سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أصيلة تواصل تجديد مواسمها.. ومارسيل خليفة يشدو فيها لأول مرة الحسن الثاني لبنعيسى: «دع أصيلة تكون مثل حديقة «هايدبارك»، في لندن واترك الناس يقولون ما في قلوبهم»
مازال محمد بن عيسى، أمين عام مؤسسة منتدى أصيلة، يحتفظ في أرشيفه الشخصي بصورة شمسية لشيك بمبلغ 500 ألف درهم، يحمل توقيع «الحسن بن محمد»، مسحوب من الحساب الشخصي للملك الراحل، في بنك المغرب. هذا المبلغ أنقذ بيت بن عيسى من البيع في المزاد العلني، سنة 1980، من شدة ما تراكم على جمعية «المحيط» من ديون وعجز مالي حقيقي في ميزانية تدبيرها، كما ذكر بن عيسى في بعض شهاداته عن بدايات وانعطافات موسم أصيلة. سياق هذا الحديث أن الحسن الثاني كان سأل بن عيسى عن برنامج أصيلة في ذلك العام، فانبرى مولاي أحمد العلوي، وزير الدولة السابق، بأسلوب فكه، ليجيب الملك الراحل: «بن عيسى، يا سيدي، سيزج به في السجن». وفي تاريخ لاحق، سيسأل الحسن الثاني بن عيسى عن حال أصيلة، وكان ذلك على هامش حفل غداء، كان أقيم بمناسبة اجتماع لجنة التعليم بالبرلمان في القصر الملكي بإيفران، فأجابه: «بخير ومستمر»، ثم سأله: «أليست لديك مشاكل؟»، فأجاب: «أواجه بعض المشاكل بشأن دخول بعض الأسماء والشخصيات الثقافية إلى المغرب». وفورا، نادى الملك الراحل على إدريس البصري، وقال له: «اترك بن عيسى يتحمل مسؤولية كل من يريد دعوته»، ثم أخذ بن عيسى جانبا، ليقول له: «دع أصيلة تكون مثل حديقة «هايدبارك»، في لندن، اترك الناس في أصيلة يقولون ما في قلوبهم». تواصلت دورات موسم أصيلة، ليشعل هذا الصيف شمعته الحادية والثلاثين، من دون أن يكون بن عيسى مهددا بالسجن أو في مواجهة مشاكل في دخول المثقفين المغضوب عليهم من طرف بعض الأجهزة الأمنية، بل منهم من رحل وترك أثره في هذه المدينة، لتذكره بخير: الشاعر العربي الكبير محمود درويش وشيخ الرواية العربية الطيب صالح، وقبلهما جاء بلند الحيدري وتشكايا أوتاماسي ولطفي الخولي ومحمد زفزاف ومحمد شكري وإميل حبيبي، الذي احتفى به الناس كثيرا، كما يذكر الناقد عبد الرحيم العلام، في «كتاب أصيلة»: «جاء إلى أصيلة، وهو يقول أعجبت كثيرا بهذه المدينة، تأخرت عليكم ولا أعرف ما إذا كنت سأعود». إميل حبيبي، الذي عاتبه الملك الراحل الحسن الثاني بلطف، حين التقاه، لأول مرة: «لا أعرف هل أرحب بك أم أعاتبك.. تأخرتَ كثيرا في زيارة المغرب». وإلى كل هذه الأسماء، تحتفظ أصيلة، هذه المدينة التي يمتد عمرها في التاريخ بحوالي 3600 سنة، بأسماء أخرى، ثرية في ذاكرتها، لمبدعين رسموا تاريخها الثقافي والفني، وشكلوا معالم لفضاءاتها، فانغرسوا في بيئتها العمرانية والإنسانية الأصيلة، لهذا السبب سميت بهذا الاسم العربي: أصيلة. وتعني كلمة «زيل»، عند الأمازيغ، «الجمال»، وهي «أزيلة» عند بطليموس، و«زيليس» عند الفينيقيين، أما الإسبان فيكتبونها وينطقونها «أرثيلا» (من دون أن نعرف من أين تسرب حرف الراء إلى اسم المدينة): مدينة وصفت بأكثر من وصف عند الكتاب والأدباء: مدينة مذاق السكينة والصبر، مدينة القلب، مدينة الإبداع، عروس البحر، مدينة الطيور السابحات، مدينة الثقافة، مدينة الفنون، مدينة يقول عنها وعن موسمها محمد بن عيسى ل«المساء»: «هي الآن بخير، الموسم أصبح من سنة إلى أخرى، يؤمن استمرارية الفعاليات الثقافية والفنية، وهو يعرف، هذه السنة، منعرجا مهما من حيث المكان والزمان؛ من حيث المكان تقرر توسيع المنتدى العربي الإفريقي ليشمل الفضاء الإيبيري اللاتينو أمريكي». ويضيف: «بعد وفاة ليوبولد سيدار سنغور، الشاعر والرئيس السينغالي والرئيس بالمشاركة للمنتدى العربي الإفريقي، لم نبدّل القيادة، وهذه السنة عرضنا على جون كوفور، رئيس غانا السابق، رئاسته لهذا المنتدى، الذي تمدد ليصبح رباعيا، أي عربيا إفريقيا إيبيريا أمريكولاتينيا، فقبل الرئيس كوفور، وهو مفكر وكاتب، خريج جامعة أكسفورد». من حيث الزمان، يقول بن عيسى، الموسم سيعرف عدة محطات: التظاهرات الفنية ستبقى، لكن فعاليات أصيلة ستستمر زمنيا لتحتضن ملتقيات وندوات على مدار السنة. وظلت الفنون التشكيلية حاضرة بقوة في برامج موسم أصيلة، من خلال الجداريات التي يساهم فيها فنانون مغاربة وأجانب، فضلا عن فنون الحفر، إضافة إلى مرسم الأطفال الذي يستضيف أطفال المدينة والأطفال الوافدين إليها لقضاء عطلتهم الصيفية. هذه السنة، اختار المنظمون برمجة معرض للفنان التشكيلي الإسباني دييكو مويا، ومعرض لثمانية فنانين تشكيليين من أصيلة.