صُنفت مجلة «لوجورنال» خلال العشر سنوات الأولى من نشأتها في خانة الصحافة المستقلة، المدافعة عن التوجه الديمقراطي المناهض لكل ما هو مخزني في المغرب. كما لعبت أدوارا مهمة إبان بداية العهد الجديد. ومع صدور كتاب «محمد السادس : سوء الفهم الكبير»، لأحد مؤسسي المجلة، الصحافي علي عمار، تم الكشف عن أسرار ومناطق ظل كان يجتمع فيها مؤسسو المجلة مع رموز دار المخزن ورجالات العهد الجديد. «المساء» تكشف أسرارا تنشر لأول مرة، من خلال سلسلة من الحوارات مع فعاليات ساهمت في تأسيس التجربة، وتعيد تجميع عناصر القصة الكاملة لمجلة اسمها «لوجورنال». إليكم التفاصيل... - أين كانت تنتهي حدود العلاقة بين الأمير مولاي هشام والصحافيين الذين يلتقيهم في جلسات خاصة؟ > علاقات صحفيي «لوجورنال» بالأمير مولاي هشام لم تكن تتجاوز النقاش السياسي، لكن مع صحافيين آخرين كانت العلاقة تتجاوز هذه الأشياء. - لكنك تقول في كتابك إنكم رفضتم أن يشتري مولاي هشام حصص المساهمين في «لوجورنال»... > لا، نحن لم نرفض، كنا متفقين داخل «لوجورنال» على البيع للأمير، حيث كانت الشركة التي تصدر الأسبوعية تمر من مراحل جد حرجة على المستوى المالي سنة 2004، وقلنا حينذاك إن البيع لمولاي هشام هو الوسيلة الوحيدة التي قد تمكن «لوجورنال» من الاستمرار، وكان ذلك باقتراح من الأمير نفسه. تم تقييم الشركة، وقبل ذلك كان لدينا شرط واحد كي تتم عملية البيع للأمير هو أن تتم العملية بشكل علني، بحيث يتم عقد ندوة صحافية بحضور الأمير مولاي هشام، يتم فيها إخبار الرأي العام بالصفقة وعرض المبلغ الإجمالي للبيع، واتفقنا على المبلغ... - بكم كنتم ستبيعون «لوجورنال إيبدومادير»؟ > لا يمكنني أن أكشف عن المبلغ ولكن يمكن أن أقول لك إنه كان يقدر بعشرات ملايين الدراهم... - هل اختلفتم حول المبلغ؟ > لم يكن هناك اختلاف كبير حول المبلغ، حيث رتبنا موعدا مع الأمير، وسافرت إلى سويسرا إلى جانب بوبكر الجامعي وفاضل العراقي للقائه، لكن مستشاره القانوني، الذي وجدناه ينتظرنا، أخبرنا بأنه لن يتمكن من حضور اللقاء، فتباحثنا معه ومع الأمير أيضا الذي انضم إلى الاجتماع عبر الهاتف وتتبع أطواره مباشرة. لكن ذلك لم يكن كافيا، إذ توجهنا بعد انقضاء الاجتماع إلى باريس حيث كان مولاي هشام في انتظارنا بأحد فنادق العاصمة الفرنسية باريس وتناولنا وجبة العشاء بشكل جماعي. وكانت خلاصة الاجتماع أنه رفض أن يخرج إلى الٍرأي العام الوطني عبر ندوة صحافية مشتركة ليعلن عن شراء «لوجورنال إيبدومادير»، ولم يخف رغبته في إيجاد وسيلة لمساعدة المجلة، لكن كان هناك عائقان: الأول يكمن في القيمة المالية للمؤسسة، والثاني يتلخص في رفضه الخروج إلى الصحافة لإعلان الصفقة. - هل كانت القيمة المالية للمجلة مرتفعة؟ > كان سعرا عاديا... - هل اعتبرها الأمير مرتفعة؟ > نعم كان هناك اختلاف حول القيمة المالية للبيع. - يروج أن اجتماعكم مع الأمير في باريس جرى في جو ساده التوتر؟ > لم نتوصل إلى اتفاق حول البيع. وبعد انقضاء الاجتماع، سحبني الأمير جانبا ليتحدث إلي على انفراد، واقترح علي المساعدة عبر صندوق خارجي للاستثمار، قائلا بالمقابل إنه إذا ساهم في رأسمال شركتنا فإنه بذلك سيعرقل أكثر مستقبل «لوجورنال». - علاقة «لوجورنال» بالأمير عرفت تحولا بعد تعقيب أبوبكر الجامعي عليه بخصوص دعوته إلى خلق مجلس العائلة الملكية في المغرب تيمنا بالنظام القائم في العربية السعودية؟ > انتقد أبوبكر الجامعي ما قاله الأمير مولاي هشام، وحدث خلاف كبير في الموضوع، حيث إننا ندافع عن مبدأ فصل السلط. قلنا له إن دعوته إلى إنشاء مجلس العائلة رسالة مباشرة تحمل في طياتها إشارة إلى أنه يبحث عن التموقع، وهذا ما يمكن أن يفهمه الناس ومن حقهم أن يقولوا إنه مرشح محتمل. هذا الموقف تسبب في إثارة غضب الأمير على الجامعي ووقع خلاف حول موقف هذا الأخير الذي لم يتجاوز النقاش السياسي. وقد اختلفنا معه في أكثر من مرة، وخصوصية هذه المرة أن هذا الموقف تم التعبير عنه بشكل علني. - كيف عرفتم أن الأمير غاضب؟ > تجليات غضبه بدت من خلال توقفه عن الاتصال الهاتفي بأبوكر الجامعي وقطعه للعلاقات، كما بدت من خلال المسافة التي وضعها بينه وبين «لوجورنال»... - هل بقي على اتصال بك؟ > نعم بقيت الاتصالات الهاتفية بيننا قائمة واعتبرتها سحابة صيف عابرة. كان هناك نقاش، والجامعي أخذ موقفا، وبعدها تدخل العراقي لتلطيف الأجواء ونجح في ذلك، وهكذا عادت العلاقات إلى سابق عهدها واعتبرنا الموضوع مجرد سوء تفاهم. وهذا يوضح أننا لم نكن معه في خندق ضد نظام معين، بل كنا معه لأنه كان يحب المناقشة، كما كنا مع فؤاد عالي الهمة، حيث كنا نناقش بحرية. - تقول في كتابك إن الأمير، خلال هذه المرحلة، حاول أن يفجر «لوجورنال» من الداخل ويخلق الشرخ بينكم وبين عنوانكم بالعربية «الصحيفة» بتمويل بعض الصحافيين ماديا... > بالتأكيد، طبيعة العلاقة التي كانت للأمير مع نور الدين مفتاح وبعض الصحافيين داخل «الصحيفة» وطبيعة المنحى الذي أخذته، اعتبرناها بمثابة موقف ضد «لوجورنال». ومما ساهم أكثر في حصول الشرخ معه الإعانة المادية التي قدمها إلى بعض الصحافيين، حيث اعتبرناها بمثابة رد فعل على الموقف الذي عبر عنه أبوبكر الجامعي... - من هم الصحافيون الذين حصلوا على إعانات مادية من الأمير مولاي هشام؟ > الأسماء معروفة، هذه الإعانات التي تسلموها من الأمير ساهمت في إضعاف «لوجورنال»، لكن الأمير كان يرد دائما بالقول إنه منح الإعانات لهؤلاء الصحافيين من أجل شراء منازل لهم. - كيف عرفت بأمر الشيكات؟ > عن طريق الصدفة، علمت بأنه عقد اجتماعا في ضيعته بتارودانت، حيث وقفت إلى جانب أحد الزملاء في مطار محمد الخامس لأخذ تذاكر للذهاب إلى باريس، وعندها أطلعتنا إحدى المضيفات على تذاكر بعض صحافيي «الصحيفة»، الذين سيتوجهون إلى أكادير. وعندما تكلمت مع الأمير مولاي هشام، سألته إن كان الأمر يتعلق بمشروعهم الجديد، فرد علي قائلا: «سأبعث إليك بشخص يشرح لك كل شيء». وفي اليوم الموالي، جاء عندي إلى المكتب المسؤول عن تدبير ضيعة الأمير مولاي هشام بتارودانت، وأطلعني على شيكات واعترافات بالدين موقعة من طرف بعض الصحافيين.