جهة الشرق.. نسبة ملء السدود الكبرى بلغت 49,39 في المائة    فالفيردي يصل إلى 200 مباراة في "الليغا"    فتح باب الترشح لنيل جائزة التميز للشباب العربي 2025 في مجال الابتكارات التكنولوجية    المغرب – سوريا إلى أين؟    أوضاع كارثية وأدوية منتهية الصلاحية.. طلبة طب الأسنان بالبيضاء يقاطعون التداريب احتجاجا على ضعف التكوين    الغلوسي: المخدرات اخترقت المجال السياسي والمؤسساتي وعمقت بنية الفساد    ذكرى وفاة المغفور له محمد الخامس: مناسبة لاستحضار التضحيات الجسام التي بذلها محرر الأمة من أجل الحرية والاستقلال    تجار وموزعو البيض بالمغرب يكشفون أسباب الغلاء.. تفاصيل صادمة    "بلوكاج" في لجنة المالية بمجلس النواب بسبب خلافات.. والبرلماني الحموني يقسم ألا يعقد الاجتماع "ولو على جثتي"    الجيوش الأوروبية تصل إلى 60% في نسبة الاعتماد على الأسلحة الأميركية    من وهم الاكتفاء الذاتي إلى استيراد مليون رأس غنم بشكل مستعجل! أين اختفت السيادة الغذائية يا تبون؟    الوزير عبد الصمد قيوح يعلن إدخال تحسينات جديدة على مطاري البيضاء ومراكش لتسهيل حركة المسافرين    إدارة السجن بني ملال تنفي ما تم تداوله حول وفاة سجين مصاب بمرض معدي    توقعات أحوال الطقس لليوم الاثنين    تعليق الدراسة بسبب سوء الأجواء الجوية بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    فاس: توقيف سائق سيارة أجرة في قضية سب وشتم وإخلال علني بالحياء العام    "البيجيدي" يطلب رأي مجلس المنافسة في منافسة "الأسواق الكبرى" ل "مول الحانوت"    "نساء متوسطيات" يمنحن مراكش أمسية موسيقية ساحرة    حقيبة رمضانية.. فطور صحي ومتوازن وسحور مفيد مع أخصائي التغذية محمد أدهشور(فيديو)    كيف يتجنب الصائم أعراض الخمول بعد الإفطار؟    قلة النوم لدى المراهقين تؤدي إلى مشاكل لاحقة في القلب    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    هَل المَرأةُ إنْسَان؟... عَلَيْكُنَّ "الثَّامِن مِنْ مَارِسْ" إلَى يَوْمِ الدِّينْ    غاستون باشلار وصور الخيال الهوائي :''من لايصعد يسقط !''    "أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ..؟" !!(1)    أدت ‬ببعضها ‬إلى ‬الانسحاب.. شركات مالية ‬مغربية ‬تواجه ‬أوضاعا ‬صعبة ‬بموريتانيا    الكوكب يبسط سيطرته على الصدارة و"سطاد" يستعد له بثنائية في شباك اليوسفية    في رثاء سيدة الطرب المغاربي نعيمة سميح    ترامب: التعليم في أمريكا هو الأسوأ في العالم    كل «التَّلْفات» تؤدي إلى روما: عندما يسعى نظام الجزائر إلى لعب ورقة إيطاليا في خصوماته مع الشركاء الأوروبيين!    التطوع من أجل نشر القراءة.. حملة ينظمها حزب الاستقلال بالقصر الكبير    وفد إسرائيلي يتوجه الى الدوحة الإثنين لمباحثات بشأن الهدنة في غزة    كندا.. المصرفي السابق مارك كارني سيخلف جاستن ترودو في منصب رئيس الوزراء    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    الحوار السياسي في موريتانيا خطوة نحو التوافق أم مناورة لاحتواء المعارضة    نهضة بركان على بعد خطوة من تحقيق أول لقب له بالبطولة    المرأة المغربية في عيدها العالمي وقفة سريعة مع سنة 2024    كوريا الجنوبية/الولايات المتحدة: انطلاق التدريبات العسكرية المشتركة "درع الحرية"    الصين تعزز الحماية القضائية لحقوق الملكية الفكرية لدعم التكنولوجيات والصناعات الرئيسية    عمر هلالي يعلق على أنباء اهتمام برشلونة    دراسة: الكوابيس علامة مبكرة لخطر الإصابة بالخرف    أبطال أوروبا .. موعد مباراة برشلونة ضد بنفيكا والقنوات الناقلة    رجاء القاسمي.. الخبرة السينوتقنية بلمسة نسائية في ميناء طنجة المدينة    إسرائيلي من أصول مغربية يتولى منصب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي    الشركة متعددة الخدمات الدار البيضاء سطات.. جهود مكثفة لتفادي تجمعات مياه الأمطار وتيسير حركة المرور    جثة امرأة تنتظر التشريح في سطات    نهضة بركان تفوز بثنائية في تطوان    بطل في الملاكمة وبتدخله البطولي ينقذ امرأة من الموت المحقق … !    8 مارس ... تكريم حقيقي للمرأة أم مجرد شعارات زائفة؟    القول الفصل فيما يقال في عقوبة الإعدام عقلا وشرعا    الأمازِيغ أخْوالٌ لأئِمّة أهْلِ البيْت    السمنة .. وباء عالمي    اتحاد طنجة يخطف تعادلا من العاصمة العلمية    نورة الولتيتي.. مسار فني متألق في السينما الأمازيغية    أمسية رمضانية أدبية احتفالا بإبداع الكاتب جمال الفقير    رحلت عنا مولات "جريت وجاريت"    مقاصد الصيام.. من تحقيق التقوى إلى بناء التوازن الروحي والاجتماعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نهاية ولاية الفقيه في إيران؟!
نشر في المساء يوم 14 - 08 - 2009

قارن الكثير من المراقبين الاضطرابات الأخيرة في إيران وتدفق وغضب «الملايين» من الإيرانيين في وسط طهران بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة «المزورة» بأحداث ثورة 1978-79، والتي أدت إلى سقوط نظام الشاه على يد آية الله الخميني. وتحركت الآلة الإعلامية الغربية ووظفت كل إمكاناتها لتحريض المتظاهرين وتأجيج نيران الاضطرابات وتسويق شعارات وهتافات الغاضبين وتعميمها على مختلف أنحاء العالم، بل ذهبت بريطانيا إلى أبعد من ذلك باستخدام قمرين صناعيين إضافيين لتقوية إرسالها الموجه باللغة الفارسية إلى إيران. أما وزارة الدفاع الأمريكية فطلبت من شركة «غوغل أورث» أن تعمم على أنحاء الكرة الأرضية صور المظاهرات التي تلتقطها الأقمار الصناعية، كما طلبت من المشرفين على محرك بحث «غوغل» و«فيس بوك» و«يوتوب» أن يوفروا على الأنترنيت ترجمة النصوص من الفارسية إلى الإنجليزية، لنقل آراء الإيرانيين «الثوريين» إلى العالم الخارجي. في حين نجد وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تزف الخبر السار لابن الشاه المقيم بواشنطن بجمع حقائبه والتهيؤ للجلوس على العرش كما فعل حميد كارزاي في أفغانستان. ونتيجة هذه الهجمة الإعلامية، لم يعد العالم الغربي مراقبا فقط لما يحدث، ولكنه أصبح شريكا في تحريك الأحداث والتدخل في الشؤون الداخلية لإيران، عبر تقديم نموذج يسمى ب«التدخل الإلكتروني». لكن لماذا هذه الحفاوة الغربية غير العادية بهذه الاضطرابات ولماذا هذه المساندة غير المشروطة؟ الجواب يأتي على لسان كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وواشنطن، فضلا عن إسرائيل بطبيعة الحال: تحقيق الديمقراطية والانشغال بهموم المواطن الإيراني. حسنا! إذا كان الأمر كذلك فما موقف أمريكا والدول الغربية من المملكة العربية السعودية التي لا توجد فيها انتخابات رئاسية بتاتا؟ وإذا كان العالم الغربي تأثر لصورة «ندى سلطان» وقد سقطت مدماة برصاص مجهول، هل يتأثر الغرب، بنفس المقاييس، للمرأة الفلسطينية التي أمطرتها إسرائيل بالفسفور الأبيض المحرم دوليا؟ وماذا عن المرأة السعودية التي لا يخول لها الدستور حق التصويت، بل أبشع من ذلك يحرمها حتى من حق الحصول على رخصة سياقة سيارة؟ وماذا عن مصر وباقي الدول العربية التي يتوارث فيها الأبناء عن آبائهم مناصب الحكم وتُحرم شعوبها من أبسط الحقوق الشرعية والإنسانية بما فيها التصويت النزيه كما لو كان الوطن والمواطنون ضيعة أو مزرعة دواجن؟ وأهم من ذلك، لماذا أعلنت أمريكا والدول الغربية الحصار البغيض على الحكومة الشرعية التي انتخبت بطريقة ديمقراطية في غزة منذ قيامها إلى يومنا هذا؟
إن الغرب يلعب لعبة شجرة الدر المماليك لتنفيذ مآربه. الغرب عدو الديمقراطية في العالم الثالث ويخاف من الانتخابات الحقيقية ويساند الانتخابات «التمثيلية». والذي حصل في إيران يبين مدى سمو الشعب الإيرانى على شعوب المنطقة فى وصوله إلى هذا المستوى العالي من النضج نتيجة المناخ الثقافي الجديد والانفتاح السياسي الكبير واحترام حرية التعبير غير المحدودة التي مارسها كل المرشحين المتنافسين في دعايتهم الانتخابية. هذا عنوان يشكل أبرز وأقوى معالم الديمقراطية. فالمناظرات الحادة التي حصلت بين المرشحين للرئاسة مباشرة على الهواء وإقبال الناخبين خلال الانتخابات الرئاسية على التصويت بكثافة غير معهودة، كل ذلك يؤكد عمق المصداقية والشفافية في هذه الانتخابات. أما مشاركة المرأة الإيرانية في الانتخابات فلم تكن مجرد مشاركة شكلية، تُزين بها شاشات الفضائيات، وإنما كانت مشاركة فعالة ومؤثرة. حدث هذا تحت أنظار السلطة ودون تدخل منها.
لا بد أن هناك خلفيات أخرى «لا إنسانية» تدفع بأمريكا والغرب إلى تأجيج المشاعر ومحاولة تطبيق «الثورة العنكبوتية» كما سبق وطبقت بنجاح في كل من أوكرانيا وجورجيا وتطبق حاليا في فنزويلا وكل دول جنوب أمريكا الخارجة عن المحيط الإمبريالي للولايات المتحدة لإثارة وتفجير الأوضاع للقضاء على الحكومات الشرعية. هذه الخلفيات، بكل بساطة، هي الوصول إلى مصادر الثروات والاستئثار بالنفوذ.
إن المتتبع لتفاصيل المشهد الإيراني وخباياه يدرك جيدا أن إيران تقع في قلب إحدى أهم المناطق في الاستراتيجيات العالمية بسبب موقعها الجغرافي. والمتفحص لخريطة إيران يلاحظ أنها تمتد وسط منطقتين، الخليج الفارسي وبحر قزوين، وتعتبر هاتان المنطقتان «مخزن الطاقة الاستراتيجي». وهذا الوضع خلق لإيران أهمية جغرافية سياسية عظمى وجعل منها لاعبا إقليميا مهما في تحديد وتوجيه السياسات الدولية وحتى الاقتصادية والعسكرية. فإطلالة إيران الجغرافية الكاملة على الخليج، بما فيه مضيق هرمز، يجعلها قادرة على التحكم في مداخله ويخولها التأثير على الاقتصاد الدولي، ومن يسيطر على مياه الخليج يستطيع أن يتحكم في خطوط الملاحة الدولية وإمدادات النفط الذي يعتمد عليه الاقتصاد العالمي. هذا الامتداد البحري الهائل جعل إيران، في الموازين الاستراتيجية، قوةً بحرية كبيرة خاصة مع بناء النظام الإيراني عدة قواعد بحرية على طول هذه الشواطئ. كما أنها تطل كذلك على دول الاتحاد السوفياتي السابق التي تمتلك ثروة نفطية مؤثرة، وهذه الدول تدين بالاسلام، فضلا عن حدودها المتلاشية من الشمال إلى الجنوب مع كل من العراق وأفغانستان. وتبقى إيران المفتاح الأساس في عامل الاستقرار أو الاهتزاز للوجود الأمريكي في كلتا الدولتين. هكذا، تملك إيران أوراقا أساسية، بفعل جغرافيتها السياسية وامتلاكها للطاقة، وتصبح طرفا في المعادلات الإقليمية والدولية في رسم الاستراتيجيات السياسية-العسكرية المحلية. فأمريكا تمكنت من تحييد التأثير الروسي على نفط بحر قزوين ومنطقة القوقاز، كما استطاعت إخراج أوربا واليابان من دائرة التأثير على نفط الشرق الأوسط. وتحاول وقف «المد» الإيراني في كل من آسيا الوسطى وأمريكا اللاتينية، كما تستعد لمواجهة أي قوة تحاول أن تنافسها وتصعد على السطح، مثل الصين التي باتت تتواجد فوق كل شبر من أراضي إيران وتوظف رؤوس الأموال الباهظة لتطوير صناعة النفط والغاز. ولن تقدر أمريكا على تأمين مصالحها إلا بكسب إيران إلى جانبها. لهذا أسقطت أمريكا ورقة المواجهة العسكرية التي قد تتسبب في اشتعال المنطقة برمتها، كما أنها تنبهت إلى أن الحصار الاقتصادي لاجدوى من ورائه، فدخلت على خط الديبلوماسية، لكنها تدرك جيدا أن إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد لرئاسة ثانية يعني استمرار مناخ الأزمة مع واشنطن والمجموعة الأوربية وقطع الطريق أمام أي فرصة للحوار وإحراز نتائج حقيقية. أما فوز أحد الإصلاحيين فقد يعني انفراجة في تلك العلاقة واتجاه إيران، داخليا وخارجيا، إلى مزيد من الاعتدال. وكان لزاما على أمريكا أن تلجأ إلى ورقة رابعة، وهي لعبة العنكبوت واستخدام مقويات السرعة لتقوم بحركة التأرجح عبر الخيوط حتى تقفز قفزة مزدوجة تمكنها من تغيير الاتجاهات خلال التأرجح تماما كما هي الحال مع سطوح الأبنية. فالهدف هو إحداث شق في الهيكل الإيراني، لكن إيران رقم صعب التقسيم، فهي صانعة لعبة الشطرنج وتعرف جيدا كيف تمتص طاقة الإنسان لتوقعه في الفخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.