الخوف كل الخوف أن يكون وزير الاتصال، الذي يَظُنُّ أنه سيبقى «خالدا» في منصب «النّاطق» تَضْلِيلاً، «ضحية» داء الإدمان على التضييق ومنع القنوات التلفزية والصحف الوطنية والدولية، السيد مَبْلِي وعْزِيزْ عليه يمنع، ويْبِين حَنّة إِيدُّو في وضع العراقيل أمام حرية التعبير والصحافة، وَبَلْية خَايْبَة هاذي، إذ إن كل من أصيب بهذا الإدمان نادرا ما يُشْفَى منه، وقد يتحول إلى رياضة يومية وتسلية ممتعة حتى ولو كانت نتائج ذلك الإدمان كارثية، كما أن المصاب بهذا الداء ينسى القانون والحريات والعدالة وحقوق الإنسان. ولعل وزير الاتصال تابع ردود الأفعال على شبكة الأنترنيت، (بقى يدور حتى طاح ف«الشبكة»)، لذلك تنرفز كعادته، وامتشق أفضل أقلامه الخشبية وأطلق سيلا من الشتائم في حق الصحافة، بأسلوب انفعالي، ومن شاهد الوزير وهو يتحدث على «قناة الجزيرة»، وقد بدا باهتا مرتبكا، يبحث عن الكلمات الهاربة (الجزيرة آسي الناصري حلال عليك وحرام على الآخرين)، من شاهده يتملكه انطباع حاد بأن الوزير يدافع عن نفسه ومنصبه، إذ استنجد بكل القواميس والخطابات البائدة، بل وأكثر من هذا استشهد في أحد مقالاته، مؤخرا، بالماريشال ليوطي رمز الاستعمار والغزو الشرس للأرض المغربية. أجل نحن لا نقبل من أحد أن يمس بالسيادة المغربية، لكن هذه السيادة تظل منقوصة إذا لم يتم تحصينها بالديمقراطية والحريات، وعلى رأسها حرية الرأي والصحافة والتعبير. ففي عهد وزيرنا الزاهر، تم تسجيل أرقام قياسية في عدد الغرامات القاتلة التي سعت إلى قطع رؤوس الصحافة المستقلة وقطع رؤوس أقلامها الجريئة، فقط لكون الشعب بكل شرائحه قد تجاوب معها وتضامن معها قولا وفعلا، وفي عهده الزاهر مازال هناك صحافي ممنوع من الكتابة لمدة 10 سنوات. ومازال هناك فنانون ومثقفون وسياسيون وإعلاميون ممنوعون من الظهور في القنوات التلفزية العمومية. وهذه كلها بعض من معطيات تمنع الوزير من أن يتقمص شخصية الفارس المغوار المدافع عن الحرية والحوار، وعن حرمة الصحافة والصحافيين. وقد اعترف سلفه (لَهْلا إيْخَيَّرْنَا فْ ضْرَارْ) في وزارة الاتصال، هذه الوزارة التي لم تعد موجودة في البلدان الديمقراطية، بأنه كان لا يومن بما يقوله ويصرح به للصحافة. فمتى يجلس وزيرنا الحالي في الاتصال أمام المرآة، حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود في مساره الدونكيشوطي؟