وصف نقيب هيئة المحامين بالرباط، محمد أقديم، الحكم بسنتين حبسا نافذا على سعيد يابو بكونه «صادما» و«غير مصادف للصواب» و«مجانبا للحقيقة»، لكون الملف طالته عدة «خروقات»، سواء في الشكل أو الموضوع، ولم تُحترم فيه المقتضيات القانونية، وخاصة منها الفصلين 59 و67 من قانون المهنة، معبرا عن استغرابه للحكم وداعيا «الذين أصدروه، في نفس الوقت، إلى «تأميم» النقابات المهنية، ومنها نقابة المحامين، في إشارة إلى عدم احترام مقتضياتها القانونية المستقلة. وأصدرت الغرفة الجنحية بالمحكمة الابتدائية بالرباط، أول أمس الثلاثاء، الحكم بإدانة سعيد يابو، رئيس مجلس مقاطعة اليوسفية، بما نُسب إليه وقضت في حقه بالحبس النافذ لمدة سنتين وبأداء غرامة مالية تقدر ب500 درهم، في الوقت الذي رفضت فيه كل الدفوعات الشكلية المقدمة من طرف دفاع يابو. ووقف سعيد يابو بعينين شاخصتين أمام هيئة القضاء غير مصدق للحكم الصادر ضده من طرف القاضي، في الساعة الثالثة وخمس دقائق بعد ظهر يوم الثلاثاء، في الوقت الذي تقدم فيه قليلا نحو الهيئة أزيد من عشرين محاميا للاستماع إلى الحكم، بينما ذرفت بعض المحاميات الدموع تأثرا بالحكم الصادر ضد زميلهن. وكان سعيد يابو قد اعتقل في الثالث من شهر يوليوز الجاري من أمام ولاية الرباط مباشرة بعد انتخابه رئيسا لمجلس مقاطعة اليوسفية، بسبب وجود مذكرة بحث في حقه تتعلق بعدد من الشكايات المرفوعة ضده والتي تتهمه بالنصب وخيانة الأمانة. وكانت النيابة قد طالبت بإدانة سعيد يابو بجنحتي «النصب وخيانة الأمانة»، بينما دفاع يابو، الذي كان يتزعمه النقيب محمد أقديم، اعتبر، في مرافعات سابقة، أن الملف لا يستند إلى أساس، وأن النيابة خرقت القانون المنظم لهيئة المحامين حين أمرت باعتقال المحامي والرئيس المنتخب لمقاطعة اليوسفية، سعيد يابو، دون الرجوع إلى الهيئة، معتبرا ذلك خرقا في الشكل. إلى ذلك، احتشد بعض أفراد عائلة يابو أمام المحكمة، وبمجرد سماعهم الحكم هبوا إلى الباب مستنكرين إدانة قريبهم، وصرخت أخت يابو بشكل هستيري في وجه رجال الأمن الذين منعوها من ولوج باب المحكمة الرئيسي، ورددت قولها: «حنا عارفين شكون مول هاذ المهزلة..عاش الملك.. هاد الشي اللي بغا الهمة والبحراوي.. احنا بغينا سيدنا يعرف أشنو تيجرا في بلادو»، بينما كان بعض أفراد العائلة يهدئون أحد الشباب كان في حالة هيجان.. يشتم من يراهم واقفين وراء الإيقاع بالمحامي سعيد يابو. وبعد أن أشار النقيب أقديم، في تصريح ل«المساء»، إلى أن الدفاع سيتقدم بطلب استئناف في الموضوع خلال العشرة أيام المقبلة، أكد أنهم سيرون ما إذا كانت المحكمة ستجيب عن الدفوعات المتعلقة بالخروقات التي طالت مقتضيات الفصل 59 وكذلك المادة 67 وما يليها من قانون المهنة، مهددا بأن مرحلة الاستئناف ستكون مثار نقاش واسع، «لأن ما يهمنا نحن كنقابة للمحامين بالدرجة الأولى هو لماذا لم تحترم الضمانات، ولماذا لم يُشعر النقيب وتُحَل المساطر على الهيئة؟»، وتساءل أقديم «ماذا يريدون؟ هل يريدون نقابتنا؟ فليتسلموها وليقوموا بأدوارنا وليؤممونا وليؤدوا أجورنا في آخر الشهر»، مشيرا إلى «أننا اليوم نصدم لأن الحكم مجانب للصواب ومجانب للحقيقة، وربما يمكن أن يوصف بأوصاف أخرى متعددة». أقديم، الذي وصف الشكايات المقدمة ضد يابو بكونها «فارغة»، وصف الإدانة بكونها «غير صحيحة»، ولا وجود لجريمة النصب وخيانة الأمانة في تلك الشكايات، مؤكدا أن المتابعة لم يتم فيها احترام القانون من جهة، ومن جهة ثانية فإن السياسة كانت حاضرة، متهما القاضي بأنه «لا يحكم بعلمه وكذلك النيابة»، قبل أن يشير إلى أن «المتابعة القضائية جاءت بتزامن مع الانتخابات الجماعية ومع انتخاب العمدة»، وموضحا، في نفس السياق، بقوله: «ممكن أن يكون ضد الزميل بعض المؤاخذات، ولكن إلى حد الساعة وحسب ما يتضمنه الملف فلا مؤاخذة ضده، وحتى إذا كنا نريد القول إننا نحمي حقوق المتقاضين، فإن الحقوق لا تحمى بهذا الشكل، وأما إذا كانوا يتحدثون عن أشياء أخرى فنحن لا علم لنا بها». وكانت النيابة، التي طالبت بإدانة سعيد يابو، أشارت في مرافعة سابقة إلى أن متابعة الموقوف تمت باحترام تام لكل القوانين، بما في ذلك القانون المنظم لمهنة المحاماة، وطالبت بإدانة الموقوف بجنحتي «النصب وخيانة الأمانة»، عارضة على هيئة المحكمة عددا من الشكايات التي تتهم يابو بالقيام بعمليات «نصب» على مواطنين وب«خيانة الأمانة»، في عمليات عقارية، قدرت قيمتها المالية بأزيد من 600 مليون سنتيم. جدير بالإشارة أن سعيد يابو، الذي فاز في الانتخابات الجماعية الأخيرة، بمقاطعة اليوسفية، قبل أن ينتخب رئيسا لمجلسها، كان عضوا في حزب الاستقلال، قبل أن يجمد الحزب عضويته. واتهم يابو في إحدى جلسات محاكمته «جهات معينة» بتقديم إغراءات مالية له من أجل التنحي عن الرئاسة لفائدة الحركي عمر البحراوي، وهو ما رفضه فكان مصيره هو المتابعة القضائية، حسب زعمه.