بعد إنهائه التسجيل في الأقسام التحضيرية العليا للمهندسين بالرباط، يستعد كمال لقضاء فترة التخييم في الوليدية رفقة صديقيه، للاستمتاع بالبحر ونسيان فترات التحضير للبكالوريا التي استنفدت قواه في الشهور الماضية.. «التخييم بالنسبة إلي مسألة حيوية تمتد إلى سنوات الطفولة، وبفضله أصبحت قادرا على الاعتماد على نفسي والإحساس بالاستقلالية» يقول كمال، ويتابع: « نحن في حاجة إلى تحديد أماكن خاصة بالعائلات تكون بعيدة عن أماكن الشباب، وكذلك السماح بالتخييم في مناطق أخرى غير المسموح بها حالياً والتي لا تؤثر على البيئة لما في ذلك من إيجاد فسحة للكل بإقامة المخيمات وخصوصاً للعائلات التي تتحرج من إقامة مخيماتها في الأماكن المكتظة بالشباب وتبحث عن الخصوصية». توفر المخيمات المنتشرة في العديد من المدن المغربية للمنخرطين فيها فرصة تلبية حاجياتهم في الترفيه عن أنفسهم وقضاء عطلة في ظل شروط تربوية وبيداغوجية. تستمد هذه المخيمات الإقبال الذي تعرفه من الأولوية التي تعطيها للأطفال من الفئات الاجتماعية الضعيفة أو المحرومة. ولا يخفي عدد من الشباب الذين يصنفون من هواة التخييم البري بأنهم ينتظرون إنهاء الامتحانات وقدوم فصل الصيف بفارغ الصبر لأنهم يستمتعون بكل دقيقة يقضونها في المناطق الجبلية والشاطئية المغربية، والتي يتخذونها موقعا لمخيماتهم التي غالبا ما تكون مجهزة بكافة المتطلبات اللازمة لممارسة حياتهم اليومية مثل أماكن إعداد الطعام ودورات المياه والمغاسل وأماكن للنوم والجلسات. وقد طالبت الحركة الجماعات الحضرية بدعم التخييم بالمغرب، بتوفير الإمكانيات للجمعيات التي تنشط في هذا الحقل الترفيهي، أو بالمساهمة في تغطية تكاليف الأطفال، وتشجيع الشباب على الانخراط في هذا العمل التربوي بتمويل حاجياتهم، أو بالعمل على تأسيس فضاءات للتخييم ووضعها رهن إشارة العاملين في الميدان التنشيطي والتربوي، مما سيمكن المؤسسة التخييمية حسب الحركة من احتلال مكانة متميزة، كما سيمكن العمل الجماعي الاجتماعي من تطوير أهدافه. وأعلنت وزارة الشباب والرياضة مؤخرا أنه في إطار عملية التخييم 2009، تم الرفع من عدد المراكز المفتوحة للتخييم إلى 42 مركزا عوض 37 خلال السنة الماضية. وبرمجت الوزارة برسم الموسم الحالي ستة فضاءات لاحتضان نشاط التخييم الخاص بأطفال مراكز حماية الطفولة والبالغ عددهم 1250، ويتعلق الأمر بفضاءات مخيمات الهرهورة تمارة (550 مستفيدا)، أركمان بالناظور (100 مستفيد)، والغابة الدبلوماسية بطنجة (200 مستفيد)، والصويرية بآسفي (150 مستفيدا)، والانبعاث بأكادير (100 مستفيد)، والحوزية بالجديدة (150 مستفيدا). لا يضيع كريم فرصة السفر إلى أكادير لقضاء عطلته الصيفية في مأوى الشباب الواقع وسط المدينة، ليلتقي بأصدقائه المغاربة والأجانب، والسفر إلى المناطق القريبة من أكادير من أجل التخييم والاصطياف. يرى هذا الشاب أنه يفضل التنزه في أكادير وقضاء أوقات ممتعة وجميلة فيها، مستفيدا من الأجواء المعتدلة في فترة النهار والمائلة إلى البرودة أثناء الليل. ويضيف: «موسم التخييم موسم للتغيير في أسلوب الحياة اليومية المملة وهو فرصة للالتقاء مع أصدقائي وقضاء أوقات ممتعة معهم». وهناك 14 مأوى للشباب في المدن الرئيسية المغربية تستقبل أغلب النزلاء من أستراليا وكندا والدانمارك وفرنسا وألمانيا واليابان والمملكة المتحدة ومصر وتونس. ويحقق المغرب قرابة 30 ألف ليلة مبيت وتستقبل المآوى المغربية وافدين من 65 جنسية عالمية سنويا. مأوى الشباب هو مجمع يلتقي فيه الشباب من مختلف المدن والأقطار على الصعيد الوطني والعربي والدولي ويوفر لهم فرص التعارف والتحادث إضافة إلى أهدافه الثقافية والاجتماعية والتربوية والرياضية. وينظم كل مأوى رحلات استكشافية داخل المغرب وأسفارا إلى الأقطار الأخرى بأثمان مناسبة وتبادل الوفود بين المغرب والدول الصديقة. يشارك المأوى ماديا ومعنويا في المشاريع الوطنية ويشجع الفنانين والرياضيين ويعلم الشباب حكمة «اخدم نفسك بنفسك»، ويعتبر بالتالي مدرسة لشباب الأمم برمتها حيث يسعى بكل مجهوداته إلى توصيلهم إلى معرفة أفضل بالعالم ولاستحسان القيم الأخلاقية على مستواها الرفيع في جو خال من كل الاعتبارات العرقية والجنسية واللونية. وقد انضم المغرب إلى الجمعية الدولية لمآوى الشباب عام 1936عندما افتتح أول مأوى في الدارالبيضاء، ثم أصبح المغرب بعدها بسنوات أول بلد إفريقي وعربي يملك فدرالية مآوى الشباب خاصة به. ظهرت حركة مآوى الشباب لأول مرة في ألمانيا على يد المدرس ريتشارد شيرمان سنة 1907، حيث ولدت لديه الفكرة أثناء الرحلات الدراسية التي كان ينظمها لتلامذته، وهي استعمال أقسام مدارس المدينة المضيفة قصد الإيواء بتكاليف رمزية. ظهر أول مأوى للشباب سنة 1909 بقلعة التنا بألمانيا لتنتشر الفكرة بعد ذلك في جميع أنحاء ألمانيا ثم باقي دول أوربا قبل أن تصبح عالمية. ويضم الاتحاد الدولي حاليا أكثر من 72 جمعية عضوا تنتمي إلى 60 بلدا. وانتشرت عملية إنشاء المآوى عبر ألمانيا، ثم في البلدان الأوربية، وفي الثلاثينيات تم خلق الاتحاد الدولي لمآوى الشباب، وبعد الحرب العالمية الثانية أصبح لفكرة إنشاء المآوى صدى واسع على الصعيد العالمي.