كانت الجالية المغربية بإيطاليا تعتقد أن الوزير الأول عباس الفاسي سيستغل زيارته لإيطاليا لعقد لقاء معها من أجل الاستماع إلى مشاكلها المتراكمة ملفاتها لدى الوزارة المكلفة بالهجرة، لكن سرعان ما تبدد هذا الاعتقاد ليتحول إلى خيبة أمل بعد أن تأكد أبناؤها أن الزيارة ستقتصر فقط على جهة أبروتسو (وسط إيطاليا) لتفقد البعثة الرياضية المغربية المشاركة في ألعاب البحر الأبيض المتوسط بمدينة بيسكارا الإيطالية في دورتها ال16 التي أعطى رئيس مجلس الشيوخ الإيطالي سكيفاني انطلاقتها ليلة الجمعة الماضية. أول شيء قام به عباس الفاسي، الذي كانت ترافقه وزيرته في الشباب والرياضة نوال المتوكل والسفير المغربي بروما نبيل بنعبد الله، هو لقاء المنظمين الإيطاليين للمنافسات المتوسطية قبل توجهه، صحبة وسائل الإعلام المغربية الرسمية، إلى القرية المتوسطية بمدينة كييتي (إقليم بيسكارا) للقاء 215 مغربيا، بين رياضيين وحكام ومؤطرين، سينافسون ممثلي 22 دولة مطلة على البحر الأبيض المتوسط. كان اهتمام المسؤولين المغاربة منكبا على مدينتي بيسكارا وكييتي في الوقت الذي كانت فيه المدن الإيطالية الأخرى، خصوصا بالشمال، تشهد معاناة حقيقية لأبناء الجالية في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها أوربا، وإيطاليا بشكل خاص، فغالبيتهم أصبحت غير قادرة على مواجهة تكاليف الحياة وتدبير مصاريف العودة إلى أرض الوطن في عطل الصيف، خصوصا وأن شركات النقل المغربية ضاعفت من أثمان خدماتها في هذه الفترة من السنة بشكل غير مسبوق: «900 يورو لنقل السيارة ذهابا وإيابا إضافة إلى 300 يورو للشخص الواحد»، هكذا يقول لك المسؤولون عن شركة النقل «كوماناف» إذا أردت حجز مكان لك على ظهر باخرتهم الوحيدة التي تبحر من جنوة إلى طنجة. فمن لا يتوفر على هذا المبلغ من أبناء الجالية يفضل إما البقاء بإيطاليا أو ترك السيارة هناك للبحث عن تذكرة سفر عبر الطائرة للاستفادة من تخفيضات الاتفاقية التي أبرمت مؤخرا بين الوزارة المغربية المكلفة بالهجرة والخطوط الملكية المغربية. لكنهم كانوا يصابون بصدمة كبيرة عندما يتوجهون إلى وكالات الأسفار بإيطاليا، حيث تؤكد لهم هذه الأخيرة أنها لم تتوصل بأية معلومة من الخطوط الملكية تفيد بأن هناك اتفاقية سارية المفعول تساهم في تخفيض أثمان التذاكر لصالح أبناء الجالية الراغبين في العودة إلى أرض الوطن. الكل كان يستفسر عن تفاصيل هذه الاتفاقية وفوائدها وتأثيرها على أثمان «لارام» إلى حد الالتجاء إلى القنصليات التي كان لمسؤوليها جواب واحد وهو: «لا نعلم شيئا عن الموضوع». وللحصول على تفاصيل تتعلق بالاتفاقية كان لنا اتصال بالمسؤول التجاري المغربي للخطوط المغربية بإيطاليا الذي أكد أن هناك، فعلا، اتفاقية سارية المفعول لتخفيض أثمان التنقل عبر طائرات شركته، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن ارتفاع أثمان «لارام» في هذه الفترة من السنة يبقى أمرا منطقيا نظرا إلى ارتفاع الطلب على تذاكرها بسبب موسم عودة مغاربة الخارج إلى أرض الوطن. كلام المسؤول عن الشركة أثار تساؤلات ظلت تكررها غالبية أبناء الجالية بإيطاليا: «ما فائدة الاتفاقية التي أبرمتها «لارام» مع وزارة محمد عامر؟ وأين هي التخفيضات التي يروج لها بعض وسائل الإعلام المغربية لمساعدة المتأزمين من أبناء الجالية المقيمين خارج الوطن؟ وأين الاهتمام بمغاربة الخارج الذي يتحدث عنه المسؤولون المغاربة؟