سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
اليوسفي أشر على شهادة وفاة «لوجورنال» باستعمال الفصل 72 من قانون الصحافة الذي استعمل في السبعينيات من أجل منع صحافة المعارضة بوبكر الجامعي تناول وجبة غداء في لقاء غير رسمي مع الوزير الأول السابق
صُنفت مجلة «لوجورنال» خلال العشر سنوات الأولى من نشأتها في خانة الصحافة المستقلة، المدافعة عن التوجه الديمقراطي المناهض لكل ما هو مخزني في المغرب. كما لعبت أدوارا مهمة إبان بداية العهد الجديد. ومع صدور كتاب «محمد السادس : سوء الفهم الكبير»، لأحد مؤسسي المجلة، الصحافي علي عمار، تم الكشف عن أسرار ومناطق ظل كان يجتمع فيها مؤسسو المجلة مع رموز دار المخزن ورجالات العهد الجديد. «المساء» تكشف أسرارا تنشر لأول مرة، من خلال سلسلة من الحوارات مع فعاليات ساهمت في تأسيس التجربة، وتعيد تجميع عناصر القصة الكاملة لمجلة اسمها «لوجورنال». إليكم التفاصيل... - تعتبر أن الأزمة التي عاشها مسلسل التناوب، ولازال، لم يكن سببها إدريس البصري فقط، لأن اليوسفي لم تكن له القدرة على فرض أي شيء على المؤسسة الملكية، هل وقعت لكم «اصطدامات» مع اليوسفي عندما كان وزيرا أول؟ > العلاقات مع عبد الرحمان اليوسفي كانت دائما صعبة جدا، في الجانب التحريري، لأنه إذا كان «لوجورنال» قد حيّا وصول الاشتراكيين إلى الحكومة سنة 1998، فسرعان ما وضع الأصبع على ملامح عدم التجانس بين سياسته العامة وقيم اليسار. اليوسفي كنا نراه كما لو أنه يبدد رأسماله الرمزي في سنوات المعارضة. من المؤكد أنه ساهم في مرحلة مهمة من تاريخ المغرب وأمن انتقالا للحكم بدون اصطدام، لكنه لم يمل على القصر شروطا في قضايا متعددة، أهمها مسألة فصل السلط، في الوقت الذي توفرت له فيه وسائل فعل ذلك. ولتبرير مواقفه، تحدث اليوسفي عن اتفاق سري أبرمه مع الحسن الثاني وعن كونه أقسم على المصحف، لكنه لم يشكف يوما مضمون هذا الاتفاق، وهو ما أعتقد أنه بمثابة سبة في حق جميع من كانوا يرون فيه رمزا للانفتاح الديمقراطي للبلاد.. إنه خان المُثل السياسية لحزب الاتحاد الاشتراكي. وهذا يثبت شيئا واحدا على الأقل هو أن اليوسفي كان فعلا ثوريا سابقا، لكنه لم يكن ديمقراطيا حداثيا. - إحك لنا بعض ما واجهتموه في فترة تواجده على رأس الحكومة؟ > بالتأكيد، واجهنا صعوبات خلال فترة قيادته للحكومة ولاسيما في أعقاب نشرنا للرسالة الشهيرة التي بعث بها إليه الفقيه البصري سنة 1974 والتي تكشف تورط اليسار في انقلاب سنة 1972، فقد تعرضت «لوجورنال» سنة 2000 للمنع إثر نشر تلك الرسالة التي حملت الدليل على أن اليسار، المنحدر من الحركة الوطنية، لم يتورع -في سبيل الإطاحة بالحسن الثاني- عن التوافق مع أوفقير، رغم أن هذا الأخير متورط في اختفاء المهدي بنبركة. اليوسفي أشر على شهادة وفاة «لوجورنال» باستعمال الفصل 72 من قانون الصحافة، وهو الفصل ذاته الذي استعمل في السبعينيات من أجل منع صحافة المعارضة. وظل اليوسفي يثير حفيظة «لوجورنال» في مجموعة من المواضيع، إذ لم يفعل أي شيء يذكر بخصوص قضية المهدي بنبركة، وأعفى سعيد السعدي، الوزير في حكومته، الذي وضع أرضية خطة إدماج المرأة، مقدما بذلك هدية للقصر تمثلت في تكفل الأخير بقضية مدونة المرأة. أما في ما يخص حرية الصحافة، فقد دشن الوزير الأول السابق سلسلة من قرارات المنع التي طالت بعض الصحف، كما عمد إلى تطبيق عقوبات حبسية في حق صحافيين. وبالمقابل، لم يقم بأي إصلاح على مستوى تحرير الحقل السمعي البصري. كما لم يفعل شيئا بخصوص قضية الصحراء المغربية وترك للقصر أن يجعل منها مجالا خاصا مع وزير خارجيته آنذاك محمد بنعيسى. في المجال الاقتصادي، الإصلاحات الكبرى بادرت إليها الحكومة التقنوقراطية بقيادة عبد اللطيف الفيلالي (الإصلاح البنكي، الضريبة على القيمة المضافة، الخوصصة، قانون الضريبة على الشركات،..)، في ذلك العهد الذي كان فيه الاتحاد الاشتراكي يرفض عبارات التناوب المقترحة من طرف الحسن الثاني، وكان يناهض فيه الخوصصة وينتقد التوجهات المقترحة من طرف مجموعة الأربعة عشر، ومجموعة الخبراء الذين أناط بهم الحسن الثاني مهمة التفكير في استراتيجية لتنمية البلاد، حتى إن فتح الله ولعلو، وزير الاقتصاد والمالية السابق، لم يفعل شيئا غير تثمين توجهات التقنوقراطيين إلى درجة تقبله لتقليص اختصاصاته لفائدة صندوق الحسن الثاني الذي يسيره القصر بشكل مباشر. والنتيجة أن اليوسفي كان قلقا من تسليط الضوء، من طرف «لوجورنال»، على مكامن مسؤوليته عن التصاعد القوي لما سميناه ب«تيقنو مخزن» الذين كثر عددهم في ولاية اليوسفي في الحكومة. - واكبتم مرحلة التناوب التوافقي بمعالجة خاصة للمواضيع المرتبطة به... > في بدايات «لوجورنال»، لم يكن جمال براوي، الذي تولى لبعض الوقت مهمة مدير التحرير، يخفي ميله الشخصي إلى محمد اليازغي في المواضيع المرتبطة بالاتحاد الاشتراكي، في الوقت الذي كان فيه علي لمرابط ينشر ملفات نارية بخصوص المعتقلين المغاربة المنسيين في تيندوف، وأجرى حوارات مع أبراهام السرفاتي تركز على قضايا حقوق الإنسان... أما بوبكر الجامعي، الذي يتوفر على تكوين جيد في المجال الاقتصادي وخبرة في الميدان المالي لتجربته المهنية في البنك، فلم يبرز فقط عدم قدرة اليوسفي على تدبير الأوراش الخاصة بهذه القطاعات، بل عالج أيضا هذه القضايا من زوايا سياسية مستقلة عن الاعتبارات الحزبية. وفي هذا الإطار، أعطينا الكلمة، في أعمدة المجلة، لأعضاء من الشبيبة الاتحادية، ومنهم محمد حفيظ الذي كان يناضل داخل اليسار من أجل إصلاحات عميقة شهدت حظرا في عهد اليوسفي. - هل سبق لكم أن التقيتم اليوسفي في لقاءات غير رسمية؟ > لم يسبق أن كانت لي مقابلات خاصة مع اليوسفي. ولا أعتقد أن هذا الأمر ينطبق على بوبكر الجامعي، وأتذكر أنه تناول معه وجبة غداء في لقاء غير رسمي بدعوة تلقاها من إحدى السفارات، وذلك بعد أن غادر موقعه في الوزارة الأولى، وحضر اللقاءَ الصحافي جان لاكوتير. - هل من علاقات أخرى كانت تجمعكم ببعض القياديين في حزب الاتحاد الاشتراكي؟ > كنا قريبين أكثر من التيار الإصلاحي في اليسار بجميع مكوناته، وخصوصا من محمد الساسي ومحمد حفيظ، وكذلك من منظمة العمل الديمقراطي الشعبي، وفي وقت لاحق من الحزب الاشتراكي الموحد، إضافة إلى عدد من المدافعين عن قضايا حقوق الإنسان والحريات عموما. في هذا الصدد، أريد أن أدقق في مسألة مهمة تفاديا لأي خلط: اللقاءات بين مولاي هشام ومحمد حفيظ ليس لها أي ارتباط بالعلاقات المالية التي كانت تجمع الأمير ببعض الصحافيين. وبالتالي، فإن سياق اللقاءات ومكانها والمواضيع التي تناقش خلالها لا يمت بصلة إلى لقاءات الأمير بأولئك الصحافيين، إضافة إلى أن محمد الساسي لم يسبق له أن حضر إلى مثل هذه اللقاءات.