اتهم حزب العدالة والتنمية مسؤولين أمنيين باختطاف مستشارين جماعيين متحالفين معه في محاولة لتشتيت الأغلبية التي كونها الحزب بعيد انتخابات 12 يونيو لرئاسة بلدية وجدة. وفي هذا السياق، قال عبد العزيز أفتات، النائب البرلماني عن المدينة وعضو الأمانة العامة للحزب في اتصال مع «المساء»، إن الأجهزة الأمنية، وبعدما تأكد لها أنها فشلت في التحكم في تشكيل المجلس البلدي وفق ما تريده، أقدمت، أول أمس، على خطوة غير متوقعة، عندما حاصرت منزله الذي كان يعتصم فيه 12 مستشارا من تحالف حزبي يضم منتخبين من العدالة والتنمية والحركة الشعبية ومنشقين من الأصالة والمعاصرة، مشيرا إلى أن الأجهزة الأمنية اتهمته باحتجاز مستشارين جماعيين بناء على شكاية كيدية. وأوضح أفتاتي غاضبا أنه مستعد للتخلي عن حصانته البرلمانية وتقديم استقالته من البرلمان حتى تستمع إليه الشرطة القضائية بخصوص اتهامات اختطافه لمستشارين، مستغربا في الوقت نفسه كيف أن الأجهزة الأمنية اتهمته باحتجاز مستشارين دون أن تستدعيه للاستماع إليه بخصوص هذه التهمة. وقال أفتاتي إنه لا يعرف إلى حد الآن كيف أن الشرطة القضائية، وبعد الاستماع إلى بعض المستشارين من التحالف، لم تطلق سراحهم، وإنما قامت بتسليمهم إلى مصالح الاستعلامات العامة للضغط عليهم من أجل التصويت لفائدة مرشح السلطة، مضيفا أن لديه الأدلة الكافية التي تثبت «تورط» جهاز الاستعلامات العامة في محاولة تشتيت أغلبية حزبه بشتى الطرق. وطوقت الأجهزة الأمنية منزل أفتاتي بعد شكاية تتهم الحزب المعارض ب «اختطاف مستشارين» وقامت بناء على ذلك بعيد صلاة الجمعة 26 يونيو بمحاصرة ملحقة حزب العدالة والتنمية بحي القدس بمدينة وجدة بما يفوق 300 رجل أمن، وكانت على وشك اقتحام المنزل لولا التفاهم الذي جرى بين ممثلي الحزب والسلطات القضائية بالمدينة. وأوضح أفتاتي أن نائب الوكيل العام للملك تعهد بإرجاع ال 12 مستشارا أو على الأقل من يرغب منهم في الرجوع بعد استجوابهم من طرف الأمن الإقليمي بخصوص تهمة «الاختطاف». ونفى عدد من المستشارين المتحالفين مع «العدالة والتنمية» ما راج عن اختطافهم وقالوا إن وجودهم بمقر الحزب الإسلامي المعارض تم بمحض إرادتهم لتعزيز التحالف بينهم. وشرح المستشار عبد العزيز احميميدة، أحد المنضمين حديثا إلى حزب العدالة والتنمية بعدما انسحب من حزب الأصالة والمعاصرة، في اتصال مع «المساء» ما حدث بقوله: «عدنا برفقة مستشاري تحالف العدالة والتنمية والحركة الشعبية إلى مقر الحزب المعارض بعد تأجيل جلسة تشكيل المجلس البلدي، كما تواصلنا مع عائلاتنا عبر الهاتف وزارنا بعضهم في المقر وأخذنا صورا تذكارية، وأنا أتساءل أين هو الاختطاف من كل هذا؟». ويضيف احميميدة «لقد أخبرت الشرطة القضائية بأنني كنت موجودا بمحض إرادتي بمقر العدالة والتنمية ولست مختطفا ووقعت على محضر بذلك، لكنني لاحظت أنهم أخذوا بعضا من ال 12 مستشارا إلى مكان منعزل داخل مفوضية الشرطة بوجدة». وفي السياق نفسه، قال وكيل لائحة الحركة الشعبية مصطفى بن عبد الحق إنه دخل وباقي مستشاري حزبه عن طيب خاطر إلى مقر العدالة والتنمية بغية تعزيز التحالف بينهما، وأن تهمة الاختطاف لا أساس لها من الصحة، مشيرا إلى أنه شرح كل هذه الأمور بتفصيل للشرطة القضائية. وفي مفارقة مثيرة، أكد بن عبد الحق ل «المساء» أن ما أثار استغرابه هو أنه تقدم برسالة كتابية إلى وكيل الملك بوجدة قبل الالتحاق بفريق العدالة والتنمية «أشرح له فيها أننا سنجتمع نحن مستشاري الحركة الشعبية مع مستشاري العدالة والتنمية بملحقة هذا الأخير وأن ذلك يتم بمحض إرادتنا، غير أننا صعقنا حينما رأينا الحضور الأمني المكثف الذي كان على وشك اقتحام المنزل وإخراجنا منه بالقوة». ووصف وكيل لائحة الحركة الشعبية ما جرى بأنه «ضرب للديمقراطية واستهانة بالعملية السياسية» مبرزا أن ما جرى للمستشارين من طرف الأمن هو «الاختطاف الحقيقي حيث لبثنا داخل المفوضية من 6 مساء إلى حوالي 4.30 صباحا». وفجرت فدوى منوني، مستشارة بفريق الحركة الشعبية «مفاجأة مثيرة» حينما كشفت في اتصال مع «المساء» أن المخابرات والاستعلامات العامة ضغطت عليها أثناء الاستماع إليها لئلا تبقى في تحالف العدالة والتنمية. وقالت منوني «إن الاستماع إليها بدأ عاديا ثم سرعان ما تحول إلى نوع من الضغط حيث أخبرونا بأن حزب العدالة والتنمية يشكل خطرا على الدولة، وأن هناك «تعليمات سامية» بأن لا يرأس مجلس بلدية وجدة، وأنه يضم متطرفين لذلك يجب عدم التحالف معهم». وبخصوص ما دار بينهم وبين أجهزة المخابرات، فسر نور الدين بوبكر، محامي الحزب المعارض، ما جرى بقوله إن «السلطات وبعدما تأكد لها أن ال 12 ليسوا مختطفين لجأت إلى أجهزة المخابرات للضغط عليهم ودفعهم للتحالف مع الأصالة والمعاصرة حيث أحضروا المستشار إدريس أقديم خلال عملية الاستنطاق وكانوا يطلبون من المستشارين الخمسة التفاهم معه». ولم يعرف لحد الآن مصير بعض من المستشارين حيث يروج أنه تم نقلهم إلى «أماكن آمنة» ليكسروا تحالف العدالة والتنمية بحسب روايته. واحتل العدالة والتنمية المرتبة الأولى في انتخابات 12 يونيو ب 21 مقعدا، متبوعا بحزب الحركة الشعبية التي حصدت 14 مقعدا، والاستقلال الذي فاز ب 13 مقعدا، بينما فاز حزب الأصالة والمعاصرة ب 16 مقعدا.