دعا مشاركون في ندوة حول قيمة العنف، أول أمس، أجهزة الدولة إلى خلق آليات لتدبير النزاعات، على خلفية أحداث العنف التي شهدتها عملية انتخاب المجالس المحلية عقب انتخابات 12 يونيو المنصرم. وأجمع متدخلون على ضرورة الحد من العنف المجتمعي الذي تحول من ظاهرة إلى قيمة متجذرة في الممارسات اليومية، والتي تبرر أحيانا بإطار قانوني وسلطوي، وهو حال العنف الموجه ضد الوقفات الاحتجاجية سواء المنادية باحترام حقوق الإنسان أو بالحق في التوظيف. وأعلنت خديجة الرويسي، رئيسة بيت الحكمة، عن قرب إصدار أرضية لمشروع المرصد الوطني للقيم، الذي يهدف إلى قياس تراجع أو تقدم القيم الحية في المجتمع من أجل تعميم النقاش حولها بين المكونات الوطنية حتى تصبح مرجعا لتوجيه عمل وأبحاث الفاعلين السياسيين والاجتماعيين. مشيرة في تصريح ل«المساء» إلى أن الغاية من تأصيل النقاش حول قيمة العنف، هو محاولة تفكيك مفهوم العنف والتفكير في إنتاج آليات للحد منه. وفي سياق ذلك دعت الرويسي إلى تفعيل دور التربية والتكوين، ووسائل الإعلام، إلى جانب شرعنة قوانين متفق عليها، تناهض العنف بمختلف أشكاله. إلى ذلك تناول إدريس بنسعيد، عالم الاجتماع، التباسات قيمة العنف في علاقته مع الطبيعة والدولة والقانون، وأسهب في ربطه بتشكيل الحضارات الإنسانية، معتبرا أن تطور أي حضارة ما يوسع من دائرة العنف لديها. كما تطرق إلى مسألة إلباس العنف بقيم ثقافية ودينية والذي غالبا مايبرر العنف الموجه ضد الطفل والمرأة، مشيرا في نفس الوقت إلى أن عواقب العنف لا تكمن فقط في الإيذاء بل في إعادة إنتاج نفسه، مجتمعيا وفكريا، بكيفية تضمن قبول ورضى من يمارس عليهم العنف، أي تحويله إلى ممارسة مشروعة تبررها قوانين وشرائع، تتباين في سياقها إلى أنها تلتقي في رغبتها في احتكار هذا العنف، مما اعتبره بنسعيد يحول دون ترتيب جديد للعلاقات الإنسانية وتوجيه القيم المجتمعية الفاضلة، كقائد للمشاريع السياسية والمجتمعية، في حين أثار متدخلون مسألة إدراج قيم العنف داخل المقررات المدرسية، ودعوا إلى النهوض بدور جمعيات المجتمع المدني ووسائل الإعلام، والاشتغال بوضوح على بؤر التوتر التي تزيد من تعميق قيمة العنف. وتقوم منهجية عمل بيت الحكمة على التناظر بشأن القيم الحية ودورها في بناء المجتمع الديمقراطي، وتحديد انعكاساتها على تطوير وتوضيح الخطاب السياسي والمشاريع المجتمعية المختلفة، حيث سبق له أن ناقش قيمة العمل والعقل والحرية، كما حدد له مشروعا مجتمعيا بمواكبة لجنة علمية تتكفل بالقيام بعملية مسح وطني للقيم، وإجراء أبحاث جهوية للقيم لدى الشباب.