الأذن الكبيرة هو الاسم الذي أطلقته الصحافة الأمريكية في السبعينيات على أخطر جهاز أمني في البلاد وأكثرها سرية. وهو جهاز الأمن القومي المختص في التنصت على جميع المحادثات والمخابرات والاتصالات الجارية في جميع الدول والمؤسسات، والآن أصبح ممكنا إطلاق نفس الاسم على كل أجهزة المخابرات والأمن. ونشرت دراسة أعدتها كلودين غيريي، الباحثة في مجال الاتصالات السلكية واللاسلكية والمُدَرّسة بمدرسة التدبير جنوب باريس، أن وتيرة عمليات التنصت على المكالمات الهاتفية, التي تتم بشكل سري بإذن من السلطات القضائية الفرنسية, أقل من باقي الدول الأوربية. وأفاد التحقيق الذي أعدته غيريي في أكثر من 133 صفحة, حسب وزارة العدل الفرنسية، أن فرنسا «هي من أقل الدول الأوربية مراقبة للهواتف الشخصية ولا تعتمد محاكمها على هذا الإجراء إلا في حالات قليلة لا يتم الإعلان عنها، وهي نسب تقل خمس عشرة مرة عن إيطاليا، واثنتا عشرة مرة عن هولندا وثلاث مرات عن ألمانيا». وكشفت الباحثة الفرنسية أن فرنسا تعرف حوالي 20 ألف عملية تنصت هاتفي بعلم من الجهات القضائية سنويا، وهو ما يمثل 30 في المائة من عمليات التنصت التي تباشرها الاستخبارات الفرنسية عبر مجموع التراب الفرنسي، فيما تتوزع النسبة المتبقية على الإيميلات وأنماط التواصل الإلكتروني التي تراقبها الأجهزة الفرنسية بشكل مستمر. يذكر أن ثلاثة آلاف رقم هاتفي تخضع للتنصت، سنوياً، في فرنسا بداعي الأمن القومي، ويتم ذلك بطلب تتقدم به وزارة الدفاع أو الداخلية. بعد انتشار الهواتف النقالة بعد عام 1990 كان الاعتقاد السائد أنه يستحيل مراقبتها والتنصت عليها. إلا أن إحدى الشركات الألمانية وهي شركة «رود وشوارز» تمكنت من تطوير نظام أطلقت عليه اسم «IMSI–Catcher» استطاعت من خلاله التغلب على هذه الصعوبة واصطياد جميع الإشارات من هذه الهواتف وتحويلها إلى كلمات مسموعة. ولم تكتف المخابرات الألمانية باختراق المكالمات الجارية عبر الهواتف النقالة، بل معرفة مكان المتحدثين أيضا، كما طورت جهازا إلكترونيا تستطيع بواسطته استخدام الميكروفون الموجود في الهاتف النقال لكي ينقل جميع الأصوات والمحادثات الجارية حوله. وإذا كانت فرنسا غير متعودة عكس باقي الدول الغربية على التنصت على مكالمات رعاياها، فإن قضاة التحقيق الفرنسيين يحاولون تدارك هذه الفجوة، وهكذا ارتفعت نسبة الملفات التي تم التنصت على مكالمات أطرافها إلى 440 في المائة خلال سبع سنوات، وانتقلت من 5845 مكالمة سنة 2001 إلى 26 ألف مكالمة سنة 2008. وتفرض شركات الهاتف الفرنسية فاتورة باهظة، دون احتساب الضريبة، وتصل إلى 497 أورو لكل مكالمة تتم عبر هاتف ثابت، فيما تسجل تقنيات التنصت على الهاتف النقال التي تتم بعلم شركة الاتصال الهاتفية المعنية فاتورة تتجاوز 88 أورو دون احتساب الضريبة. وتشرف عناصر الشرطة والاستخبارات على مراقبة المكالمات الهاتفية داخل 200 مركز مصغر في مقرات الشرطة المحلية والدرك عبر التراب الفرنسي، ويوجد المقر المركزي لهذه الأنظمة في مكان سري داخل العاصمة الباريسية لا تفصح عنه الجهات الرسمية، ويوفر هذا المركز حوالي 45 مليون أورو.