امتلاك الكلاب طقس أجنبي، وبالتحديد غربي. في الولاياتالمتحدة يعتبر امتلاك «كلب رئاسي»، والذي يطلق عليه «الكلب الأول» كما يقال السيدة الأولى، قضية دولة. لا تدخل الكلاب اللقيطة أو الهجينة إلى البيت الأبيض. من جورج واشنطن إلى باراك أوباما، احتضن الرؤساء الأمريكيون، بدون استثناء، وربوا كلابا للاستئناس والمعاشرة. على سبيل المثال، كان بحوزة الرئيس جورج واشنطن العديد من الكلاب، تلقى البعضَ منها هديةً من الجنرال الفرنسي لافايات. وفي مذكراته، أشار جورج واشنطن إلى أن أحد هذه الكلاب جند لمهمة إشباع فورة كلبته المفضلة التي كانت تعرف باسم مادام موس، أي «الكشكوشة». روزفيلت كان يملك كلابا بأسماء جاك، سكايب وسكامبو؛ وقد طهر هذا الأخير البيت الأبيض من الفئران. فيما امتلك الرئيس كينيدي كلبا باسم شارلي الذي أنجب مع الكلبة بوشينكا، وكانت هدية من الرئيس خروتشوف إلى كارولين ابنة كيندي، أربعة كلاب. ليبيرتي كلب جون فورد، غريتز، كلب جيمي كارتر، ريكس كلب رونالد ريغان، ميلي كلبة جورج بوش الأب، التي اختارتها مجلة «واشنطنيان»، حينها، ك»أبشع كلبة للسنة». بودي كلب كلينتون، كان لجورج بوش الابن الكلبة سبوت والكلب بارني، اللذان تمت صيانة وتحديث مواقعهما الإلكترونية من جيب المواطن الأمريكي. وأخيرا، الكلب بوبو الذي خصه باراك أوباما بفقرة خلال تقلده للمهام الرئاسية. في فرنسا، نكتفي ببعض الأمثلة: بالتيق كلب الرئيس فرانسوا ميتران، سومو كلب جاك شيراك، الذي يعاني من حالة اكتئاب و»عض مولاه» مؤخرا. أو كلاب نيكولا ساركوزي، كلارا، (عدم خلطها مع كارلا زوجته)، ديمبلودير والكلبة إيسترى. وفي الوقت الذي يهدي فيه رؤساء الدول الإفريقية أو العربية مجوهرات وقطعا أثرية وسيوفا مرصعة بالماس، تهدي بلدان متقدمة الكلاب لزوارها. إن كان الرؤساء العرب لا يملكون الكلاب، ما عدا كلاب الصيد التي تعزل في أقفاص، فإن تبنيها العائلي في بلادنا حصر على «ناس الفوقي»، الذين يعالجون نزوات ودلع أبنائهم وبناتهم باقتنائهم وتربيتهم لكلاب في أسماء جاكسون، ليلي، ديجي وان. وقد تسربت عدوى امتلاك الكلاب وتربيتها إلى بعض المهاجرين في فرنسا على الرغم من ضيق السكن. وتعتبر حالة ميلودة العونية مثالا لقوم لا يعقلون.. تشتغل «قوطابلية» في أحد المستشفيات بالضاحية الباريسية؛ تعيش وزوجها بوزكري بالطابق التاسع بإحدى العمارات الإسمنتية؛ وكل صباح تنهال عليها زميلات العمل بالسؤال: متى تربين كلبا يخفف عليك «الستريس» وتفاهة التلفزيون؟ وفي أحد الأيام، رفعت التحدي وقبلت عرض إحدى زميلاتها بمنحها كلبة تستجيب لجميع المتطلبات الصحية، بكناش صحي يتضمن معلومات عن الأصل، النوع، الوزن.. إلخ. وفي المساء لما دخلت على بوزكري، حملق فيها مندهشا قبل أن يسألها بنبرة قاسية: «ميلودة راكي هازة مجحوم؟». أنزلت الكلبة إلى الأرض لتجيبه: أولا، راها كلبة واسمها لوسي؛ ثانيا: ما تدخلش في سوق لكلاب». وبما أنها مستقلة ماديا، البيت والسيارة في اسمها والراتب يفوق راتبه، «طيح كواريه» مؤقتا ونصب في ذهنه مخططا محكم الغرز. لمدة شهر ونصف، أي إلى غاية سفرهما إلى «نزالت لعظم» بنواحي مراكش لقضاء عطلة الصيف. المهم أنه في اليوم الموعود للسفر، أعدت ميلودة الأغراض الضرورية لكي تقوم لوسي على متن السيارة برحلة من دون إزعاج.. وهكذا كان؛ إلى أن اقتربا من بنجرير، إذ بدل أن يأخذ الغزواني الطريق السيار، التحق بالمدينة عبر الطريق الثانوية القديمة بحجة القيام باستراحة وتناول قضيبات وكوتليتات. لما نزلت ميلودة لأخذ راحتها في دورة المياه. أخرج الغزواني الكلبة من كيسها ليبتعد بها إلى الخلف بالقرب من كلاب هارفة تلهث تحت مفعول الصهد. وضعها على الأرض قبل أن يخاطبها: «سيري تلعبي تكشبيلة مع أولاد عمك». وهكذا تبعت لوسي كوكبة الكلاب التي اقتادتها في اتجاه البرية. ولولت ميلودة، ناحت وبكت، وانهالت سبا وشتما على بوزكري، فيما هو واقف أمام المشواة. ولما تحلق من حول ميلودة بعض زبناء المشاوي ليسألوها عن سبب المصاب أجابتهم: «طارت الكلبة يا ميمتي». واساها شخص بشارب كث، يبدو أنه جزار أو سائق شاحنة: «الخير موجود هنا آللا. إلى ما كفاتك كلبة نزيدوك كلب!».