مشموم الورد؟ ليس الأمر بالمستحيل أن تقطف حياة القلوب أجمل الورود وأينعها كل صباح من حديقتها الخاصة لإزهار الصالونات والغرف. إهداء مشموم قد يذبل في الطريق سبة لذوق مولاة الدار «هز حياة القلوب، حط حياة القلوب». يوم تعرفت الضاوية على صاحبتنا في «حمام السعادة»، (لا أدري كيف وصلت صاحبتنا إلى هذا الحمام)، ولم أسعد البتة لهذا الخبر، لا تمر دقيقة من غير أن تمطرنا بأخبارها..السارة. راها في المتاجر الكبرى للتسوق، ها هي في ملعب التنس ، صالون الحلاقة، أو في قاعة الفيتنس ...ومن دون سبب، في الصبح والعشي، «تاتجمع» معها في الهاتف النقال إلى أن ينقضي الفورفي. وفهمت من كلامها أن زوجها خانز فلوس. في أحيان كثيرة، فكرت أن حياة القلوب خاصها بدورها شي نقشة. مشات أيام وجات أخرى، وفي أحد الصباحات، هرعت الضاوية إلى الحمام الجماعي، وكنت أحلق ذقني، لتخبرني أننا هذا المساء ضيوف عشاء عند عائلة التهامي بنزكور...وشعلت فيها العافية الله يحفظ: «آش من قفطان نلبس، آش من عكر ندير، والسباط ، بكعب عالي أم حاني؟ والجلابة آش من لون؟ وتسريحة الشعر...؟» وقبل أن تقلب لي المجاج، تركتها وخرجت قاصدا «مقهى لاشانس» حيث يتبارى الفقراء مثلي على كيادر ناشفة. (كيادر جمع كيدار وتعني الخيل بالعربية الفصحى. الوقت والزمان هذا، ثمة أشخاص من الجيل الجديد وبخاصة زويزوات ديال ستار أكاديمي، لا يفقهون شيئا في المعجم البدوي). «قالت ليك ضيوف عند عائلة التهامي بنزكور: امك يا امك. آش جاب كعو لبعو يا الضاوية؟». ووجدتني أنزلق في هلوسات ما لبثت أن أجلتها إلى إشعار آخر حتى يتسنى لي التركيز على سباق الظهيرة الذي يجمع 15 عود من فئة 50 كيلو ستتبارى على مسافة كيلومتر ونصف..ومبلغ مائة ألف درهم. رشحت على رأس القائمة حصانا باسم «سريع الكارة». - كانت تعبق من الشخص الذي أخذ مكانه إلى جانبي رائحة هي مزيج من الويسكي و بولبادر. التفت صوبي وفسر لي أنه في المرة الأخيرة راهن بألف درهم على كيدار احتل المرتبة ما قبل الأخيرة. أخرج قنينة من الجيب الداخلي لمعطفه. رشف منها جرعات متلاحقة قبل أن يلولب الكبصولة ويرجع القنينة إلى جيبه. ثم أنشد أغنية ناس الغيوان الشهيرة محرفا بعض كلماتها « آ سيدي لكان للشرا نشريه، آه يا مول العود آه...». خط علامة على ورقة الرهان، قبل أن يدفعها إلى القابض وينسحب منشدا : ...آه يا مول العود آه...وأنا في الصف لتسجيل ورقة الرهان، رن الهاتف النقال ليتطاير منه صوت الضاوية: - وافينك آهذاك راس الطارو؟ مشيتي الحمام؟ - الحمام؟ - الله دار ليك. ما تنساش مشموم الورد للا حياة القلوب... وأقفلت التليفون. مشموم الورد؟ ليس الأمر بالمستحيل أن تقطف حياة القلوب أجمل الورود وأينعها كل صباح من حديقتها الخاصة لإزهار الصالونات والغرف. إهداء مشموم قد يذبل في الطريق سبة لذوق مولاة الدار. وبعد أخذ ورد، وقع اختياري على قرعة من زيت أرغان وفيه والله أعلم فوائد جمة، وأكثر من هذا وذاك فيه البنة، وسيكون موضوعا لتبادل أطراف الحديث مع مول الدار ومعرفة إن كان يعاني من مرض بزلوم، برد الظهر أو بوفالج...وزيت أرغان على ما يقال دواء لهذه الأمراض.. على الساعة الثامنة، وبعد مهازة بيني وبين الضاوية في موضوع زيت أرغان والجلابة ( ارتديت جلابة بزيوية، إذ في اعتباري أحسن اختراع ابتكره المغاربة هو الجلابة. سترة وأناقة. بها تنمحي الفوارق الطبقية بين الناس)، أخذنا سيارة تاكسي إلى حي السفراء ولم نصل «فيلا جوهرة» حتى قتلنا السائق بفتاوى الشيخ القرضاوي، كانت تنبعث من بوق مخرشش، كما قتلتنا الضاوية برائحة ...الريفدور. - مرحبا مرحبا.. نهار كبير هذا السي المعطي... راك كبير في عينين للا الضاوية، والله يخليك ليها.. تفضلوا، مرحبا... أخبرتنا أن زوجها سيلتحق بنا فيما بعد. قدمت لها القرعة ديال أرغان وزجاجة عسل، وكانتا معلبتين في علبة بلاستيك من متاجر Prada الإيطالية، لا أعرف كيف حصلت عليها الضاوية. ولنا في هذه الميكة هدرة وكلام. وكما قالت الشوافة كانت الحديقة مزهرة بفصائل شتى من الورود والأزهار..وكانت تعبق من أزهار الزنبق روائح مسكرة. تقدمتنا حياة القلوب لتدخلنا في صالون فسيح. آش من زرابي وثريات، آش من لوحات فنية (أغلبها يمثل خيولا بعضها بركي والبعض الآخر صردي. وليس من المستبعد أن يكون التهامي بنزكور مالك خيول أو مراهن من الدرجة الأولى)، آش من مخاد وكراسي، آش من صور هي تركيبة لشجرة الأنساب...الله ينعل الزلط. استوينا على أرائك.