وزعت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، خلال ملتقى سيدي شيكر للزوايا الصوفية في المغرب وخارجه الذي التأم بمراكش في الأسبوع الماضي وشهد الإعلان عن إنشاء هيئة كونية للزوايا، تعريفا بمبادرة إعلامية جديدة أقدمت عليها بمناسبة ذلك الملتقى، وهي إنشاء موقع خاص بالزوايا الصوفية بالمغرب يحمل اسم «أقطاب»، عبارة عن «موسوعة شاملة لزوايا المملكة المغربية»، حسب تعريف الوزارة. ويتضمن الموقع، الذي هو الأول من نوعه في المغرب، تنزيل الأخبار المتعلقة بالتصوف والشأن الديني في المغرب، وأبوابا للتعريف بأهم الزوايا الصوفية بالمغرب وأعلام التصوف المغاربة وكتبا للتحميل تتعلق بالتصوف وقضايا أخرى تهم المجال الديني بالمملكة. غير أن متصفحي الموقع اصطدموا بعدة مفاجآت وردت فيه، كشفت التسرع الذي طبع إنشاءه والخلل في الانضباط للخطوط الكبرى التي وضعها المغرب منذ عام 2004 في إطار ما سمي بإعادة هيكلة الحقل الديني. فقد تضمن الباب المتعلق بأعلام التصوف المغربي تعريفا بأحد مشايخ السلفية الوهابية في شمال المغرب، هو الشيخ محمد الأمين بن بوخبزة الحسني، الذي تتلمذ على يد محمد تقي الدين الهلالي، مؤسس الدعوة السلفية الوهابية في المغرب، ومحمد ناصر الدين الألباني، أحد أقطاب الوهابية في المملكة العربية السعودية. وجاء وضع بوخبزة في الموقع إثر خطأ بسيط وقع فيه المشرفون على موقع الوزارة، بعد الاطلاع على سيرته في موقعه على الأنترنيت التي يقول فيها إنه ولد في تطوان بدرب الجعيدي «نسبة إلى ساكنة الصوفي الشهير أبي الحسن علي بن مسعود الجعيدي»، فاعتقدوا أنه صوفي اعتمادا على هذه الفقرة. والمعروف عن الشيخ بوخبزة، إضافة إلى سلفيته، أنه من مهاجمي التصوف والصوفية في المغرب، إذ رد في أحد اللقاءات المنشورة معه على سؤال يتعلق بعقيدة المغاربة قائلا: «العقيدة السائدة في المغرب هي الأشعرية منذ أيام الموحدين، والعقيدة السلفية حديثة العهد بالظهور فيه، وهي مستهدفة للطعن والتنفير من صنفي الفقهاء والصوفية». وفي إحدى فتاواه عن الطريقة التيجانية يصف الشيخ أحمد التيجاني، مؤسس الطريقة، ب«الدجال» وأخرجه من الإسلام، إذ يضيف قائلا: «والعجيب الذي لا ينقضي بعد هذا كله أنه ما زال يعد من المسلمين بل من الأولياء العارفين بل من أكبر الأقطاب الأغواث كما يزعمون، بل هو عند نفسه ختم الأولياء، وليس الشأن في اعتقاد الهامة وأشباههم فإنهم والحمير سواء». وفي الباب الذي يتعلق بالكتب الصوفية، نشرت الوزارة على الموقع المشار إليه كتابا بعنوان «الصوفية بين التمكين والمواجهة»، يهاجم فيه صاحبه التصوف والصوفية ويعتبر إحياء الزوايا مشروعا أمريكيا، وينتقد أحد الباحثين الفرنسيين في التصوف يدعى إريك جيوفروا، من جامعة لوكسمبورغ. وجيوفروا هو الذي ألقى كلمة الافتتاح في لقاء سيدي شيكر الأخير في مراكش بدعوة من وزير الأوقاف أحمد التوفيق، إلى جانب كل من زكية زوانات والموريتاني عبد الله بن بية. وحاولنا الاتصال بوزارة الأوقاف أمس لمعرفة أسباب تسرب هذه الأخطاء إلى موقع رسمي تابع لها، يفترض أن يكون منسجما مع سياسة الدولة الجديدة في المجال الديني، إلا أنه تعذر علينا ذلك.