أزيد من ثلاثة عشر قرنا. وبالتالي فإنه كان مستبعدا أن تقع في مصيدة «صراع الحضارات» و«الخطر الإسلامي» التي نصبها الغرب المسيحي -الصهيوني و(خاصة على يد المحافظين الفاشيين الجدد) كذريعة لإعادة بسط سيطرته على العالم وخاصة منه مواقع النفط. المسلمون في الصين ليسوا سوى جزء يسير من القوميات المشكلة لنسيجها الثقافي-الاجتماعي، والتي يبلغ عددها 56 قومية، عشر منها فقط تدين بالإسلام، ولا يتجاوز عدد أفرادها 18 مليون نسمة، أي نقطة من بحر الساكنة الصينية. ومن المؤكد أن السلطات الصينية قد راكمت، على مر السنين، عددا من الضغائن ضد القوميات الإسلامية، وخاصة إبان مرحلة «الثورة الثقافية»، بسبب إصرارها على الاحتفاظ بعقيدتها ونمط عيشها وخصوصياتها كنوع من الدفاع الذاتي ضد الانصهار التام في المنظومة الإيديولوجية الشيوعية التي سبق قائدها الراحل ماوتسي تونغ أن قال ذات يوم «دع مائة زهرة تتفتح». إن القوميات الإسلامية داخل الصين تندرج ضمن هذه الزهور المائة، وبالتالي سيكون من باب الحكمة رعايتها واحترام هويتها وخصوصياتها الثقافية عوض محاصرتها بعشرات الآلاف من الجنود ومنعها من أداء صلاتها في المساجد. الصين أكبر من أن تسقط في المصيدة وتتبنى ممارسات تجعلها مجرد منفذ لمخططات تم وضعها من قبل استخبارات الدول الغربية التي كانت تسميها «إمبريالية». ومن المؤكد أن مستقبلا عظيما ينتظر الصين إذا هي اختارت لغة الحوار عوض لغة البنادق والقمع وإزهاق أرواح الأبرياء.